الأحد يوليو 7, 2024
أقلام حرة

عائدة بنت عمر تكتب: دولة منزوعة السلاح

عندما ترسم خرائط توزيع القوى وخرائط انتشار الوحدات العسكرية، سترى بوضوح أن أخطر دور عسكري ليس القوات الصهيونية وإنما هو القوات المصرية، وإسناد ديبلوماسي للكيان بالاعتراف بحق الاحتلال،

إضافة إلى الاتفاق مع الكيان وكل أعداء الأمة على توصيف (حماس والقسام) أنهما حركات إرهابية وجب تصفيتهما، بل لدرجة أن السيسي قائد القوات المسلحة المصرية (الجبهة الغربية) يلوم قائد القوات الصهيونية (الجبهة الشرقية) على تأخره في تصفية المقاومة،

كما يقوم الجيش المصري بالمهمات القتالية منذ فترة طويلة من جهة جبهته الشرقية وذلك بمايلي: تهجير 100.000 من سكان سيناء ليرسم عازلا بين المقاومة وامتدادها الطبيعي من الأمة، هدم رفح المصرية وتهجيرهم لقطع الإمداد المباشر بالأنفاق وغيرها، إغراق الأنفاق بمياه البحر والمضخات الضخمة بهدف عدم تمكين القسام من إدخال الوسائل والأدوات الضرورية للمقاومة والحياة،

وهذا ما يسمى في العمليات العسكرية التمهيد بقطع طرق الإمداد اللوجستية، يقوم بالتخابر الأمني مع العدو، يقوم بالدعم المالي واللوجستي للعدو خاصة الطاقة وهي أهم محرك للقطع العسكرية الثقيلة، ويغلق معبر رفح الشريان الإنساني الوحيد لسكان غزة فلا يستطيعون الهرب من وحشية القصف، وبالتالي يرفع جدوى الهدف العسكري للعدو من القصف الهمجي و تحقيق عامل الضغط النفسي والأخلاقي على المقاومة”.

فطبيعة الانتشار العسكري من قوات برية ودبابات من الجانب المصري لا تتوافق وطبيعة الهجمة للكيان الصهيوني وتحركه على الأرض، فهجمات الكيان صاروخية جوية والدبابات هي لانتظار القسام في حالة اضطر للانسحاب من جهة مصر،

ولو كانت النية غير ذلك لنشرت بطاريات الدفاع الجوي والصواريخ الرادعة للعدو، وبالتالي تهديد السيسي بأن أي جهة داخلية مصرية تحمل السلاح للدفاع عن غزة بالتعامل معها في منتهى القسوة، هو تصريح عسكري مكافئ لنتنياهو في الجبهة الغربية بتعبئة كل فرد لحمل السلاح وتحقيق نبوءة يهوه، لذا فإن هذا الجهد الحربي على الجبهة الشرقية (مصر) أخطر من الجهد الحربي للجبهة الغربية (الكيان)”.

ووسط كل ذلك يرى مراقبون، أن دولة منزوعة السلاح تحتاج إلى عملية سياسية شاملة تأخذ بعين الاعتبار رسم حدود الدولة، وما إذا كانت ستقام على حدود الرابع من يونيو 1967، وما يرافق ذلك من محددات بشأن الموقف من القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين، والأراضي التي تتخلى عنها إسرائيل بعد أن أغرقت الضفة الغربية بالمستوطنات”، حسب صحيفة العرب القطرية.

وكلام السيسي عن دولة بدون سلاح للفلسطينيين هو ترجمة دقيقة لرغبة واشنطن في تصفية القضية الفلسطينية نهائيا، إذ أن السلاح ركيزة المقاومة وضمان استمرار القضية حية تتناقلها الأجيال، وهذا يتعارض مع رغبة إسرائيل شعبا ومؤسسات رسمية في رسم مستقبل هادئ وآمن لهم ولأولادهم وأحفادهم، فالسلاح قوة ردع وعامل رعب خطير على نفسية العدو، حيث إنه يهدد فكرة وجود إسرائيل ويفند سردياتهم لمغالطة مواطتيها بأنها الجيش الذي لا يقهر وأنها أرض الميعاد”.

ثم لا ننسى أن هذه التصريحات تأتي في توقيت بالغ الأهمية بالنسبة لمصر، إذ إنها تخوض انتخابات رئاسية قادمة، والسيسي هو من أبرز المترشحين، ولذلك يعمل على استرضاء الغرب ومغازلة الكيان الصهيوني بتقديم هكذا مقترحات وضمانات، وهو لو انتخب مجددا رئيسا لمصر فإته سيبقى حليفا مهما لإسرائيل.

والفلسطينيون سيرفضون رفضا باتا هذا المقترح لأنه خيانة لمسيرة نضالية طويلة عبر عقود متتالية من الكفاح والتضحيات الجسام، وانحرافا عن نهج المقاومة باختلاف فصائلها بدءً بحركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية إلى جانب حركة حماس وبقية التشكيلات الأخرى، فالفلسطينيون أكثر من غيرهم يعرفون أن نزع السلاح هو مقدمة لمشروع التهجير والتغيير الديمغرافي وقبر القضية.

Please follow and like us:
عائدة بن عمر
عضو مؤسس في منظمة «إعلاميون حول العالم»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب