السبت أكتوبر 5, 2024
أقلام حرة

عبد الرحمن جمال يكتب: اضطراب فكري وفراغ روحي

مشاركة:

تحديدا في الصف الخامس بدأت بمطالعة كتاب رجال الفكر والدعوة، ولخصته في كراستين، وقد تركت مطالعة هذا الكتاب في وجودي أثرا كبيرا أدى إلى اضطراب فكري وشعور بفراغ روحي، كنت أتساءل إن التجديد مقرون بإصلاح النفس، بتحلية النفس بالفضائل وتخليتها عن الرذائل، وأن رجال الفكر والدعوة والتجديد لم يهملوا هذا الجانب، بل أعاروه بعناية خاصة، فإذن كيف السبيل إلى ذلك.

اضطربت لمدة شهور أصابني نوع من اليأس، يا رب! كيف الخروج من هذا الاضطراب والبلبلة الفكرية؟ كانت كلمات المجددين وأعلام الفكر والدعوة تقض مضجعي وتزعج ضميري، أفكر في الشيخ عبد القادر الجيلاني، وفي الشيخ حسن البصري، في مولانا الرومي، في الإمام أحمد بن حنبل، في الإمام ابن تيمية، في الإمام الشاه ولي الله، في الإمام السرهندي؛ إن النقطة المشتركة بين كل هؤلاء هو العرفان والتزكية. إنهم طهروا وجودهم من الأرجاس والأدناس. إذن كيف السبيل إلى ذلك، نحن ندرس ونطالع وندقق ولكن هل هذه المعلومات تكفي لأن تضمن لنا النجاح وتؤهلنا للإصلاح والتربية وتطهرنا من الرذائل والخصال الذميمة؟!

قد شغلتني هذه الأفكار ردحة من الزمن وبدأت أفكر في هذه القضية كثيرا، مرة أهم بالخروج من المدرسة، ومرة أريد أن أتقمص لباس المتصوفين وأنخرط في سلك العارفين، فأترك الدرس وأنهمك في التصوف! أقدم رجلا وأؤخر أخرى.

هذه البلبلة الفكرية كان لها أثرها الكبير في نفسيتي، إلا أنها زالت بعد مدة. وعادت الأمور إلى مجاريها.

والحق أن مطالعة مثل هذه الكتب ينبغي أن تكون تحت إشراف خبراء المطالعة والإخصائيين الذين يحسنون دلالة الطالب على ما هو الأنفع ويزيلون عنه ما يعلق في ذهنه من شكوك وشبهات. وإن فقدان رجال في هذا الميدان الشائك يورث في الطالب الناهض المتحمس الذي يريد التطلع إلى المزيد والتوصل إلى عالم المجهولات، نوعا من الاضطراب والبلبلة، وربما يؤدي إلى انحرافه عن الجادة نهائيا. وهذا فراغ يجب أن يملأ.

Please follow and like us:
عبد الرحمن محمد جمال
مدرس بجامعة دارالعلوم زاهدان - إيران، مهتم بالأدب العربي وعلوم الحديث وقضايا الفكر والوعي الإسلامي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *