صفوت بركات يكتب: الإرهاب الحقيقي.. إفساد الدين بالاقتصاد
كتبت في العاشر من فبراير 2015 تحت هذا العنوان «إفساد الدين بالاقتصاد» وقلت:
جحد كثير من علماء الأمة كثير من العلوم الحديثة ومنها إدارة الاقتصاد ونظرياته الحديثة وأثرها على حرب الدين وإفساد الأخلاق..
ودفع الناس لفقه الضرورة والرخص وجعل شرائح كبيرة من الشعوب ترزح تحت فقر مدقع وفي مجتمعات يسود فيها المترفين وتقصف آلته الإعلامية ليل نهار مواد إعلامية في شكل مسلسلات وأفلام وإعلانات للبضائع والمنتجات وتصنع الرغبات وتحاكى الشهوات فتؤجج نارها في صدور الفقراء وتضيق على العمل الطوعي والاجتماعي وكل روافد الدفاع الاجتماعي كجمعيات وغيرها من أعمال تطوعية لتلافي خطر السياسات الاقتصادية والتي تنتهجها الحكومات والمترفين بها.
مما يجعل الشعوب بين حاجات وضرورات وعجز فلم يكن أمامه سوى الحيل وطرق الكفاية عبر المحرم، وهذا وحده فقط يسقط القيم والأخلاق وفقد الثقة في التدين، ويدعوا الناس للكفر والإلحاد، خاصة إذا تصدر علماء دين في مشهد إصدار تلك السياسات ودعم القائمين عليها، دون معرفة الآثار المدمرة لها على القيم والأخلاق والعبث بهيكلة وبنية التركيبات المجتمعية وطبقاتها بحجة الصالح العام ومواجهة الأزمات،
أو حتى محاولة تسريع معدلات النمو الاقتصادي مع إغفال توسيع قاعدة النمو وتوسيع مردوده على أكبر كم من التعداد السكاني ومراعاة الطبقات منتهكة الحقوق والأوْلى بالرعاية لصالح نظريات اقتصادية من وضعها هم المترفين وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة ومراكز دراسات تنفق عليها تلك الشركات العابرة للقارات وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ووضع الاقتصاد سلاح في حرب الدين وإفساد الأخلاق ودهس القيم والأعراف والمقدس، ليس هذا فقط، ولكن استهداف طائفة وطبقة هي منوط بها حمل القيم والأخلاق والأعراف والتقاليد في المجتمع لهو أخطر تداعيات تلك السياسات الاقتصادية، وهى الطبقة الوسطى بالمجتمعات،
ثم يطالبونهم بتجديد الخطاب الديني ليناسب الفساد الخلقي والتحلل الديني أو العزلة الاختيارية أو الإرهاب الذي ينشأ بسبب تداعيات السياسات الاقتصادية ويتم تكييفه دينيا، لينسب إلى الدين والخطاب الديني عنوة،
وحتى لو وجد له منظرين فهم لا يتبعون العلل الحقيقية ولا سبرها سبرا يتحقق من مناطاتها الحقيقية وندور في فلك النيوليبرالية المتوحشة،
وفي أبشع صورها صناعة علماء يدجنون الناس بجهل لتلك المنظومة ولن يفتقدوا النصوص التي توضع في غير مناطها، والقصص التي تصنع الدعة والاستسلام، لتلك المنظومة الفاجرة، حتى تؤتى أكلها في هدم الدين عن طريق إفساد الشعوب، وهو إرهاب أشد وأخطر وأفتك بالشعوب من التطرف الديني، أو هو الأب الشرعي له وليس الدين وصناعة البيئة الحاضنة لصناعته.