مقالات

صفوت بركات يكتب: موانع القبول والهداية خارجية عن الوحيين

 الكلام هنا بشكل خاص لطلبة العلم لتحديد موطن الداء وتحقيق مناطه أنه في النفوس وليس لصعوبة فهم الوحيين «كتاب وسنة» ولهذا على طلاب العلم عرض الحق كما هو ولا يدعوهم ضعف الاستجابة المداهنة أو تبديل الأحكام الشرعية لأنها إذا بدلت لن تجذب لهم إلا المرضى وهذا خطره على الحق وعليهم عظيم  ولن يعود عليهم وعلى دعوتهم إلا بالبوار ،بارك الله فيكم،

 وحتى لا تحتار فعليك بفهم أن المعقولات تجرى مجرى الأدوية للصحة, والشرعيات تجرى مجرى الأغذية الحافظة للصحة, وكما أن الجسم متى كان مريضا لم ينتفع بالأغذية ولم يستفد بها.. بل يتضرر بها,

كذلك من كان مريض النفس كما قال تعالى {في قلوبهم مرض} لم ينتفع بسماع القرآن وهو موضوع الشرعيات, بل صار ذلك ضارا له مضرة الغذاء للمريض ولهذا قال تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون (124) وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (125)..}

القلب بمنزلة مزرعة للمعتقدات.. والاعتقاد فيه بمنزلة البذر وإن خيرا وإن شرا وكلام الله تعالى بمنزلة الماء الذي يسقيه ولذلك سماه ماء.. فكما أن الماء إذا سقى الأرض يختلف نباته بحسب اختلاف البذور.. كذلك القرآن إذا ورد على الاعتقادات الراسخة في القلوب تختلف تأثيراته, وإلى ذلك أشار الله بقوله تعالى وفى الأرض قطع متجاورات..

وقال تعالى {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ…}

والجهل بالمعقولات جار مجرى ستر مرخى على البصر وغشاء على القلب ووقر على الأذن, والقرآن لا تدرك حقائقه إلا لمن كشف غطاؤه ورفع غشاؤه وأزيل وقره ولهذا قال تعالى {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ( 45 ) وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ( 46 )} ..

وأيضا فالمعقولات كالحياة التي بها الأبصار والأسماع والقرآن كالمدرك بالسمع والبصر.

وكما أنه من المحال أن يبصر ويسمع الميت قبل أن يجعل الله فيه الروح ويجعل له السمع والبصر كذلك من المحال أن يدرك من لم يحصل المعقولات حقائق الشرعيات..

ولهذا قال الله تعالى {فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين (52) وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون (53)}

صفوت بركات

أستاذ علوم سياسية واستشرافية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights