عامر شماخ يكتب: لبنان.. ثمانيةُ عقودٍ في مواجهةِ الصهاينة [2/ 2]
في السادس من يونيو عام اثنين وثمانين اجتاحت القوات الصهيونية «جنوب لبنان»، متذرعةً بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في «لندن» من قبل مجموعة فدائية فلسطينية..
وفي خلال أربعة أيام من بدء الاجتياح كانت قد وصلت إلى ضواحي «بيروت»،
وفي الثالث عشر من يونيو احتلت القصر الرئاسي.. وكثّفت قوات العدوّ من قصف العاصمة، وحاصرتها حصارًا شديدًا لما يزيد على ثلاثة أشهر،
وقد بلغ عدد ضحايا الاجتياح سبعة وعشرين ألف مواطن، نصفهم من النساء والأطفال، وأُصيب الآلاف بالحروق الخطيرة بسبب استخدام العدوّ للقنابل الفسفورية..
ونتج عن الاجتياح تدمير واسع النطاق، واحتلال جزء كبير من الأراضي اللبنانية، كما أدّى إلى انسحاب «منظمة التحرير الفلسطينية» من لبنان..
وفي الثامن عشر من أغسطس عام اثنين وثمانين تم التوصل إلى اتفاق بوقف إطلاق النار، خفّفت «إسرائيل» بموجبه حصارها على «بيروت»،
لكنها حاصرت يوم السادس عشر من سبتمبر، ولمدة ثلاثة أيام، مخيم «صابرا وشاتيلا» وارتكبت فيه مجزرة بشعة راح ضحيتها ألف وثلاث مائة شهيد من قاطني المخيم..
في عام خمسة وثمانين انسحبت «إسرائيل» بشكل جزئي من «لبنان»، محتفظةً بمنطقة حدودية في الجنوب،
حتى انسحبت بشكل تام عام ألفين.. وقد تمخَّض هذا الاجتياح عن فصيل وطني مقاوم ذي بأس وشدة هو «حزب الله».
الهجمات الصاروخية لـ«حزب الله»
في يوليو عام ثلاثة وتسعين، وردًّا على الهجمات الصاروخية لـ«حزب الله» أطلق جيش الصهاينة عملية عسكرية سمّاها «تصفية الحساب»،
استمرت سبعة أيام، واستهدفت جنوب «لبنان» ووسطه وشماله، وصولًا إلى ضواحي «بيروت»،
استشهد خلالها مائة وعشرون لبنانيًّا وقتل ستةٌ وعشرون صهيونيًّا..
وفي أبريل عام ستة وتسعين شنّت «إسرائيل» عملية مماثلة باسم «عناقيد الغضب» راح ضحيتها مائةٌ وخمسةٌ وسبعون مواطنًا غير نحو أربعمائة جريح،
وارتكبت خلالها مجزرة «قانا» التي استُشهد فيها أكثر من مائة مدني.
وتحت ضربات المقاومة انسحبت «إسرائيل» عام ألفين بشكل كامل من جنوب «لبنان»،
إلا أنها عادت بعد ست سنوات من الانسحاب في عملية عسكرية كبيرة،
وذلك في الثاني عشر من يوليو عام ألفين وستة، على أثر قيام «حزب الله» بخطف جنديين صهيونيين وقتل ثلاثة آخرين..
عرفت العملية باسم «حرب لبنان الثانية»، والتي استمرت أربعة وثلاثين يومًا من القصف الجوي المتواصل الذي تسبب في دمار هائل للبنية التحتية للبلاد،
ونزوح مئات الآلاف من السكان، وقد قتل أثناءها تسعة وأربعون مدنيًّا صهيونيًّا ومائة وواحد وعشرون جنديًّا،
واستشهد ألف وثلاثمائة لبناني، من بينهم مئات الأطفال والنساء.
انطلاق عملية «طوفان الأقصى»
بعد يوم واحد من انطلاق عملية «طوفان الأقصى» التي جرت في السابع من أكتوبر عام ثلاثة وعشرين،
أطلق «حزبُ الله» صواريخه وقذائف مدفعيته على المواقع التي تحتلها «إسرائيل» في «مزارع شبعا»؛ إسنادًا للمقاومة في «غزة»،
كما أعلن الحزبُ ذلك؛ ما أسفر عن إجلاء نحو نصف مليون صهيوني من المستوطنات الشمالية، وردّ الصهاينة بقصف الأراضي اللبنانية..
وقد ظل الاشتباك محصورًا في المناطق الحدودية لعدة أشهر قبل أن تتعمق الاستهدافات من الجانبين،
شملت من الجانب اليهودي عمليات قصف منازل، وتفجير أجهزة «بيجر»،
واغتيالات طالت أمين عام الحزب نفسه «حسن نصر الله» وعددًا من قيادات الصف الأول.
وفي الثالث والعشرين من سبتمبر عام أربعة وعشرين بدأت «إسرائيل» في شن عمليات قصف وتدمير على «لبنان» هي الأعنف بعد حرب عام ألفين وستة،
استُشهد على أثرها وأُصيب آلاف المواطنين، بمن في ذلك الأطفال والنساء والمسعفون،
ونزح ما يزيد على المليون مواطن فرارًا من عمليات القصف..
وفي الأول من أكتوبر بدأ جيش الصهاينة غزوًا بريًّا للجنوب اللبناني لضرب البنية التحتية لـ«حزب الله»، ولإنشاء منطقة عازلة،
لكنه قُوبل بمقاومة عنيفة من جانب مقاتلي الحزب، ولا يزال الجنوب اللبناني مستعصيًا على أحفاد القردة.