سير وشخصيات

صلاح الدين.. بطل الإسلام وقاهر الصليبيين

1- في سنة 1965م، ظهرَ فيلم “الناصر صلاح الدين” للمخرج يوسف شاهين (مسيحي) والمنتجة آسيا داغر (مسيحية) والقصة لوزير الثقافة المصري: يوسف السباعي.

2- رغم أن الفيلم مليء بالأكاذيب، ولا علاقة له بالحقائق التاريخية، فهو مجرد فيلم سياسي، للتخديم على تلك المرحلة؛ إلا أن البسطاء والعامة ما زالوا يتعاملون مع تخاريف الفيلم على أنها حقائق.. وتلك هي الكارثة.

3- يقول  الدكتور محمد عفيفي، رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة: (فيلم الناصر صلاح الدين كانت له أبعاد سياسية أكثر منها تاريخية، وهذا ملحوظ جدا، وربما غفل عنه المشاهد البسيط الذي يريد الاستمتاع بالفيلم فقط والتسلية، دون الوقوف على مفردات الفيلم من حيث ألفاظه وفكرته والأحداث التي ذُكِرت فيه، والشخصيات التي ابتكرها خيال المؤلف.. فمثلا شخصية مثل “عيسى العوام” جاءت لتكون مسيحية لإبراز الجانب القومي العربي، وليس الطائفية الدينية التي كان يريد الرئيس جمال عبد الناصر الخروج من دائرتها إلى دائرة أوسع تُعلِي من زعامته الشخصية، إضافة إلى أنه في التاريخ خيوط كان من الممكن أن ينسجها المؤلف لتوصيل الحقيقة والتشويق في الوقت نفسه، مثل اعتماد صلاح الدين الأيوبي بشكل كبير على أخيه “الكامل” وأبنائه في مساعدته في حُكم البلاد والأقاليم التي يسيطر عليها بعد الانتصار على الصليبيين، بينما لم يعتمد على أبنائه هو شخصيا لأنهم كانوا  لا يصلحون للقيادة، وهذا ملمح جيد كان يمكن العمل عليه وتوظيفه، لكن خرج فيلم “الناصر” لكي يتكلم عما كان شائعا وقتها من النظرة السياسية البحتة، فكان مجاملة أو توظيفا لمباديء الدولة المصرية في تلك الفترة)

4- الدكتور أشرف مؤنس، أستاذ التاريخ وعضو الجمعية المصرية للتاريخ وعضو اتحاد المؤرخين العرب: (الدراما المصرية بشكلها وما يحدث فيها الآن ومنذ فترة لا يمكن الاعتماد عليها كمصدر للتاريخ أو رصد الأحداث أو حياة الشخصيات التاريخية، لما يقع فيها من تشويه وتدخّل سافر من السيناريست بغرض التشويق، وما يسمونه الحبكة الدرامية، وما حدث في فيلم الناصر صلاح الدين “جريمة” وتزييف واضح للتاريخ، لأن الفيلم أطلق على صلاح الدين الأيوبي وصف “سلطان المسلمين”، وليته كان، لكن الواقع أنه كان حاكما على مصر والشام فقط، وهذه الأوصاف أو المصطلحات لا تطلق جزافا، لكن بسند ودليل، تماما مثل الخطأ الفادح الذي نرتكبه عندما نقول: الإمبراطورية العثمانية، إذ لم يثبت أن أُطلِقَ على أحد حكامها لقب إمبراطور)

5- أورشليم: تسمية عِـبريَّة للقدس العربيّة، وأصلها أورسالم، ومعناها مدينة السَّلام، لم يستخدمها المسلمون في حياتهم قَط، بل أن معظمهم يجدون (حساسية) في نطقها.. لكن الفيلم أوجدها على لسان صلاح الدين، وكل أبطال الفيلم طيلة أحداثه، وأصرّ عليها بخبث شديد

6- لم يكن عيسى العوام مسيحيا، كما أظهره الفيلم.. بل كان غواصًا مسلمًا من مدينة “عكا” الفلسطينية التي حاصرها الصليبيون إبان الحملة الصليبية الثالثة في سنة 585هـ/ 1189م، ولما اشتد الحصار على مدينة عكا، كان عيسى العوام بمثابة السفير بين المسلمين المحاصرين في عكا، وبين القائد صلاح الدين، حيث كان يقوم بحمل الرسائل لصلاح الدين، ويعود بالأموال والأوامر منه، وذات يوم خرج البطل عيسى العوام كعادته يحمل بعض الرسائل، ولكنه غرق في البحر، والرسائل والأموال على وسطه.

وقد روَى قصة عيسى العوام “القاضي بهاء الدين بن شداد” في كتابه: (النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية)، قائلًا: (كان عيسى العوام مسلما، وغطاسا ماهرا، يحمل الكتب والنفقات على وسطه ليلًا، متخفّيًا من العدو، وكان يغوص ويخرج من الجانب الآخر من مراكب العدو، وذات ليلة شدّ على وسطه ثلاثة أكياس فيها ألف دينار، وكُتب للعسكر، وعام في البحر، فجرى عليه أمرٌ أهلكه، وأبطأ خبره عنا، وكانت عادته إذا دخل البلد أطار طيرًا عرفنا بوصوله، فأبطأ الطير فاستشعرنا هلاكه، ولما كان بعد أيام، بينما الناس على طرف البحر في البلد، إذا هو قد قذف شيئًا غريقًا فتفقدوه فوجدوه عيسى العوام، ووجدوا على وسطه الذهب وشمع الكتب، وكان الذهب نفقة للمجاهدين، فما رُؤيَ من أدّى الأمانة في حال حياته وقد ردها في مماته؛ إلا هذا الرجل)

7- كما أظهر الفيلم، والي عكا، بهاء الدين قراقوش، خائنا، رغم أنه كان الصديق الأول لصلاح الدين، وذراعه الأيمن، وقراقوش: لفظ تركي معناه بالعربي العُقاب، الطائر المعروف، وبه سُميَ الإنسان. وقد قضى ما يزيد على الثلاثين عاما في خدمة السلطان صلاح الدين الأيوبي وابنيه

قال عنه ابن إياس في (بدائع الزهور): “كان قراقوش القائم بأمور الملك، يسوس الرعية في أيامه أحسن سياسة، وأحبته الرعية ودعوا له بطول البقاء”.

وقال عنه ابن خلكان في (وفيات الأعيان): “كان حسن المقاصد، جميل النية، وكان له حقوق كثيرة على السلطان وعلى الإسلام والمسلمين”.

أما ابن تغري بردي فقال عنه في (النجوم الزاهرة) عند ذكره صلاح الدين الأيوبي: “وكان وزيره بمصر الصاحب بهاء الدين قراقوش، صاحب الحارة المعروفة بسويقة الصاحب القديمة في الجامع الحاكمي، وكان رجلاً صالحًا غلب عليه الانقياد إلى الخير، وكان السلطان يعلم منه الفطنة والنباهة، وكان إذا سافر السلطان من مصر إلى الشام في زمان الربيع كما هي عادته كل سنة، يفوّض إليه أمر البلاد”

8- ذكر الفيلم أن ريتشارد قلب الأسد، قتل 70 عربيا، بسبب وشاية، وأوقف القتل واعتذر عندما عرف الحقيقة.. ولكن التاريخ يقول إن ريتشارد لم يعتذر، فقد كان سفّاحا مجرما، وأنه عندما دخل عكا، خان الصلح، وقتل (3000 أسير) بينهم نساء وأطفال

9- قال الفيلم إن صلاح الدين أقنع ريتشارد بعبثية الحرب، فاستجاب له، وعاد لبلاده، بعد أن حجَ لأورشليم، رغم قدرته على استكمال الحرب !!.. ولكن الحقيقة عكس ذلك، فلقد انسحب ريتشارد مضطرا، ورفض دخول القدس حاجًا، لا فاتحًا، بعد أن رفض أخوه (جون) إرسال أي مدد إليه، لأنه كان يريد الاستيلاء على عرش إنجلترا، واستولي عليه فعليًا في غيابه، وظل ريتشارد بعد ذلك طريدًا في أوروبا.

10- جاء في أحداث الفيلم أن صلاح الدين بارز الأمير “رينو” والحقيقة أن صلاح الدين لم يبارزه، بل قتله لسبّه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

وليس من الطبيعي أن يعرّض قائد الجيوش نفسه وجيشه للخطر، ويبارز أسيرا.. فهو ليس مِلك نفسه.

11- لم يذكر الفيلم كلمة “مسلم” ومسلمين وإسلام.. بل ظل طيلة الأحداث يردد ويكرر: العرب العرب.. رغم أن صلاح الدين كان مسلما كرديا، وليس عربيا، ولكن الفيلم حاول أن يصنع منه زعيما قوميا، بل أن اسم الفيلم “الناصر”.. نسبة لجمال عبد الناصر.

12- صلاح الدين لم يذهب لـ”ريتشارد” ويعرض عليه السلام، فبطل الإسلام صلاح الدين الأيوبي لم يلتقِ ريتشارد قَط، ولم يقابله حتى في صُلح الرملة الشهير.

صلاح الدين الأيوبي

– الملك الناصر: يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُّوِينِي التكريتي (1138م – 1193م)، المشهور بلقب (صلاح الدين الأيوبي).

– فارس الإسلام، والقائد الأشهر والأمهر في تاريخ البشرية، فقد شهد بأخلاقه؛ أعداؤُه من الصليبيين قبل أصدقائه، إنه نموذجٌ فذٌّ لشخصية عملاقة من صُـنْعِ الإسلام، إنه البطل صلاح الدين الأيوبي، مُحـرِّر بلاد الإسلام، ومُحـرِّر القدس من الصليبيين، وبطل معركة حطين، ومؤسس الدولة الأيوبية.

الميلاد: 1138م، تكريت، العراق (532هـ)

الوفاة: 4 مارس 1193م، دمشق، سوريا (589هـ)

– قال ابن الأثير في كتاب “الكامل”: إن عائلة صلاح الدين الأيوبي، ليست عربية، وجذورها تعود لمنطقة “دوين” في دولة أذربيجان، ويتفق معه في هذا المؤرخ “ابن خلكان”

– لم يكن صلاح الدين (رحمه الله) من الأصل العربي الذي يتغـنّى به كثيرون، ويتفاخرون به، بل كان مزيجا: (أعجمي/كردي) شهدت له الدنيا وستظل، بعبقريته وحكمته وعدله.

– يذكر صاحب “وفيّات الأعيان” أن من عجائب القدر: أنَّ ولادة صلاح الدين كانت في اليوم الذي أمر فيه «مجاهد لدين بهروز» والي بغداد، نجم الدين أيوب، وأخاه شيركوه، بمغادرة مدينة تكريت بسبب قتل عم صلاح الدين أحد قواد القلعة.

– هاجر الأخوان: نجم الدين أيوب، وشيركوه، من بغداد إلى الموصل، حيث نزلا عند (عماد الدين زنكي) الذي رحَّب بالأخوين ترحيبا عظيما، وأجرى عليهما المنح، والعطايا، وما هذا الترحيب، والإكرام إلا مكافأة على موقفهما المخلص من إنقاذهما له من القتل، أو الأسر، ذلك؛ لأن عماد الدين زنكي صاحب الموصل قد حارب السَّلجوقية عند «تكريت» أيام كان «بهروز» والياً على بغداد من قبل السَّلجوقيين، وكان نجم الدين أيوب، وشيركوه، قائمين على تكريت وقلعتها من قبل بهروز، وكان من نتيجة حرب عماد الدين للسَّلجوقيين أن انهزم جيشه، أمام جيش السُّلطان السلجوقي، وفي أثناء انسحابه، ورجوعه إلى الموصل مرَّ بتكريت، وأصبحت حياته هو وجيشه في يد “نجم الدين أيوب” والي تكريت يومئذٍ، إن شاء أبقاهم أحياءً، وإن شاء قتلهم، ففضل نجم الدين الإحسان على الإساءة، فقام هو، وأخوه شيركوه بمساعدة عماد الدين، وسهَّلا له أمر النجاة والسَّلامة؛ حتى وصل إلى الموصل، فكان لهذه المعاملة الحسنة، والموقف النبيل أكرم الأثر، وأحسن النتائج في بناء مُلك أيوب، وإقامة مجد الإسلام على يد صلاح الدين.

– لم يزل صلاح الدين في كنف والده؛ حتى ترعرع، فلمَّا تملّك الملك العادل نور الدين، دمشق؛ لازم الأمير نجم الدين أيوب ولده يوسف بخدمته، ومنه تعلَّم صلاح الدين طريق الخير، وفِعل المعروف، والاجتهاد في أمور الجهاد؛ حتى ظهر للسير مع عمِّه أسد الدين شيركوه إلى الدِّيار المصرية، ولم يزل أسد الدين آمرًا ناهياً بالدِّيار المصرية، وابن أخيه صلاح الدين يباشر الأمور بنفسه بكل عنايةٍ، وحُسن رأي، وسياسة.. وفي ولاية أبيه على بعلبك، درس صلاح الدين العلوم الإسلامية، وفنون القتال، والفروسية، وغيرها من فنون الطبقات الحاكمة، إلى جانب براعته في لعبة الجوكان ـ وهي لعبة رياضية أصلها شرقي، يمارسها الَّلاعبون وهم على ظهور الخيل ـ التي ورثها عن أبيه، فضلاً عن اهتمامه بالعلوم الدِّينية.

كما تأثر صلاح الدين بشجاعة عمه أسد الدين شيركوه، وتعلّم منه خوض المعارك، وقيادة الرجال.

وعندما قرر نور الدين بن عماد الدين زنكي، فتح مصر ليتقوى بمواردها في حرب مقبلة ضد الصليبيين؛ انتدب أسد الدين شيركوه لهذه المهمة.

– قرر أسد الدين أن يكون ابن أخيه صلاح الدين مساعدًا له في هذه المهمة المشرفة، بعد أن خبر فيه مزايا كبار الأبطال، فقال له: يا يوسف تجهّز للمسير.. وهكذا فتح الله لصلاح الدين طريق العظمة التي أرادها له… وكان النصر له حليفًا في جميع المعارك التي خاضها، حتى أنه تمكن من القبض على طاغية مصر «شاور» الذي اشتهر بالمراوغة والغدر، فقتله صلاح الدين، وأحسّت القاهرة أن حِملاً ثقيلاً قد زال عنها… وخرج الشعب إلى الشوارع والساحات يحمد الله محتفلاً بخلاصه من الوزير الظالم، ويتغنون بهذه المناسبة السعيدة، إذ كان الوزير “شاوَر” يخون وطنه متواطئًا مع الصليبيين الغزاة.

– كانت مصر قبل قدوم صلاح الدين مقر الدولة الفاطمية، ولم يكن للخليفة الفاطمي بحلول ذلك الوقت سوى الدعاء على المنابر، وكانت الأمور كلها بيد الوزراء، وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي، لذا أصبح أسد الدين شيركوه هو الرجل الأول في البلاد،

وقد شهدت مصر في ذلك الوقت، صراعا محموما بين “شاور” و”ضرغام” على منصب الوزارة، ولم ينجح واحد منهما في حسم الصراع لمصلحته، والانفراد بالمنصب الكبير، فاستعان كل منهما بقوة خارجية تعينه على تحقيق هدفه؛ فاستعان ضرغام بالصليبيين، واستعان الآخر بسلطان حلب، فلبَّى الفريقان الدعوة، وبدأ سباق بينهما لاستغلال هذا الصراع كلٌّ لصالحه، والاستيلاء على مصر ذات الأهمية البالغة لهما في بسط نفوذهما وسلطانهما في تلك المنطقة.

وانتهى الصراع بالقضاء على الوزيرين المتنافسين سنة (564هـ = 1168م)، وتولى “أسد الدين شيركوه” قائد حملة نور الدين منصب الوزارة للخليفة، ثم لم يلبث أن تُوفي شيركوه فخلفه في الوزارة ابن أخيه صلاح الدين الذي كان في الثانية والثلاثين من عمره.

– كانت المفارقة أن يتولّى صلاح الدين السُّني المذهب، الوزارة لدولة شيعية، وأن يدين في الوقت نفسه بالولاء لنور الدين الزنكي سلطان حلب التابع لدولة الخلافة العباسية، وتحولت مهمته من منع مصر من السقوط في أيدي الصليبيين، إلى السعي في ردها إلى أحضان الخلافة العباسية.

– لم يكن لصلاح الدين من سابق الأعمال أو خبرة السنين ما يُسَهِّل عليه القيام بهذه المهمة الصعبة، لكنه نجح في أدائها على نحو يثير الإعجاب، والتقدير، واستعان في تحقيقها بوسائل جديدة تدل على فرط الذكاء وعمق البصيرة، وحُسن التصرف، وقوة الإدراك والوعي بحركة التاريخ، وتفضيل التغيير السلمي الواعي على غيره من وسائل التغيير، وتهيئة الأجواء له حتى لا تصطدم به أي عوائق.

ولكي ينجح صلاح الدين في تحقيق هدفه كان عليه أن يقوِّي المذهب السني في مصر؛ حتى يتمكن من إسقاط الدولة الفاطمية، وإلغاء المذهب الإسماعيلي الشيعي الضال، واستغرقت هذه المهمة ثلاث سنوات، لجأ في أثنائها إلى العمل المتأني والخطوات المحسوبة، فعزل القضاة الشيعيين، وأحل محلهم قضاة من أهل السنة، وأنشأ عددا من المدارس لتدريس الفقه السني.

حتى إذا وجد أن الفرصة المناسبة قد لاحت، وأن الأجواء مستعدة للإعلان عن التغيير، أقدم على خطوة شجاعة، فأعلن في الجمعة الأولى من شهر المحرم (567هـ = سبتمبر1171م) قطْع الخطبة للخليفة الفاطمي الذي كان مريضًا وملازمًا للفراش، وجعلها للخليفة العباسي، فكان ذلك إيذانا بانتهاء الدولة الفاطمية، وبداية عصر جديد.

– قضى «صلاح الدين الأيوبي» على الفاطميين، ومذهبهم الشيعي في مصر، ولك أن تتخيل مصر وحالها، لو لم يكن صلاح الدين الأيوبي، ولذا يجب على المصريين أن يترحّموا عليه في كل وقت.

– نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا والحجاز وتهامة والعراق في دولة إسلامية موحّدة قوية، تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، وانتقل بعدها إلى تحقيق القسم الثاني من مخططه السياسي، وهو محاربة الصليبيين وطردهم من البلاد

– رغم انتصارات صلاح الدين الكبيرة والمتتالية على جميع الجبهات، والقضاء تدريجيا على الصليبيين، وطردهم من العالم الإسلامي؛ تظل معركة حطين واسترداد بيت المقدس، هي الأيقونة المضيئة الخالدة في ذاكرة جميع المسلمين

معركة حطين

– معركة تاريخية فاصلة بين الصليبيين والمسلمين بقيادة بطل الإسلام المجاهد صلاح الدين الأيوبي،

– وقعت معركة حطين في يوم 25 ربيع الثاني 583 هـ.. الموافق 4 يوليو 1187م ..

وحطين هي قرية فلسطينية صغيرة، تبعد 8 كيلو متر شمال غرب مدينة طبريا..وتأتي شهرتها التاريخية من الانتصار العظيم، والحرب التي دارت على أرضها، ولذا تم تدميرها تماما بعد استيلاء اليهود على فلسطين، وتحديدا في 16 يوليو 1948، وطرد اليهود سكان القرية ومنعوهم من العودة، ليتخلصوا من (عُقدة حطين) واسم صلاح الدين، وأقامت إسرائيل على أراضي حطين مستعمرة أربيل سنة 1949 وبعد ذلك بعام مستعمرة كفار زيتيم.

– كان العمود الفقري لجيش صلاح الدين الأيوبي: (الأكراد – الترك – العرب) فقد كان يضم أعدادًا كبيرة من شباب المسلمين المتطوعين المدربين، من: مصر والعراق والشام وفلسطين ودول المغرب العربي والجزيرة العربية.

– انتصر المسلمون على الصليبيين في “حطين” انتصارا عظيما، فقد سحقوهم وأسروا فرسانهم، وقضوا عليهم تماما.. وكانت تلك نهاية الصليبيين وأطماعهم في المنطقة، وتحرير القدس وجميع الأراضي التي احتلها الصليبيون، وكان اسم صلاح الدين وما زال يصيبهم بالرعب، ويمثّل (عُقدة) للغرب، وللعلمانيين والمنافقين في بلاد الإسلام.

– عندما دخلت القوات الفرنسية دمشق عام 1920م، عقب معركة (ميسلون) توجّه الجنرال الفرنسي “هنري جوزيف أوجين غورو” (جورو) إلى قبر صلاح الدين وقال مخاطبًا إياه: “ها قد عُدنا يا صلاح الدين!”

– ظلت المطالب السياسية الغربية من الخمسينيات للآن، تطالب حكام العرب بحذف اسم صلاح الدين من المناهج المدرسية، تدريجيا..

– خلال الحرب العالمية الأولى، أعلن القائد البريطاني “اللنبي” (إدموند ألنبي) بفخر، أن الحروب الصليبية انتهت اليوم، رافعًا سيفه نحو تمثال لصلاح الدين الأيوبي بعد الاستيلاء على دمشق،

كما احتفلت الصحافة البريطانية أيضًا باحتلال الشام برسم هزلي لريتشارد قلب الأسد وهو ينظر إلى القدس وكتب تحتها عبارة (أخيرًا.. تحقق حلمي)..

– كان صلاح الدين زاهدا ورعا، حافظا لكتاب الله، مخلصا لدينه وقضايا أمته، هدفه الوحيد من القتال؛ هو إعلاء كلمة الله في الأرض، ولذا انتصر في كل معاركه، في الحروب والعمران،

فهو أول من توسّع في بناء المستشفيات في كل البلدان، وأنشأ المدارس، وألغى الضرائب التي فُرِضت على من يمرُّ من مصر من الحُجَّاج؛ لتخفيف أعباء الحياة عن الناس، وبنى مئات الدُّور لتكون مأوىً للغرباء وكبار السن، واهتم بالفقراء اهتماما كبيرًا، يثير الدهشة، وأفردَ الرواة والمؤرخون مئات الصفحات في ذلك، فقد فتح صلاح الدين لهم ما يشبه (المطاعم) المجانية، على مدار اليوم

– هذا غيضٌ من فَيض، ونقطةٌ من بحر تاريخ فارس الإسلام “صلاح الدين الأيوبي”..

هذا الفارس الذي يستميت الغرب ومعه الشيعة وفيالق المنافقين والعلمانيين العرب؛ في طمس تاريخه وتشويهه.. لأن اسم صلاح الدين يُذكّرهم باندحارهم وماضيهم، وحقيقتهم التي يحاولون الهروب من صورتها،

– وسيظل “صلاح الدين” هو (العُقدة) والمرض النفسي الذي يصيبُ أعداءه، مثل العُقد النفسية الشهيرة “فُوبيا”

“فوبيا” كلمة يونانية، أصلها (فوبوس).. وتعني الخوف.

1- أجروفوبيا (فوبيا الأماكن المفتوحة).

2- أكروفوبيا (فوبيا المرتفعات).

3- زينو فوبيا (فوبيا الغرباء).

4- كلوستروفوبيا (فوبيا الأماكن المغلقة).

5- زو فوبيا (فوبيا الحيوانات).

6- ألجوفوبيا (فوبيا الألم).

7- إسلامو فوبيا (خوف الغرب من الإسلام بسبب تضليل وأكاذيب الإعلام الغربي عنه)

8- صلاح الدين فوبيا (يصيب الحكام والمنافقين المسلمين وأعداء الإسلام، ولذا تم حذف كل ما يخص صلاح الدين الأيوبي في مناهج التعليم بمعظم الدول العربية)

– تُوفِّي صلاح الدين عن عُمر يُناهز 57 عامًا، ولم يترك خلفه درهما، ولا دينارا، بل ترك في نفوس الدنيا “اسمًا” سيظل في ثغر الزمان مضيئا عظيما، حتى يرث الله الأرض ومن عليها…

—————-

المصادر:

1- صلاح الدين وعصره – محمد فريد أبو حديد

2- حياة صلاح الدين الأيوبي – أحمد بيلي المصري

3- صلاح الدين الأيوبي.. أصوله ونشأته وحياته الأسرية – د. علي الصلابي

4- سير أعلام النبلاء – الذهبي

5- الكامل في التاريخ – ابن الأثير

6- النوادر السلطانية والمحاسن اليوسيفية – بهاء الدين بن شداد

7- صلاح الدين.. أخلاق الفارس الإسلامي – إسلام أون لاين

8- بدائع الزهور – ابن إياس.

9- التنجيم السينمائي واللعبة القذرة – يسري الخطيب (دراسة منشورة)

……………

(موسوعة: “شموسٌ خلْفَ غيومِ التأريخ” – يسري الخطيب)

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى