أقلام حرة

ضياء قدور يكتب: طموحات النظام الإيراني النووية ومخاوف الغرب

في 13 مارسر 2025، أصدر وزراء خارجية أبرز الديمقراطيات الغربية في العالم تحذيرًا شديد اللهجة من تصاعد استخدام النظام الإيراني للاعتقال التعسفي ومحاولات الاغتيال كأدوات للإكراه. ووفقًا لمسودة بيان نهائي اطلعت عليها رويترز، جددت دول مجموعة السبع – التي تضم بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة – تأكيد موقفها بأن طهران لا تزال مصدرًا رئيسيًا لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط. وحث الوزراء النظام الإيراني على العودة إلى المفاوضات الدبلوماسية بشأن برنامجه النووي. دعوات لتخفيف العقوبات والانخراط الدبلوماسي

في المقابل، اجتمع ممثلون من الصين وروسيا والنظام الإيراني في 14 مارس/آذار 2025، للمطالبة بإنهاء العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي سريع التطور. مثّل الاجتماع محاولة أخرى لإحياء المفاوضات متعددة الأطراف بشأن الأنشطة النووية للنظام الإيراني. يأتي هذا الجهد الدبلوماسي في أعقاب رسالة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني، سعيًا لاستئناف المحادثات – وهي خطوة مصحوبة بعقوبات إضافية في إطار استراتيجية ترامب “للضغط الأقصى”. وبينما أتاحت هذه الحملة إمكانية إجراء مفاوضات، إلا أنها أبقت أيضًا على تهديد التدخل العسكري.

تطور برنامج السلاح النووية الإيراني

يتكون البرنامج النووي للنظام الإيراني من ثلاثة مكونات رئيسية:

١. إنتاج الوقود – يشمل ذلك تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم للحصول على المواد الانشطارية.

٢. التسليح – الأعمال العلمية والهندسية اللازمة لدمج نواة نووية، وآلية تشغيل، ومتفجرات.

٣. أنظمة الإطلاق – تطوير صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، وتصغير الأسلحة النووية للاستخدام في عمليات الإطلاق.

في حين لم يُعلن النظام الإيراني رسميًا بعد عن تطوير أسلحة نووية، تُشير تقارير الاستخبارات إلى أنه أحرز تقدمًا ملحوظًا في كل خطوة من هذه الخطوات. وقد قدّر معهد العلوم والأمن الدولي منذ عام ٢٠٢١ أن النظام الإيراني قادر على تصنيع سلاح نووي بدائي في غضون ستة أشهر تقريبًا من اتخاذ القرار النهائي. ويمكن أن يكون هذا الجهاز، الذي يستخدم ٦٠٪ من اليورانيوم عالي التخصيب (HEU)، مناسبًا للاختبارات تحت الأرض أو آليات الإطلاق البدائية.

الجدول الزمني لإنتاج سلاح نووي

يُقدّر المسؤولون الأمريكيون عمومًا أن النظام الإيراني سيحتاج إلى حوالي عام واحد لبناء رأس نووي مناسب للاستخدام في الصواريخ. ومع ذلك، بمجرد أن يبدأ النظام الإيراني الجدول الزمني الممتد لستة أشهر لبناء قنبلة نووية بدائية، فمن المحتمل أن يحول اليورانيوم المخصب بعيدًا عن الرقابة الدولية في غضون أربعة أشهر. قد لا يترك هذا السيناريو للقوى الغربية سوى أسابيع للتدخل ومنع النظام الإيراني من امتلاك القدرة النووية.

يمتلك النظام الإيراني بالفعل ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60% لبناء ستة إلى سبعة أسلحة نووية بدائية. يمثل إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب عند هذا المستوى ما يقرب من 95-99% من الجهد اللازم للوصول إلى نسبة تخصيب 90%، والمعروفة أيضًا باسم اليورانيوم “الصالح للاستخدام في الأسلحة”. يتطلب كل سلاح نووي خام حوالي 42 كيلوغرامًا من اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60%. يمكن لطهران إما استخدام مخزونها الحالي مباشرةً أو زيادة تخصيبه إلى درجة نقاء صالحة للاستخدام في الأسلحة لتطوير رؤوس حربية صاروخية.

السياق التاريخي وتقييمات الاستخبارات

راكم النظام الإيراني معرفة واسعة حول التسلح النووي منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في إطار “خطة آماد” السرية، التي تهدف إلى تطوير أسلحة نووية. في حين ذكر التقييم السنوي للتهديدات الصادر عن مجتمع الاستخبارات الأمريكي في فبراير 2024 أن “النظام الإيراني لا يقوم حاليًا بالأنشطة الرئيسية لتطوير الأسلحة النووية اللازمة لإنتاج جهاز نووي قابل للاختبار”، إلا أن هذا التأكيد غاب بشكل ملحوظ عن تقييمات الاستخبارات اللاحقة في يوليو ونوفمبر 2024.

الخلاصة: تحدٍّ جيوسياسي مُلِحّ

مع استمرار النظام الإيراني في تقصير الإطار الزمني اللازم لتسليح برنامجه النووي، تتزايد المخاوف الدولية. ويُبرز الانقسام بين القوى الغربية الداعية إلى الضغط الدبلوماسي والخصوم الساعين إلى تخفيف العقوبات مدى تعقيد معالجة طموحات طهران. ومع تقلص الجداول الزمنية لتجاوز العتبة النووية، يواجه المجتمع الدولي إلحاحًا متزايدًا لمواجهة أنشطة النظام الإيراني المزعزعة للاستقرار ومنع ظهور تهديد نووي جديد في الشرق الأوسط.

ضياء قدور

كاتب وباحث سوري، مختص في الشؤون الإيرانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights