الجمعة أكتوبر 11, 2024
مقالات

صفوت بركات يكتب: الخليج والثورات.. وماذا يُراد من غزة؟

مشاركة:

في 18 فبراير 2016 كتبت تحت هذا العنوان «الخليج والثورات.. إن لم تستطيع وقف القطار فاركبه لتحرف مساره» هذا نصه:

اتخذت نظم الحكم الخليجية استراتيجية على ثلاث مراحل؛ لمواجهة الثورات بعد اندلاعها،

واستوعبت الصدمة الأولى لها بعدما انتقلت من تونس لمصر ثم ليبيا ثم اليمن، في تزامن مرعب لتلك الحكومات.

واستعانت بمخزونها السيكولوجي ومستشاري البيت الابيض والحكومات الانجليزية من دبلوماسيين متقاعدين يعملون بالخليج كمستشارين وهم في حقيقة الأمر أصحاب رسم السياسات الخليجية فيما يخص الشأن الخارجي بكل ملفاته..

فكانت المرحلة الأولى

الإعراب عن دعمها لمطالب الشعوب في نيل حريتها فمكن للحكومات الخليجية أن تطلع على الكم المختزن في الداخل الخليجي ممن يحملون نفس الثورة وسمحت لهم بأن يطلوا برؤوسهم في العلن وسمحت لهم بالدعم والحركة ليزيد انكشاف الداخل الخليجي على هذه الطبقة من السكان الخليجيين وسمحت لهم بالحركة الخارجية ومدتهم بالدعم والضوء الأخضر لتقف على الجزء المخفي من علاقات هؤلاء بالخارج وأكملت ملفات تلك المرحلة لكافة الرموز والجهات المتطلعة للثورات حتى أن أحد أبرز تلك الرموز تم تصوير ساعة كاملة له مع رئيس وزراء مصر وعندما عاد لبلده تم اعتقاله لشهرين وعرض عليه الفيديو فبكى واعترف وأعلن توبته وخرج وإن كان اعتقاله بزعم أخر وقضية أخرى.

ثم انتقلت إلى المرحلة الثانية

وهي تبنى قيادة الثورات وزعم دعمها وحدث فعلا تكلفت الحكومات الخليجية بجزء من النفقة حين استشعرت أن حجم الشغف بالثورة وانتشاره بصورة وحجم ضخم لا يمكن مواجهته إذا اندلع فعلا.. أي صورة من صور الثورة على نظم الحكم.

فجعلت الثورات حق للاستغلال الحكومي فقط وصدرت القوانين والقرارات ضد كل من يعمل لدعم الثورات خارج النظام الرسمي الخليجي، فضمنت أمرين:

التحكم في الثورة بكل الدول بحكم دعمها وتسخينها وتبريدها واستبدال ملفاتها وتقدمها وتقهقرها.

وضبط حركتها فلا تنتصر وتنهض ولا تنهزم مرة واحدة.

وكانت الثورة قد بلغت كم مرة إلى مرحلة حسم في جبهات عدة كادت أن تنهي الأمر، فصدرت لها التعليمات والأوامر بالتوقف عند حدود ما، والانسحاب.

وتمت الاستجابة تحت التهديد والحرمان من التمويل حتى أن بعض قادة الثورة تم التخلص منهم في عمليات مريبة لم ينكشف اسرارها حتى اليوم …

والأمر الآخر وهو صك البراءة أمام مواطنيها أنها ليست ضد الثورات وليس هناك أحد له الحق بالدعم غيرها، وأن من تسول له نفسه، سواء أكان فردًا أو طائفة، تم عمل ملفات له يمكن إخراجها وقت الزوم وبناء على النظم يمكن محاكمته ولن تبكي عليه العيون لأنه لا يستطيع وصم الحكومات الخليجية بالتخاذل.

ثم المرحلة الثالثة: مرحلة إدارة الهزيمة

وهي التي تجرى الآن وهي نقل الثورة إلى ملفات سياسية ومفاوضات ومؤتمرات على مراحل والسماح لروسيا بالدخول العسكري وتمويل روسيا بتكلفة الحرب والبقاء على عداوتها علنا وفى حقيقة الأمر كلهم زارها بمندوب عن الحكام ويحمل الشيكات والتكلفة مقدما أملا في أن يحل الروس محل إيران وتصبح سوريا علمانية كافرة كبرزخ يحول من السيولة التركية إلى الخليج عبر سوريا وإلى الأردن للخليج.

لأن خطر الثورة السورية وخطر السيولة التركية وبناء جسور تنتقل عبرها الثقافة التركية وتحدث تلاقحات فقهية وسبر للنظم وعلوم الإدارة للمجتمعات وحده كفيل بإنتاج صور للمستقبل تداعب الشعوب فينتقل الأمر إلى ما لا تحمد عقباه.

واستسلاما لعلم طبائع الأشياء ومنها طبائع الملوك وطبيعة وماهية النظام الدولي والقائم بعد عصبة الأمم عام 1945، ولازلت والحمد لله على رأيي منذ انطلاق ثورة سوريا واليمن وليبيا أنها للخراب أقرب منه النجاح.

وكتبت هذا قبل حدوثها بعام تقريبا ويوم انطلاق الثورة المصرية، ليس بسبب عدالة مطالبها، ولكن بسبب تدخل الخليج في مآلاتها.

اعلم رحمك الله أن الخليج ما دعم الثورة السورية ولا اليمنية بفلس، إلا لخراب سوريا واليمن، وقصة اليمن بنصف الحل ليسمح بمرحلة لاحقة، وهي ما تتم الآن، فعز اليمن بذل الخليج، وذل اليمن بعز الخليج، وكذا سوريا.

ولتكن عبرة ومثل للخليجيين حتى تكون صور الخراب مستقرة في الوعي الجمعي والفردي..

وإطالة أمد التخريب مطلوب حتى تستوعبه أذهان وعقول وقلوب العامة والخاصة، والبقاء في الخليج على مظلة خطابية في اتجاه الدعم إلى آخر لحظة، وكأنهم طرف داعم،

ليس عبثا بل خلفه مراكز دراسات وعلوم سيسولوجية وانثربيلوجية، حتى إذا وقعت هزيمة كل الجهاديين يكون تم تطبيع وإنتاج التحول الفقهي والسيسولوجي بالصدمة فلا يسلكه بعدهم أحد وليطمئن الحكام ومن خلفهم من دوائر صنع القرار الدولي لثلاثة أجيال قادمة فالتغيير يتم على محاور متعددة.

وعهد لكل حكومة خليجية بمسار تعمل عليه فالقطريين مع حوار الاديان والسعودية للتمويل العسكري ومحو الأحكام الفقهية وطرح بدائلها والإمارات لصناعة الفتن وتمويلها وعمان جسر سرى بين الحكام وطهران وروسيا والفاتيكان والكويت لتحمل الاثار السلبية للجوء والدعم الإنساني.

Please follow and like us:
صفوت بركات
أستاذ علوم سياسية واستشرافية https://youtube.com/@alomhaa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *