صفوت بركات يكتب: السِّيادة!
السِّيادة لا تقبل إلا سيّدًا واحدًا، ولا تقبل الشُّركاء أو القِسمة!
هكذا تعلَّمنا من الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
في حديث السَّقيفة: أنّ الأنصار حين قالوا: منّا رجل، ومنكم رجلٌ، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- [ص: 145] يومئذ: سيفان في غمدٍ واحدٍ إذا لا يصطلحان.
إذ لاَ يُجْمَعُ سَيْفَانِ فِي غِمْدٍ!
وعند فهم ماهيّة الصِّراع الجاري اليوم، ومحاولة ضبط المدخل له فهو صراع سيادة على الإقليم قبل أوانها.
فهمت منذ زمن أن صراع إيران مع الكيان سيتطوّر، وعند مرحلة من توسُّع الطَّرفين سينتقل لصراع صِفريّ بعد ما سُمِح للكيان كَسْب حرب لم تقع على السِّيادة في الواقع السُّنّيّ كلّه بذريعة خطر إيران.
وبعد محاولة الصّين التّسلُّل للخليج وأفريقيا، وتقديم مبادرة مصالحات خليجيّة إيرانية، وقبل تؤتي أُكُلها، وتُرتَّب في الواقع آثارها، وتُئد الفتنة التي دامت نصف قرن، وقبل أن تموت الذَّريعة التي مكَّنت الكيان من بُلُوغ مرتبة السِّيادة على الواقع السُّنّيّ كلّه أصبح استثمار الصِّراع السُّنّيّ الشِّيعيّ لا حاجة للكيان به بعد أن تربَّع الكيان على السّيادة في النِّظام العربيّ كلّه تربُّعًا لا نزاع عليه، وبرهن الجميع لعامٍ كاملٍ بالمَدَد والتّمويل والصَّمت المُخزي عن كلّ المجازر والإبادة لجزء منهم تحت ذريعة ولائهم لإيران. وهذا أكبر اختبار عمليّ للنّظام العربيّ ليطمئن السّيِّد أنّ ولاءهم وسمعهم وطاعتهم مطلقة له بلا نزاع حتى لو اُنتهِكَت أعراضهم في حفل علنيّ يُبَثّ على الهواء مباشرة، ليشاهده العالَم أجمع كما تُبَثّ صور حيّةٌ لقتله وإبادته حرقًا لأطفالهم ونسائهم في غزّة والضِّفّة اليوم ؛ فلا فرق بين أن يُبث ّحفل استمتاع بأعراض النِّظام العربيّ أكثر من هذا الذي يجري على مدار عام، ومَدِّهم بالغذاء وتمويل السِّلاح والحرب تجري على قَدَمٍ وساقٍ؛ فقرّر حسم الصّراع اليوم، وليت الأمر يقف عند هذا، ولكن الإعلام العربيّ يَبُثّ كلّ هذا مستعذبًا ومستمتعًا بحفلات الاغتصاب للكرامة العربيّة والإسلاميّة.
وهذا الذي يُبَثّ على قنواتهم لا أجد له عنوانًا أو مصطلحًا يُعبِّر عنه في اللُّغة إلا المسخ قرودًا أو خنازير.، بل خنازير لأنّ القرود تغير، وأوّل مَن رجم الزَّاني والزَّانية، ولكن إيران تحاول أن تتلافاه بكلّ ما تستطيع، وتحاول تأجيله مع عدم قبول الخروج من الحلبة.
فالكيان تسيد النّظام العربيّ، ويحاول حسم تسيًّد الإقليم، وهذا جعل أردوغان يصرُخ، ولكن لن يسمح له بغير الاستسلام، لأنّ صراخه لم يَستجِب له أحدٌ؛ وبعد أن يتمّ الخضوع من الكافّة يبدأ الصّراع الحقيقيّ يومئذ، ولن يكون موضعه أرض أو اقتصاد أو أيّ عنوان غير عنوان السِّيادة.