عامر شماخ يكتب: من يغلق معبر رفح؟ [1/ 3]

يقع «معبر رفح» الحدودي بين «قطاع غزة» الفلسطينية و«شبه جزيرة سيناء» المصرية؛ حيث ترتبط أراضي القطاع بمصر من خلال هذا المنفذ الدولي و«بوابة صلاح الدين»، ولا يخضع أيٌّ منهما رسميًّا لسيطرة «إسرائيل»، لكنها تتحكم في فتحهما وإغلاقهما..

 تم افتتاح «معبر رفح» في الخامس والعشرين من أبريل عام اثنين وثمانين، بعد توقيع «اتفاقية السلام» بين «مصر» و«إسرائيل» عام تسعة وسبعين ثم انسحابها من سيناء، وبقيت «هيئة المطارات الإسرائيلية»، التي كانت تغلقه معظم الوقت، تسيطر عليه وتديره حتى انسحابها من «غزة» وإغلاق مستوطناتها عام ألفين وخمسة؛ حيث عُيِّن مراقبون أوربيون لمتابعة حركة المعبر بمشاركة «مصر»..

وحسب اتفاقية المعابر الموقّعة بين «إسرائيل» و«السلطة الفلسطينية» في نوفمبر عام ألفين وخمسة بقى المعبر مفتوحًا أمام سفر الأفراد دون البضائع، وفى الفترة من ألفين وسبعة حتى ألفين وسبعة عشر أُغلق المعبر بشكل شبه متواصل لرفض «مصر» والمراقبين الأوربيين التعامل مع «حماس» التي حكمت القطاع منذ يونيو ألفين وسبعة، ولمعارضة «حماس» مشاركة «إسرائيل» في تشغيله، ومطالبتها «مصر» بأن تتحمّل مسئولياتها في هذا الشأن.. إلّا أنه في عام ألفين وسبعة عشر وبعد إحدى عشرة سنة من الغلق شبه التام، تم الاتفاق على تسليمه لـ«السلطة الفلسطينية» التي أعادت تشغيله.

رغم عدم خضوع «معبر رفح» رسميًّا لسيطرة «إسرائيل»، فإنها تتحكم في فتحه وإغلاقه دون مشاورة الجانب المصري، باستثناء فترة حكم الرئيس «محمد مرسى»؛ حيث لم تجرؤ على إغلاقه كما فعلت من قبلُ ومن بعدُ؛ مستغلةً ضعف الحكومات وهشاشة الأنظمة القائمة، ثم رغبة العسكر في القضاء على المقاومة الإسلامية في «غزّة»..

 عقب اندلاع الانتفاضة الثانية في عام ألفين أغلقت «إسرائيل» من جانبها المعبر بشكل كامل، ومن يومها حتى أحداث «طوفان الأقصى» في عام ثلاثة وعشرين راقبت كل صغيرة وكبيرة تخرج من القطاع، ومنذ عام ألفين وخمسة كانت قد منعت الاستيراد تمامًا عن طريق المعبر وقصرته على عبور الأفراد، وصعّدت هذا الحصار بإغلاقه تمامًا بعد اختطاف الجندي «جلعاد شاليط» في يونيو عام ألفين وستة..

ومن المضحك أن «إسرائيل» وقّعت مع «أمريكا» في يناير ألفين وتسعة اتفاقية لوقف تهريب السلاح ونقله إلى «غزة»، دون إشراك مصر فيه، كأنها ليست شريكًا أصيلًا في المعبر وما حوله، ومما جاء في الاتفاق في شكل أوامر صريحة للنظام المصري: (أن يعمل الشريكان مع الدول المجاورة لمنع إمداد السلاح للمنظمات «الإرهابية»، وتأمين وظائف لأولئك الذين كانوا يعملون في تهريب السلاح ونقله إلى حماس).

يسبب إغلاقُ المعبرِ معاناةً كبيرةً لسكان «غزة»؛ حيث يحرمهم من عبور المساعدات الإنسانية في أوقات الكوارث والحروب، ويحرمهم من فرص العلاج والتعليم والتجارة وباقي المجالات غير المتاحة في القطاع، ويعزَّز الإحساس بالعزلة وانعدام الفرص الحقيقية لمغادرته..

وباعتباره المنفذ الرئيس للقطاع فإن إغلاقه يحكم الحصار على الغزِّيين، وما يمثله ذلك من تدهور اقتصادي وتوقف لحركة التجارة ووقوع خسائر فادحة على الأفراد والمؤسسات، فإذا أضفنا إلى ذلك كُلفة الاحتلال وما يشنّه من حروب وغارات على القطاع، فتكون النتيجة تدهورًا اقتصاديًّا وآثارًا وخيمة على الجوانب الاجتماعية والإنسانية..

[يتبع].

عامر شماخ

كاتب صحفي مصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights