“شَكْوَى أَبُو قِردَانِ المِصْرِي”.. شعر: محمّد فايد عثمان
شَكَى إِلَىَّ وَجَوفُ الصَّدرِ كَالمِرجَلْ
وَفِي الشِّفَاهِ مَسِيلُ المُرِّ والحَنْظَلْ
فَقُلْتُ : صَبْرًا (أَبَا قِردَانِ ) لَا تَعْجَلْ
فَـ (اللهُ) حَييٌ وَعَينُ (اللهِ) لا تَغْفَلْ
إِنْ ضَاقَتِ اليَومَ إِنَّا فِي انْتِظَارِ غَدٍ
وَالرِّزقُ بِالعَدلِ مَقْسُومٌ فَلَا تَوجَلْ
لَكِنَّمَا ( جَاهِلٌ ) بِالحُمْقِ ضَيَّقَهُ
إِنَّا لَنَا ( اللهُ ) مِنْ غِرٍّ إِذَا يَجهَلْ !
وَمَا لَدَيْنَا بِغَيْرِ الصَّبْرِ مِنْ سَبَبٍ
فَلْتَحْمَدِ (اللهِ) وَلْتَصبِرْ أَبَا مِنْجَلْ
فَقَالَ سَبْعُونَ عَامًا مَا صَبَرتُ لَهَا
إِلَّا اقْتَضَت مِنِّى الأَوْغَادَُ مَا تَأْمَلْ
فِي أَرضِ مِصرَ الَّتِي الرَّحمَنُ بَارَكَهَا
يَدُورُ جَائِعُهَا فِي السُّوقِ مَا حَصَّلْ
وَيَعْلَمُ ( اللهُ ) والتَّارِيخُ شَاهِدُنَا
مَنْ حَطَّ مِنْ قَدرِهَا مِنَّا وَمَن بَجَّلْ ؟
قَدْ نَامَ عَنْ حَقْلِهِ الفَلَّاحُ مُضْطَجِعًا
لَا يَحْرُثُ الأَرضَ .. لا يَهْتَمُّ لا يَحفَلْ
مَنْ ذَا يُصَدِّقُ فِي يَومٍ يُبَاعُ لَنَا
رَطلٌ من الدُّودِ بالمِيزَانِ أو نَكَتَلْ
وَمَنْ تَخَيَّلَ فِي يَومٍ .. وَيَعقِلُهَا
أَنَّا نَدُورُ عَلى الأَبوَابِ كَي نَسْأَلْ
فَمَرَّ مَا بَيْنَنَا مُسْتَنْكِرًا ( سَلَفِي)
مُمَزَّقَ الثَّوبِ يَلْوِي فِي يَدٍ مِغْزَلْ
وَقَالَ مَا نَالَكُمْ فِي الرِّزقِ مِنْ عَنَتٍ
وَزَادَكُمْ ( رَبُّكُمْ ) ضِيقًا بِمَا أَثقَلْ
مِنَ الذُّنُوبِ الَّتِي حُمِّلْتُمُ وَبِهَا
عُوقِبتُمُ وَرَأَيْنَا حَقْلَكُمْ أَمْحَلْ
وَحَلَّ فِيكُمْ عَذَابُ اللهِ عَاقِبَةً
وَالآنَ لا نِيْلَ يَرْوِيْكُمْ وَلا مَنْهَلْ
هَذِي الذُّنُوبِ الَّتِي حَتْمٌ عُقُوبَتُهَا
كَانَت بِمَا حِدتُمُ عَنْ نَهْجِنَا الأَمْثَلْ
فَسَدَّ فِي وَجْهِنَا الأَبْوَابَ هَلْ بَقِيَتْ
مِنْ حِيْلَةٍ أَو يُفِيدَ الآنَ أَن نَعمَلْ ؟
وَجَاءَ يَصرُخُ ( عَلْمَانِيُّ ) فِي ثِقَةٍ
بَلْ ذَا فَسَادٌ بِمَاءِ النَّارِ لا يُغْسَلْ
لا بُدَّ مِنْ ثَورَةٍ .. وَالحَلُّ فِي يَدِكُمْ
هُبُّوا تُصِيبُونَ رَأسَ الشَّرِّ فِي مَقتَلْ
فَقَالَتِ امْرَأَةٌ شَمْطَاءُ : ( أَعشَقُهُ )
حَبِيْبُ قَلبِي وَ إِنْ ضِعنَا وَلَمْ نَأْكُلْ
فَطَارَ عَنَّا ( أَبو قِردَانِ ) مُعتَرِضًا
سِربَ الحَمَامِ ارجِعُوا فَالمَوتُ لِلأَعزَلْ
________________