أقلام حرة

ضياء قدور يكتب: هل الملالي في العراق أقوياء؟

يتحدث باحثون ومحللون عن سبل إنهاء التدخل الإيراني في المنطقة ويحثون على التضامن مع مجاهدي خلق في ندوة بعنوان: هل الملالي في العراق أقوياء؟ وهل الجبهة الإسلامية الموحدة ضدهم واقعية؟

أصبح قوام مليشيات الحشد اليوم حوالي 250 ألف مُسَلّح، مما يجعل منها عاملاً مؤثراً في الانتخابات البرلمانية. لم تعُد الميليشيات الشيعية ناشطة سياسياً ومسلحة جيداً فحسب، بل باتت لديها اليوم استثماراتها، وحتى جامعاتها وفِرَقها الرياضية! وباتت تمتلك موارد مالية هائلة من خلال مكاتبها الاقتصادية التي تسيطر على شركات ومصانع في جميع أنحاء العراق، والتي باتت مصدر دخل لها ولراعيتها إيران خلال فترة الحصار الذي فرضه عليها الغرب بسبب الملف النووي. كما تملك اليوم بنوكاً وتنشط في قطاع النفط، ولديها شبكة واسعة تسيطر على تجارة المخدرات، ومسئولة عن الكميات الهائلة من الكرستال الذي يُغرق جنوب العراق.

لقد أحكمت إيران سيطرتها على العراق من خلال الحشد الذي حقق لها كل ما يخدم مصالحها ومخططاتها، من تخريب لبنى العراق التحتية أو استنزاف لموارده أو تجهيل لشعبه، بأفضل وأسهل وأرخص مما كان يمكن أن يحققه لها جيش جرار من الأعداء. بالتالي هي لا تتحمل المسؤولية -ظاهرياً- عن أفعاله، وبإمكانها دائماً أن تنكر علاقتها به وتتنصل عنه متى ما تشاء، لأن من يقوم بذلك هو مرتزقة وحصان طروادة مِن العراقيين العملاء لها ولمُرشِدها!

في مثل هذه الحالة ، ورغم أن الشعب العراقي يعيش في فقر وجوع، لكن بسبب الحكم المطلق لمرتزقة النظام على هذا البلد وعمليات القتل والاغتيالات، هل بات الحديث عن أية انتفاضة أو تغيير في هيكل الحكومة العراقية مضيعة للوقت؟!

حول هذا الموضوع، قال الدكتور محمد الموسوي، أحد النشطاء العراقيين البارزين، في مساحة على موقع تويتر: «إن نظام الملالي يتمتع بنفوذ قوي وفعال في العراق وهو صاحب السيادة والريادة في العراق وبمباركة دولية في نفس الوقت».

وأشار إلى أن انتفاضة تشرين لم تكن هي البداية بل سبقها تضحيات جسام في مواجهة المد الفكري الجديد المُعدّ له من قبل عام 2003، لكن انتفاضة تشرين جاءت لتعبر عن المحنة بشكل فعلي وعملي ونزلت للميدان وقدمت التضحيات.

وأضاف أن التضحيات في العراق كبيرة وعميقة بقدر المأساة، فالعراقيون فقدوا وطناً وليست فقط آلاف الشهداء، وعندما تفقد مؤسسات الدولة سيادتها فالدولة غير موجودة، وهذا ما فعله الملالي بالتحديد.

ونوه السيد الموسوي إلى أن الملالي عكس وجودهم الضعيف والهش في داخل إيران، إلا أنهم يتمتعون بنفوذ ضخم وعميق داخل العراق بسبب الطاعة العمياء لمجموعات المرتزقة والمليشيات التابعة لهم، مبيناً أن نظام الملالي هو نظام هش وأضعف من بيت العنكبوت لكنه نظام يعتاش على الأزمات والفتن وإبقاء المنطقة في حالة انشغال دائم، ويتقدم فيما بعد بحلول مصطنعة تتناسب مع أجندته في دول المنطقة، وقضية الكهرباء الإيرانية في بلد عريق مثل العراق هي أكبر مثال على هذا الطرح.

وأكد الموسوي أن نظام الملالي لا يحكم العراق بمنطق ديني أو طائفي إنما يحكم بمنطق الأدوات الطفيلية المنتفعة والريعية التي تسعى للحفاظ على مكتسباتها من خلال تحالفها مع هؤلاء، وكل شيء مباح حتى إذا كان خارج نطاق الدين والعرف مادام أن الغاية تبرر الوسيلة بالنسبة لتلك المليشيات، والخوف أصبح هو سيد الموقف في العراق في ظل مجموعة المرتزقة التي أصبحت بمثابة قوة هادمة للدولة العراقية.

وبين السيد الموسوى أن الحل في العراق إقليمي وليس بإمكان انتفاضة تشرين أن تستمر للأبد بعد أن ضحى ثوار تشرين بدماءهم، بل إن الحل الرئيسي للمشكلة يبدأ من حل القضية من داخل إيران، ويتمثل ذلك في إسقاط نظام الملالي.

وحول الدعوة التي وجهتها السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، لتشكيل جبهة إسلامية موحدة ضد نظام الملالي، أكد السيد الموسوى على أهمية هذه الدعوة ووجوب العمل على تأسيسها منذ عام 2004.

ونوه السيد الموسوى لضرورة استغلال وجود انتفاضة شعبية مستمرة في إيران منذ سبتمبر 2022، مشيراً إلى وجود آلاف وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق، مؤكداً على وجوب عمل تنسيق منظم مع منتفضي تشرين في هذا الخصوص كمرحلة أولى في المنطقة.

وفي ذات السياق، قال نزار جاف، الكاتب والباحث العراقي البارز، أنه :” عند النظر للحالة العراقية لا بد لنا من التأكيد على أن النفوذ الإيراني داخل هذا البلد يعتمد على العامل الطائفي والديني شئنا أم أبينا، وبناءً على هذا العامل الخطير أصبح نظام الملالي يستخدم ورقة ميليشياته الطائفية والإجرامية كتهديد ضد شعبه الثائر، مشيراً إلى قيام أئمة صلاة الجمعة في إيران بتهديد الشعب الإيراني بإدخال ميليشيات الحشد الشعبي لقمع الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في إيران في أعقاب السيول التي وقعت في عام 2019، مشبهاً المليشيات التابعة لنظام الملالي بجندي تحت الطلب.

وأكد نزار جاف أن التغيير في العراق لابد أن يبدأ من إيران أولاً، فإذا بقي الوضع في إيران على ما هو عليه فلن تحدث الكثير من التغييرات في العراق وبقية بلدان المنطقة، هذا لا يعني أن نيأس، بل يجب أن تستمر المقاومة وحملات التوعية ضد الاحتلال الإيراني في كل بلدان المنطقة.

وأشار السيد جاف إلى أن أكبر متضرر في العراق من النفوذ الإيراني هم الطائفة الشيعية، وهم المستهدفون بالدرجة الأولى.

ولذلك، فمن وجهة نظر السيد نزار جاف، فإن أفضل وسيلة للضغط على نظام الملالي هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، خصوصاً عبر ذراعها القوية منظمة مجاهدي خلق.

وأكد السيد جاف على قوة مجاهدي خلق واتساع رقعة شعبيتهم وقاعدتهم الداخلية، مشيراً إلى أنه لم تحدث انتفاضة شعبية داخل إيران لم يتهم النظام فيها مجاهدي خلق بالوقوف وراءها.

وشدد السيد جاف على أن منظمة مجاهدي خلق لها الدور والتأثير المطلوب لإحداث تغيير كبير داخل إيران، داعياً إلى تقديم المزيد من الدعم الدولي لها للقيام بما لم يستطع به أحد.

وبينت السيدة حنان عبد اللطيف، المديرة الإقليمية لمركز الرافدين لحقوق الإنسان أن نظام الملالي استغل الاقتصاد العراقي طيلة السنوات التي تم فيها فرض عقوبات اقتصادية شديدة عليه بهدف التحايل عليها.

وأضافت اليوم وزير التعليم العالي في العراق هو من عصائب أهل الحق وهو ما يحقق للملالي نشر إيدلوجيتهم المتطرفة في أوساط العراق، واليوم جعل الملالي الحكومة العراقية عبارة عن حكومة وظيفة تعمل لصالحه.

ونوهت السيدة حنان إلى أن المصالح الغربية مع الملالي المهيمنين على العراق جعلهم يتغاضون عن الانتهاكات الفظيعة للحقوق الإنسان لهذا النظام.

وفي سياق متصل، قال الدكتور يحيى العريضي، السياسي السوري المعارض البارز والاستاذ السابق في جامعة دمشق أن نظام الملالي اعتمد على إستراتيجية تصدير الثورة منذ بداية صعوده للحكم في عام 1979 متعمداً بذلك على الأدوات في المنطقة “.

وأشار السيد العريضي إلى أن الولايات المتحدة باحتلالها للعراق، بوابة العرب وبوابة القارات الثلاث، قدمته على طبق من ذهب للملالي.

ضياء قدور

كاتب وباحث سوري، مختص في الشؤون الإيرانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى