عامر شماخ يكتب: إحدى عشرة سنة علَى المؤامرة [1/ 3]
في يوم الأحد (24 من يونيو 2012م)، أعلنت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية بنسبة (51.7%) من جملة الأصوات الصحيحة في جولة الإعادة، وقد شهدت شوارع مصر فرحة غير عادية بمجرد إعلان فوزه؛ حيث خرج المواطنون بسياراتهم يجوبون الشوارع، وأطلقت المساجد صيحات التكبير بالنصر، وامتلأت الميادين عن آخرها بالملايين الذين ينشدون الأغاني الوطنية ويرفعون علم مصر.
وأكد رئيس الجمهورية المنتخب في أول خطاب له بعد توليه رئاسة مصر، أنه لولا دماء الشهداء ما كان هذا العُرس، ما جعله يقدم التحية والشكر لهؤلاء الشهداء ولأسرهم، مجددًا العهد بالقصاص لدمائهم، كما أكد أنه -منذ هذا اليوم- صار رئيسًا لكل المصريين، في الداخل والخارج، وأن الجميع لديه سواء، وأنه سيقف على مسافة واحدة من المواطنين كافة.
ووعد الرئيس باستمرار الثورة حتى تتحقق جميع مطالب الثوار، كما وعد بإنهاء حالة الظلم، وطالب الجميع بإعانته على هذه المسئوليات الجسام، وجدّد عهده بأنه لن يخون الله فيهم، وأنه يضع نصب عينيه قول الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281]، مشددًا على أن المصريين قادرون على التقدم نحو غد أفضل بجهودهم وإرادتهم.
وقد أدى الدكتور مرسي للشعب المصري اليمين الدستورية أمام الملايين بميدان التحرير، الذي عمّته الأفراح، وشهد احتفالًا كبيرًا تعالت خلاله صيحات التكبير وسط حالة من السعادة بتحقق إرادة الشعب والثوار بقدوم رئيس من الميدان، جاء لتلبية مطالبهم التي قامت من أجلها الثورة المباركة.
بدأ الرئيس مهام عمله في ظل وجود المجلس العسكري الذي لم تتوقف محاولاته عن أن تكون له اليد العليا في إدارة البلاد والهيمنة على السلطة، لقد أوعز المجلس -في وقت مبكر- إلى بعض السياسيين لطرح مبادرة تضمنت مجموعة من المبادئ عُرفت باسم (مبادئ فوق دستورية) تجعل الشعب وصيًّا على الحياة السياسية والدستورية، وبالتالي يكون له حق الانقلاب على أي نظام ديمقراطي منتخب تحت دعوى الحفاظ على الدستور، إلا أن الشعب نفسه تظاهر ضدها حتى أسقطها.
وفي وقت لاحق (في أواخر شهر سبتمبر 2011) قام المجلس بالاجتماع بعدد من القوى السياسية، مهملًا القوى الفاعلة والمؤثرة، وقام بتحديد موعد الانتخابات، وناقش قانون الانتخابات وتقسيم الدوائر، بالمخالفة للإجماع الوطني، إلا أنه أُفشل ثانيًا. ولمّا لم تفلح تلك المحاولات وغيرها أوحى المجلس إلى الدكتور «علي السلمي»، نائب رئيس الوزراء حينها، بتشكيل ما سُمي (المجلس الاستشاري) كأداة لتمرير وثيقته التي فجّرت أحداث محمد محمود، غير أن الإخوان وباقي القوى السياسية استنكروا المحاولة، ورفضها الشعب من ثّمَّ.
في شهر رمضان (2012م) قُتل 17 جنديًا مصريًّا، وعندما شرع الرئيس في حضور جنازتهم أفادته التقارير الأمنية بأن هناك مؤامرة للاعتداء عليه، والسماح للبلطجية باختراق الجنازة، فامتنع عن الذهاب، وبالفعل وقع الاعتداء على من حضر من المسئولين والشخصيات العامة، منهم رئيس الوزراء، بعدها أصدر قرارًا بإحالة المشير طنطاوي والفريق سامي عنان ورئيس المخابرات وقائد الشرطة العسكرية للتقاعد؛ للتقصير في حماية جنود سيناء، وللمؤامرة التي دُبّرت للاعتداء عليه، وعين وقتها مدير المخابرات الحربية وزيرًا للدفاع [قائد الانقلاب فيما بعدُ].
وقعت هذه المؤامرة ولما يمض على وجوده في قصر الرئاسة سوى شهر ونصف الشهر، ما يؤكد أن هناك من يسعى لتعويقه وإفشاله، رغم ما جاء به من صدر سليم، مفتوح للجميع، راغب في بناء دولة معاصرة متحضرة، مستقلة منتجة، ورغم ما قدم من برنامج انتخابي لا يخلو من إصرار على التخلّص من التبعية والجهل، واللصوصية والفساد.
[يتبع].