أقلام حرة

عادل الشريف يكتب: رسالة الجمال

كنت في مجموعة من ضباط الجيش المصري الذين انتخبوهم للتعرف الكامل على سيناء بعد جلاء الصهاينة عنها في مطلع الثمانينات، وعند بوابة شرم الشيخ جلسنا على الشرم أو الخليج الصغير الممتد مائتي متر من البحر الأحمر عند التقائه بخليج العقبة، تناولنا سندوتشات الغداء وألقى بعضنا ببعض اللقيمات في الماء فإذا بنا نجد أفواجا من السمك البريء المذهل في جماله يصعد فرحا باللقيمات يأكلها، كانت ألوان السمك مبهرة ففيها تدرجات الألوان بإبداع مذهل فالرمادي إلى الأسود والأزرق الفاتح جدا إلى الأزرق الداكن، ودرجات الأصفر كذلك الذي يشتمل الأصفر الفاتح حتى الأحمر الأرجواني الفاقع، فإذا حل الليل وألقينا اللقيمات وجدنا هذه الأسماك تضيء كأن لمبات كهربية بيضاء مركبة في داخل الأسماك تجعل الألوان بالليل ناطقة بجلال المبدع.

وساعتها أخذت أسأل نفسي:

ماذا يريد الله أن يبث من رسائل الجمال هذه وغيرها كثير في الزراعات وأحواض الزهور والفراشات والطيور والقطط والكلاب و… وحتى الإنسان، إنك تطالع جملة من الأطفال في حركاتهم وأشكالهم ولثغاتهم وضحكاتهم وحركاتهم فلتكاد تفتك بهم احتضانا وتقبيلا من حشد ما تطالع من جمال.. ماذا تريد منا يا ربنا من رسائل الإبداع هذه.

ألِنُطالع قدرتك المنطلقة بلا حدود.. أم لنطالع تعددية إبداعاتك التي لا تُحصى.. أم لتعلمنا كيف نبدع نحن أيضا في صناعاتنا وأعمالنا.. أم لنفسر الأخبار والأحداث والتاريخ وعلوم الدعوات ومقاصد التشريعات من منطلق الجمال لنرى العالم الرباني جميل الصدر واسع الأفق عظيم التيسير ورفع الحرج والمشاق.. أم لنشتاق إلى الجنة التي فيها أضعاف مُملينة من هذا الجمال والإبداع.. أم لنشتاق إليك أنت.. أنت وحدك.. لا إله إلا أنت.. سبحانك يا جميل يا أجمل وأعلى وأغلى.. فغفرانك فرع من جمال رحماتك ورحمانياتك.. انصر عبادك الطيبين الذين يقدمون لنا أجمل نماذج محبتك والتضحية في سبيلك ويُبدعون في بذل الجهد ونكاية العدو.. انصرهم يا ربنا الحبيب وأجبر كسرنا بهم.. أعزنا بعزهم ومجدنا بمجد انتصارهم.. يا رب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights