صلاح الإمام يكتب: مع الحشاشين (2)
مع كثرة الحديث عن الأخطاء التاريخية الجسيمة في مسلسل «الحشاشين» اضطر مخرجه أن يعترف بأنه مستوحى من التاريخ حتى يتغلب على الانتقادات الكثيرة التي تعرض لها العمل بسبب ما حفل به من أخطاء.
وهنا لن نناقش ما حفل به العمل من أخطاء تاريخية لكن تعالوا نوجه نقدنا إلى الأخطاء الفنية وهي كثيرة وجسيمة.
أول الأخطاء التي أخرجت العمل من جوه وزمنه هي استخدام العامية المصرية (الحديثة) في الحوار لدرجة أنه استخدم ألفاظ خرجت للوجود في العقود الأخيرة وهذا أفقد العمل ٩٠% من قيمته كعمل مستوحى من تاريخ يفصلنا عنه ألف سنة.. ومادام قد أسقط عنصر اللغة فلماذا استخدم ملابس وديكورات الزمن الذي جرت فيه الأحداث؟!
ثانيا اختياره للشخصيات لم يكن موفقا وإظهاره أبطال العمل بشكل غير مقبول ولا يمكن تقبله وأمثلة ذلك:
إظهاره للسلطان ملكشاه على أنه شاب أرعن متهور ويتكلم بألفاظ سوقية جدا لا تناسب زمنه ولا وضعه كملك من ظهر ملك عظيم هو ألب أرسلان.
إظهاره الشاعر والعالم عمر الخيام كشخص كوميدي أشبه بالمهرج وهو العالم الحكيم الذي تتلمذ على يد أكبر علماء عصره في الفلك والرياضيات..
إظهاره الإمام الغزالي وهو حجة في الدين في شكل شخص مستهتر واختيار الممثل نضال الشافعي لأداء دوره غير موفق تماما..
جاء في أحد المشاهد أن فتاتان قامتا بتسميم النهر وهذا أمر مستحيل أن تقوم فتاتان أو ثلاثة بصب قنينة سم أو أكثر في النهر فيتسمم النهر ووجه الاستحالة هنا أن النهر مستحيل أن تسمم مياهه من كام قنينة سم لأن مياه النهر غزيرة وجارية ومنطقة المياه التي تسممت تتغير في دقائق لأنها تجرى.
في الحلقة ١٤ أرسل حسن الصباح رسولا ليقتل الإمام الغزالي بالمسجد الأقصى وظهر الرسول وهو يسير ممتطيا جواده في الصحراء ولا يحمل معه أي زاد والمسافة بين أصفهان والقدس حوالى ٢٠٠٠ كم وتستغرق الرحلة حوالى ٣ شهور وهى رحلة من الصعب أن يقوم بها شخص بمفرده ولو سلمنا بإمكانية أن يقوم بها شخص بمفرده فقد ظهر هذا الشخص على جواده لا يحمل حتى وعاء ماء والمعروف أن هذه السفريات في ذاك الزمن كان تستلزم زادا وزوادا يحمل على جمل مخصوص يرافق الرحالة أو على الأقل «خُرج» فوق كتفه أو فوق حصانه لكن الرسول ظهر هكذا يسير طريقا طوله ٢٠٠٠ كم بدون حتى قربة ماء ..!!
الحوار فيه عوار كثير وجاءت جُمل على لسان بعض الأشخاص غير مقبولة كأن يقول أحد أعوان الصباح أن (الباطنية) المستعلية ليسوا معنا (!!) ومعروف أن مصطلح الباطنية أطلقه أهل السنة على فرقة الاسماعيلية وكل ما تفرع عنها من فرق ضالة وذلك من باب الازدراء لأنهم يبطنون غير ما يظهرون وحكم عليهم فقهاء السنة بالكفر فكيف يقولوا على أنفسهم أنهم باطنية؟!
وأيضا السيناريو غير محكم فظهرت المشاهد مثل من يحشر كراكيب قديمة في صندوق صغير دون تنظيم أو تنسيق.
فشل الكاتب والمخرج في إسقاط ما فعله الصباح وفرقته على حاضرنا رغم أنه كان الهدف الأساسي للمسلسل..
وللحديث بقية…