في مشهد يختلط فيه الألم بالصدمة، تحوّل الطبيب الإندونيسي إيكا بودي ساتياوردانا، الجراح المتطوّع ضمن البعثة الطبية الإنسانية في غزة، إلى شاهد حي على واحدة من أكثر لحظات استهداف الصحافة قسوة.
كان يقف على مقربة من فريق قناة الجزيرة أثناء توثيقهم للأحداث، حينما باغتتهم طائرة إسرائيلية بدون طيار بصاروخ مباشر أصاب مركبتهم. الانفجار كان مروّعًا؛ دوّى صوته في المكان وتناثرت شظاياه، لتتحول المركبة إلى حطام مشتعل، ويسقط المراسل أنس الشريف وخمسة من زملائه الصحافيين قتلى في الحال.
الدكتور إيكا أكد، في تصريحات نقلتها عرب نيوز، أن المشهد لم يحمل أي علامات على خطأ أو نيران عشوائية، بل بدا وكأنه استهداف محسوب ودقيق. هذه الشهادة سرعان ما وجدت صداها في الداخل الإندونيسي،
حيث أصدرت وزارة الخارجية الإندونيسية بيانًا شديد اللهجة أدانت فيه الحادث، واعتبرته “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واعتداءً مباشرًا على حرية الصحافة”، داعيةً إلى فتح تحقيق دولي مستقل ومحاسبة المسؤولين عن الهجوم.
الغضب الشعبي لم يتأخر؛ ففي شوارع جاكرتا، ومدينة باندونغ، وسورابايا، خرجت تظاهرات ووقفات تضامنية نظمها طلاب الجامعات ونقابات الصحافيين.
رفع المحتجون صور الضحايا وأعلام فلسطين، وهتفوا بشعارات تدعو لوقف استهداف المدنيين والإعلاميين، مع مطالبات للحكومة الإندونيسية بتصعيد تحركاتها الدبلوماسية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.
من الجدير بالذكر أن إندونيسيا، التي لا تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل، تملك سجلًا طويلًا في دعم الشعب الفلسطيني، ليس فقط بالمواقف السياسية، بل أيضًا عبر إرسال بعثات طبية وإنسانية إلى قطاع غزة منذ سنوات،
حيث يشمل ذلك أطباء وجراحين متطوعين مثل الدكتور إيكا، الذين يعملون في ظروف قاسية لإنقاذ الأرواح وسط الحصار والقصف.