عامر شماخ يكتب: من يغلق معبر رفح؟ [2/ 3]
فى تقارير محلية وعالمية ارتفعت نسبة البطالة في القطاع نتيجة غلق المعابر وفرض الحصار من ثلاثة وعشرين بالمائة عام ألفين وخمسة إلى خمسين بالمائة عام اثنين وعشرين، وكذلك الفقر الذى قفزت نسبته من أربعين بالمائة عام ألفين وخمسة إلى سبعين بالمائة عام اثنين وعشرين، ووصلت نسبة العجز في الأدوية إلى سبعة وأربعين بالمائة، وهو ما اعتبرته مؤسسات دولية (حياة شبه مستحيلة) وشكلًا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي في انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي؛ ما دفع منسقي الشؤون الإنسانية فى «الأمم المتحدة» إلى وصف الحصار بأنه: (اعتداء على الكرامة الإنسانية).
شاركت مصر منذ وقت مبكر في الحصار بشكل غير رسمي؛ بإغلاقها «معبر رفح»، المنفذ الوحيد للقطاع إلى العالم الخارجي من جانب «مصر»، وكانت «دولة الكيان» قد هدمت «مطار غزة الدولي» حتى اشتد الحصار والمعاناة؛ ما دفع آلاف الفلسطينيين فى الثالث والعشرين من يناير عام ألفين وثمانية إلى اقتحام الحدود والدخول للتزوّد بالمواد الغذائية من مصر بعد نفادها من القطاع؛ حيث عَبَرَ فى هذا الاقتحام ما يقرب من سبعمائة وخمسين ألف فلسطيني، وأمام هذه الأعداد الغفيرة سمحت لهم السلطات المصرية بالعبور للتسوّق والعودة..
إلّا أنه رغم القصف الإسرائيلي على القطاع في عام ألفين وتسعة، رفض «مبارك» فتح المعبر أمام المساعدات الإنسانية وإنقاذ الجرحى، بل نَصَبَتِ السلطات المصرية على طول الحدود مع القطاع -وبأوامر من الكيان- كاميرات مراقبة ضمن نظام أمنى عالي التقنية بمعاونة أمريكية فرنسية ألمانية؛ تحت زعم منع تهريب الأسلحة إلى المقاومـة الفلسطينية.. وطوال حكم «مبارك» بقى المعبر مغلقًا معظم أيام السنة، وإن كان قد غضَّ الطرف عن عمليات التهريب من خلال الأنفاق.
بعد ثورة يناير عام ألفين وأحد عشر، وبعد سنوات من الإغلاق شبه الكامل من الجانب المصري، أعاد المجلس العسكري -تحت الضغط الجماهيري- فتح المعبر بشكل دائم، اعتبارًا من الثامن والعشرين من مايو من العام ذاته، وسُمح للسيدات ولمن هم دون ثماني عشرة سنة بالعبور دون الحصول على تأشيرات دخول، لكنّ حركة سفر الأفراد والبضائع كانت بطيئة..
وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من فوز الدكتور «محمد مرسي» برئاسة الجمهورية تضاعفت معدلات المرور بصورة كبيرة وبسهولة لم يعهدها المعبر في تاريخه، واستمر العملُ بهذه الوتيرة حتى وقوع الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو عام ألفين وثلاثة عشر حيث أُعيد إغلاق المعبر بشكل تام، ثم تمّ بناء الجدار العازل المصري.. وفى منتصف عام ألفين واثنى عشر أغارت «دولة الكيان» على القطاع، فقام «مرسى» بسحب السفير المصري من «الكيان»، ودعا وزراء الخارجية العرب إلى عقد اجتماع عاجل، وطالبت «مصر» بعقد اجتماع طارئ لـ«مجلس الأمن الدولي»..
وقرر «مرسى» وقتها الإبقاء على المعبر مفتوحًا على مدار الساعة، والسماح بعبور المساعدات الغذائية والطبية للقطاع، وفتح مستشفيات مدينة «العريش» لعلاج الجرحى الفلسطينيين، وفى موقف غير مسبوق أمر «مرسي» رئيس وزرائه «هشام قنديل» بزيارة القطاع أثناء العدوان، على رأس وفد ضم عددًا من الوزراء..
[يتبع].