مقالات

صفوت بركات يكتب: الانسلاخ من الدين

قبل عامين كتبت تحت هذا العنوان «اللهم أصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، أي ما يمنعني ويحفظني من الانسلاخ من الدين» هذه السطور:

ما من عبد مؤمن إلا وحبب إليه شعبة من شعب الإيمان التي هي فوق السبعين شعبة،

وقد لا يأتيها على وجه الكمال المطابق للسنة ولكنها في الغالب صوابها أعظم من خطئها ولكن نيته فيها خالصة لله،

 وصلاح أمر دينه يقوم عليها وعصمة دينه أي ما يحول دون تفلته من الملة والنحلة.

 إلا تلك الشعبة بخلاف الأنبياء والرسل فهم عليهم صلوات ربى وسلامه من كملت فيهم شعب الإيمان وأسباب العصمة للدين بخلاف الأتباع والأنصار إلى يوم الدين.

 ولهذا دعت الحاجة لتعدد الخطاب ورتبته لكافة الناس وهو ما كان سبب وجود الواعظ والداعية المتعدد المواهب والملكات والجهد فكون داعية ما يولى الاهتمام بشعبة أو شعبتين أو ثلاثة من شعب الإيمان يدندن حولها ولا تجد في قلبك له موافقة أو قبول فأعلم أن غيرك من الناس الجمع الغير يعصم الله بهذا الداعية لهم دينهم ويبقيهم على الجادة ما استطاع واستطاعوا وكذا إذا حذر داعية أو داع من شر ما أو منكر ما أو حتى خطاب ما وطريقة ما لشريحة من الناس فهو كالوالد العالم بقدرة هضم هؤلاء الناس لهذا الطريق أو عسره لهم ويدرك أن هذا باب تفلت لأقوام واستثقال لهم للهدى والدين والاستقامة فدعاه للتحذير منه وهؤلاء مع تنوعهم على ثغور من الملة فمن لا يوافق ما يعصم الله به دينك قد يعصم الله به دين أقوام آخرين فلا داعى جعله سبب للبغي والصراع والتنافس وتسلك مسالك التحذير منه والصد عنه بداعي النقد وعدم اكتمال الملكات وعلوم الآلة وغيرها فلا تدرى ما يعصم الله به دينك وما ينفسخ به عزمك ولهذا كان التحذير من نهش الدعاة إلى الله والأذى لأوليائه.

 ولهذا كان حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

1579- وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَارْزُقْنِي عِلْمًا يَنْفَعُنِي». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ.

ولهذا ممارسة النقد والتصويب تحتاج لعدالة المبلغة لرتبة المجتهد والتقوى المبلغة للإنصاف من النفس قبل الناس وإلا هي مدخل للسعار وهو داء ليس في الكلاب فقط بل من البشر كثير يصاب به حتى إن لم يجد من ينهشه نهش نفسه وأنقلب على عقبيه خسر الدنيا والآخرة ومنه الجراءة على أولياء لله وهو باب تعجيل العقوبة ومبارزة العزيز الحكيم.

صفوت بركات

أستاذ علوم سياسية واستشرافية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى