الجمعة مايو 3, 2024
أقلام حرة

صفوت بركات يكتب: فائض القُوّة

كُلُّ قائد عسكريّ مسئول لا بُدّ له مِنَ الاحتفاظ بفائض قُوّة، ولا يُسرِف في استعمالها إذا أمكنه الاحتفاظ به بعد إظهاره لخَصمِه، ومقايضة عدم استعمالها أو استخدامها في مُقابل مكاسب سياسية.

هذه القُوّة الاحتياطيّة الفائِضة في «حرب ٢٠١٢» كان التّفاوض جاريًا على تهدئة بالقاهرة؛ وأثناء التّفاوُض قامت القُوّة المقاوِمة في غَزّة بتصوير «باص» بإحدى مستوطنات الغلاف، ومان يحمل (٢٢) جنديًّا، وكانوا في مَرمى صاروخٍ، كورنيت وتركهم الرّامي؛ لينزلوا منه، وبعد أنّ ابتعدُوا عنه بمسافةٍ كافيةٍ أَطلَق صاروخًا على الباص فدمّره، وأرسل الفيديو لمَنْ يُفاوِض؛ ليطّلع الأعداءُ عليه؛ ومع الفيديو رسالة مفادها: «لدينا مِن هذا الصاروخ الكمّيَّة المناسبة لحربٍ تمتدّ لشهور، ولو شئنا قتلهم لقتلناهم».

وعليه، وبعد نصف ساعة مِنَ التّفاوُض قَبِل العَدُوّ بالهُدنة، ودَفَع مقابل هذا الفيديو الثّمَن، وعجّل بصَفقة الأحرار التي أُنجِزَت، وخرج فوق الألف أسيرٍ؛ وهذا تقريبًا ما حدث ليلة أمس بين إيران وأمريكا، وستقبِض إيران الثّمَن سِرًّا أو علنًا، وهو لا يَهُمّ؛ فالمُهِمُّ مَنْ يتصَدّى للتّحليل وهو لا يُدرك أسرار ونوايا المتصارعِينَ؛ فليس من أدبيات أو طرق الحرب الدّفع بكامل القُوّة الضّاربة في أوّل جَولة من الصّراع، ولا بُدّ من البدء بأقلّ قُدرة، والاحتفاظ بفائض القُوّة إنْ أمكن للمقايضة على عدم استعمالها مقابل أثمانٍ، وهو ما جرى بعَمّان لثلاثة أيام، وهو ما يجري في الحروب.

وبالطّبع «خبراء الفيس بوك»، والقنوات الفضائيّة صُنّاع البروباجندات لا يقتربون من هذا، وربّما لا يُدركوه؛ ولكِنّها حقائق وعُرفٌ عند كُلّ القيادات العسكريّة في أعلى سُلّمها، وخبرتها الميدانيّة في إدارة الحروب، وبخاصّة في النِّزاعات الطّويلة الأمد.

 


‏تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في يوتيوب

تابع قناة جريدة الأمة الإلكترونية في واتساب

Please follow and like us:
صفوت بركات
أستاذ علوم سياسية واستشرافية https://youtube.com/@alomhaa

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب