في خطوة تحمل دلالات اقتصادية وسياسية، قرر صندوق النقد الدولي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التسهيل الممدد المخصص لمصر في مراجعة واحدة، على أن تُعرض على مجلس إدارة الصندوق خلال عام 2025.
هذا القرار يأتي في ظل تأخر مصر في تنفيذ بعض البنود الأساسية ضمن البرنامج، وهو ما دفع الصندوق لإعادة ترتيب الجدول الزمني للمراجعات قبل حلول موعد انتهاء البرنامج في 2026.
المراجعات الدورية التي يجريها الصندوق تُعد من أهم الآليات التي يعتمد عليها لضمان تنفيذ الدول لبرامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها، وتشمل تقييم الأداء المالي والنقدي والإصلاحات الهيكلية، كما ترتبط كل مراجعة بصرف شريحة من التمويل. دمج المراجعتين يعكس مرونة فنية من جانب الصندوق، لكنه في الوقت ذاته يُبرز وجود تحديات حقيقية تواجهها الحكومة المصرية في تنفيذ التزاماتها.
من بين الأسباب التي دفعت إلى هذا الدمج تأخر الحكومة في تحقيق بعض الأهداف، وضرورة تسريع صرف التمويلات، إضافة إلى محاولة الحفاظ على زخم البرنامج دون تعطيله، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية محلية وإقليمية معقدة. القرار يشير أيضًا إلى حرص الصندوق على استمرار التعاون مع مصر دون اللجوء إلى خطوات تصعيدية مثل تعليق التمويل أو إصدار تقارير سلبية قد تؤثر على ثقة المستثمرين.
ورغم أن الدمج لا يُعد إلغاءً لأي من المتطلبات، فإنه يمثل تحذيرًا ضمنيًا بأن الاستمرار في البرنامج مشروط بوتيرة تنفيذ حقيقية وسريعة للإصلاحات، لا سيما في ملفات حساسة مثل تحرير سعر الصرف وخفض تدخل الدولة في السوق وتحسين مناخ الاستثمار. اقتصاديًا، يُتوقع أن يسهم القرار في دعم احتياطي النقد الأجنبي فور صرف الشريحة الجديدة، كما قد يمنح الحكومة متنفسًا ماليًا في الأجل القصير، لكن التحديات الجوهرية تظل قائمة وتستدعي تحركًا فعّالًا على مستوى السياسات.
الحكومة المصرية من جهتها أعلنت التزامها الكامل بمسار الإصلاح، مؤكدة أن القرار لا يغير من تعهداتها تجاه الصندوق، في حين يرى مراقبون أن الخطوة تمثل رسالة ضغط ناعمة من المؤسسة الدولية.
مستقبل البرنامج سيعتمد على مدى قدرة مصر على تنفيذ الالتزامات المتبقية قبل الموعد النهائي، وعلى قدرتها في تحقيق التوازن بين متطلبات الصندوق واحتياجات الشارع المحلي. بهذا الدمج، يدخل البرنامج مرحلة أكثر حساسية، تزداد فيها الرهانات، وتتضاعف التحديات، ويبقى الاقتصاد المصري بحاجة إلى إصلاحات حقيقية ومستدامة تعالج جذور الأزمة، لا مجرد خطوات شكلية لتأمين شرائح تمويل مؤقتة.