الأثنين مايو 20, 2024
مقالات

صفوت بركات يكتب: النقد والنقض

النقد نقد نافع وواجب،  ونقد نقض وهو نقد الجاهل،

لا يدفعنك الجهل بالتفريق بين فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ أن ترد الحق بداعي النقد فليس الكلأ هو العُشب وليس كل العُشب واحد أو سواء.

وهكذا هي منتجات العلم فالثمار لا تكون واحدة في كل العقول والقلوب والمشترك بينها جميعا الأصل أنها من ثمار العلم والمعرفة والوحي كما لا يصلح النقد بحكم سعة علمك لكل الناس على وجه وقدر واحد فقد تجعل الطين وحل أو برك لا يصلح للزرع وقد تجعل الصلد زلق لا يمسك علم والله سبحانه وتعالى يقول وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ.. فراعى القدر الصالح من العلم والنقد لتصلح ولا تقسد زرعك ثم تشتكي من موت الزرع أو تعرضه للآفات.

ولقد قسم النبي صلى الله عليه وسلم القلوب بحسب اتساعها وانشراحها لحمل العلم، وانتفاعها بالهدى الذي بعثه الله به وقبولها له إلى ثلاثة أقسام، فقال:

«مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَصَابَ الْأَرْضَ فَكَانَتْ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتِ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ قَدْ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهِ النَّاسَ فَشَرِبُوا مِنْهَا وَرَعَوْا وَسَقَوْا، وَأَصَابَتْ طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ فَلَا تُنْبِتُ كَلَأً ، كَذَلِكَ مَثَلِي وَمَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دَيْنِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ»

[أخرجه البخاري  ومسلم  من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه].

فشبه صلى الله عليه وسلم العلم الذي جاء به بالغيث لأن كلًّا منهما سبب الحياة، فالغيث سبب حياة الأبدان، والعلم سبب حياة القلوب..

وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة الى قبول الغيث.

إحداها: أرض زكيَّة قابلة للشراب والنبات فإذا أصابها الغيث ارتوت ومنه يثمر النبت من كل زوج بهيج.

فذلك مثل القلب الزَّكي الذَّكي، فهو يقبل العلم بذكائه فيثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه فهو قابل للعلم مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه.

والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه فهذه تنفع الناس لورودها والسقي منها والازدراع.

وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه فلا تصرف فيه ولا استنبط بل للحفظ المجرد فهو يؤدي كما سمع وهو من القسم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فرب حامل فقه الى من هو أفقه ورب حامل فقه غير فقيه»

والأرض الثالثة: أرض قاع وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء.

الأشد خطورة من الجهل المطلق جهل استعمال العلم على غير طريقته بداعي النقد.

Please follow and like us:
صفوت بركات
أستاذ علوم سياسية واستشرافية https://youtube.com/@alomhaa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب