يسعى مسئولون في البيت الأبيض، للضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمنعه من إقالة جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) لما في هذا القرار من تأثير كبير على السياسات الاقتصادية الأمريكية والأسواق العالمية.
وظل احتمال أن يُقدم الرئيس ترامب على إقالة باول مطروحا منذ عدة أشهر، لكنه عاد ليتصدر المشهد العلني مجدداً خلال الأسبوع الماضي.
واشتكى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مرارا من أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي بحاجة إلى خفض أسعار الفائدة لتقليل أعباء الدين الفيدرالي.
وبحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن الرئيس أبلغ نوابا جمهوريين خلال اجتماع عقد مؤخرا أنه قد يُقدم قريبا على إقالة باول.
لكن في وقت لاحق من نفس اليوم، قال ترامب للصحفيين، إنه لا يعتزم اتخاذ هذه الخطوة في الوقت الحالي.
وأثار هذا الجدل اضطرابات مؤقتة في الأسواق المالية الأمريكية، إذ يرى كثير من المستثمرين أن محاولة تغيير مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) بسبب خلافات على السياسات، قد تُقوض تدريجيا استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، أو قدرته على اتخاذ قرارات لا تحظى بتأييد شعبي عند الضرورة للحفاظ على معدلات تضخم منخفضة.
وادعى وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، أنه نجح في حديث خاص مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من إقناعه بوجوب عدم إقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
وركز بيسنت في شرح أسبابه لتجنب خلاف علني بشأن الأشهر الـ10 الأخيرة من ولاية باول في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على عدة محاور، من بينها التأثيرات المحتملة على الاقتصاد والأسواق، واحتمال أن يكون المجلس في طريقه بالفعل إلى خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري، إضافة إلى العقبات السياسية والقانونية المحتملة لمثل هذه الخطوة.
واعتبر بيسنت إقالة باول “غير ضرورية”، نظراً للأداء الجيد للاقتصاد وتفاعل الأسواق الإيجابي مع سياسات الرئيس.
وذكّر بيسنت ترامب بأن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، ألمحوا إلى إمكانية خفض أسعار الفائدة مرتين قبل نهاية العام.
شخص غبي
وفي وقت سابق، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي شخص غبي.
وصعّد ترامب من لهجته تجاه السياسة الاقتصادية الحالية، مهاجمًا بشدة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وأوضح ترامب، أنه لن يعيّن شخصًا في رئاسة الفيدرالي الأميركي يبقي أسعار الفائدة كما هي، مشيرًا إلى أن جيروم باول “ارتكب خطأً كبيرًا” في إدارته للسياسة النقدية، معربًا عن أمله في أن “يستقيل من منصبه”.
وول ستريت: ترامب يدرس الإعلان مبكرًا عن خليفة باول
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، إن ترامب، يدرس الإعلان مبكراً عن خليفة رئيس الاحتياطي الفيدرالي.
وذكر التقرير أن ترامب لم يكن راضيا عن أداء جيروم باول، لأنه كان بطيئاً جداً في خفض أسعار الفائدة.
وأوضح التقرير أن من بين البدائل المحتملة محافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي كيفن وارش ومدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت.
وقال ترامب إنه يفكر في 3 أو 4 أشخاص لخلافة باول، الذي تنتهي ولايته كرئيس للبنك المركزي الأميركي في مايو 2026.
إحالة للمساءلة
ويوم أمس الإثنين، ذكرت شبكة فوكس نيوز، أن النائبة الأمريكية الجمهورية آنا باولينا لونا، نفذت تهديدها خلال الأسبوع الماضي بإحالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.
وتأتي الإحالة وسط شكاوى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المستمرة منه بسبب عدم خفضه أسعار الفائدة، التي طالب بأن تكون % 1 أو أقل.
ولا تعني الإحالة توجيه أي تهم جنائية لباول، الذي يقاوم مطالب ترامب ويشدد على أن خفض أسعار الفائدة لا بد وأن يستند إلى البيانات.
أسباب الإحالة
وجاءت الإحالة بعد مزاعم بأن باول قدم معلومات مضللة خلال شهادته أمام لجنة البنوك بالكونجرس في يونيو 2024، حيث نفى وجود مرافق فاخرة مثل غرفة طعام خاصة وتراس على السطح في التصميمات، بينما تشير وثائق إلى عكس ذلك.
وأوضحت النائبة لونا في منشورات على منصة «إكس» أن التحقيق سيركز على التناقضات في تصريحات باول، فيما أشارت تقارير إلى أن تكلفة المشروع قفزت من 1.9 مليار دولار إلى 2.5 مليار بسبب التضخم وتحديات أخرى.
من جانبه، دافع باول عن المشروع مؤكدًا أنه يمول من موارد الاحتياطي الفيدرالي وليس أموال دافعي الضرائب، وطلب مراجعة مستقلة من المفتش العام.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تصاعد الضغوط السياسية من حلفاء الرئيس دونالد ترامب على مؤسسة الاحتياطي الفيدرالي.
هل يمكن لترامب إقالة باول؟
يبقى هذا الأمر غير محسوم من الناحية القانونية، فوفقا لقانون الاحتياطي الفيدرالي الصادر عام 1913، والذي أنشأ البنك المركزي الأميركي، فإن أعضاء مجلس المحافظين، الذين يُعيّنون من قبل الرئيس ويصادق عليهم مجلس الشيوخ لولايات مدتها 14 عاماً، لا يمكن إزاحتهم من مناصبهم إلا “لسبب وجيه”، وهو ما فُسّر تاريخيا بأنه يعني سوء السلوك أو المخالفات الجسيمة، وليس الاختلاف في السياسات.
ورغم أن القانون يفرض قيودا على إقالة أعضاء مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، فإنه لا يحدد بوضوح ما إذا كانت تلك القيود تنطبق على رئيس المجلس، الذي يُعدّ أحد الأعضاء السبعة في مجلس المحافظين ويُعيَّن لفترة رئاسية مدّتها أربع سنوات، بحسب رويترز.