تحت وطأة الصفقات الدولية المشبوهة، وتجارة البشر بمستقبل الشعوب، تتهاوى أحلام الاستقرار في القرن الأفريقي بين مطرقة الاعتراف الأمريكي المرتقب باستقلال أرض الصومال وسندان مخططات تهجير سكان غزة، ليصبح مصير الإنسان الأفريقى والعربى مجرد ورقة مساومة في أيدي القوى العظمى.
صفقة قذرة
كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أن إدارته تدرس الاعتراف باستقلال إقليم أرض الصومال الانفصالي في صفقة تقضي باستقبال الإقليم لنازحين من غزة، مما يمثل تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية التي ظلت لعقود تدعم وحدة الصومال.
ويأتي هذا الإعلان تتويجاً لاهتمام ترامب الواضح بالإقليم، حيث تزايدت الدعوات داخل المعسكر الجمهوري لدعم انفصال أرض الصومال وكان أبرزها دعوات النائب عن تكساس تيد كروز.
عدم احترام الاتفاقات الدولية
وحسب تقديرات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فإن سياسة ترامب الخارجية تعطي أولوية للمصالح الأمريكية المباشرة وتتسم بعدم احترام الاتفاقيات الدولية مع ميل واضح لتبني مقاربات تجارية في العلاقات الدولية.
لكن هذه الخطوة المحتملة تحمل مخاطر جسيمة على الاستقرار الداخلي في الإقليم الذي يتكون من نسيج قبلي معقد، حيث تهيمن قبيلة إسحاق على المشهد السياسي بينما تعاني قبائل أخرى مثل دير ودارود من التهميش وتفضل البقاء ضمن الدولة الصومالية.
اشتباكات دامية
وقد تفجرت هذه الاحتقانات في اشتباكات دامية بمدينة لاسعانود عاصمة محافظة سول، حيث شكلت عشائر دولبهانتي ووارسنجيلي إدارة مستقلة أعلنت ولاءها للحكومة الفيدرالية في مقديشو وتم الاعتراف بها رسمياً كولاية شمال شرقي الصومال في أكتوبر 2023.
وحذر الباحث المختص في الشؤون الصومالية ماركوس فيرجيل هونه من أن الاعتراف الأمريكي بأرض الصومال قد يؤدي إلى حرب أهلية جديدة في شمال الصومال، كما قد يفتح الباب أمام ولايات أخرى مثل بونتلاند وجوبالاند للمطالبة بحقوق مماثلة.
تهديد للمنطقة بأكملها
ويخشى مراقبون من أن يؤدي الاعتراف إلى تفكك الصومال تماماً خاصة في ظل الهشاشة السياسية للنظام الفيدرالي والتوترات القائمة بين الولايات والحكومة المركزية بعدما أعلنت بونتلاند مؤخراً مقاطعتها لمؤسسات الدولة الفيدرالية.
ورغم أن الخبير دانيال وورقو يرى أن أرض الصومال أكثر نضجاً مؤسسياً من الولايات الأخرى حيث تمتلك عملة وعلم وهيئات حكم ذاتي منذ 1995 إلا أن الاعتراف بها قد يشكل سابقة خطيرة تهدد استقرار المنطقة بأكملها.
وهكذا تقف الصومال على مفترق طرق مصيري حيث قد يؤدي الاعتراف الأمريكي المرتقب إلى إشعال حرب أهلية جديدة وتقويض جهود مكافحة الإرهاب وتعريض المصالح الأمريكية نفسها للخطر في منطقة تعتبر حيوية للأمن القومي الأمريكي.