عبد الرحمن کورکی يكتب: النساء الإيرانيات يناضلن من أجل الحرية!

عشية الاحتفال بـ«اليوم العالمي للمرأة»

المقدمة

تُعرف المقاومة الإيرانية المنظمة بسمة بارزة وهي أن “النساء” يتصدرن هرمها. حتى الآن، لا يمكن أن نجد مثل هذه السمة البارزة في أي فترة زمنية في التاريخ؛ لمنظمة اجتماعية! لذا، فإنه من المهم أن نتفكر في هذا الأمر ونستلهم منه الدروس.

تحتفل المقاومة الإيرانية سنويًا بـ”اليوم العالمي للمرأة”، حيث يشارك فيه مئات الشخصيات النسائية من دول مختلفة.

جميع المشاركين يُثنون على “مكانة المرأة” في صفوف المقاومة، وكثير منهن ينتمين إلى ثقافات ومعتقدات متنوعة.

ويُشددن على أنه لم ولن توجد منظمة كهذه في أي مكان في التاريخ أو العالم المعاصر.

لهذا السبب، فإنّ النظرة إلى “النساء” ومكانتهن في مقاومة إيران هي ثروة وكنز لا يُضاهى، يجب تقديره.

ولعل هذه القوة والثروة لا تزال غير مفهومة أو مستوعبة لدى البعض!

إذا ما تتبعنا حجم مشاركة نساء العالم ودعمهن للمقاومة الإيرانية، لربما قلنا إنه امتد ليشمل أقصى نقاط الأرض.

فما السبب؟ ولماذا يكون الأمر كذلك؟

قوة تتجاوز الحدود!

إنّ تزايد المشاركة على نطاق واسع لدعم النساء في المقاومة الإيرانية، هو قبل كل شيء، من علامات قوة مثل هذه المقاومة التي تتخطى الجغرافيا السياسية لبلد أو عدة دول. هذا ما لا تقوله المقاومة الإيرانية وحدها، بل تقوله نساء العالم أجمع.

يجد عنصر “المرأة” معناه ومغزاه في المعادلات السياسية؛ في المقاومة الإيرانية.

وذلك لأن هذه المقاومة تخوض مواجهة مع أشد الديكتاتوريات هولاً في التاريخ، ديكتاتورية “معادية للمرأة” تسعى إلى إيقاف مسيرة التاريخ نحو المستقبل.

إن النظام الحاكم، ونظرة وتفكير مؤسسي هذه الدولة ومسؤوليها، وبالتالي وضع المرأة في إيران اليوم، كلها خير شاهد على هذه الحقيقة.

المرأة قوة التغيير

أعلنت المقاومة الإيرانية مرارًا وتكراراً عن “اعتقادها” بأن “المرأة هي قوة التغيير في المجتمع”.

وتقع اليوم، قيادة المقاومة خارج الحدود، وخاصة داخل الأراضي الإيرانية، على عاتق “المرأة” التي تمارس أنشطتها الآن في “وحدات المقاومة”.

إن اعتقاد المقاومة الإيرانية المشار إليه لم ولن يعني إقصاء الرجال أو التقليل من تأثيرهم في مواجهة الديكتاتورية.

فالحقيقة هي أن “النساء الأحرار” و”الرجال الأحرار” مكملان لبعضهما البعض، أو بتعبير آخر، هما وجهان لعملة واحدة.

إنّ التحرر من قيود الاستعباد أو الاسترقاق، لِلمُضي قُدُمًا في إسقاط الديكتاتورية في إيران، لَهُو ضرورةٌ لا غنى عنها.

فبدون التحرر من هذه القيود، لن يكون من الممكن أبدًا اجتثاث نظام ديكتاتوري في إيران!

كما صرحت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإنّ الطغاة يتخذون لأنفسهم مقام “الآلهة”، ويزعمون أنّ سلطتهم غير الشرعية هي ” هبة إلهية”.

هبةٌ محرمة على “المرأة” وحصرية لأحفاد الذكور جيلاً بعد جيل.

وأشارت السيدة مريم رجوي إلى دستور ديكتاتورية الولي الفقيه الذي يعتبر نفسه “صاحب السلطة المطلقة” و”ممثل الله على الأرض”.

حركة النساء في المقاومة الإيرانية

في مواجهة الديكتاتورية، استفادت المقاومة الإيرانية من “التنظيم” الذي تتمتع به المرأة، والذي أصبح مؤسسًا في المقاومة الإيرانية منذ عقود.

إنّ النساء والرجال الأحرار يدركون تمام الإدراك ما يريدون: الحرية، والديمقراطية، والاستقلال، والجمهورية الديمقراطية، والتي يتجسد نموذجها العملي في البرنامج الذي أعلنته السيدة مريم رجوي منذ سنوات مضت.

في دفع عجلة النضال ضد الديكتاتورية، تُعتبر المرأة هي”الرائدة” وتلعب دوراً “حاسماً”.

هذه الحقيقة هي نتاج مئات السنين من نضال المرأة الإيرانية ضد الأنظمة الديكتاتورية.

لقد ناضلت جنبًا إلى جنب مع الرجل ضد الديكتاتورية.

ومطلبها الرئيسي لا يختلف عن مطلب أبناء وطنها: “الحرية والاستقلال”.

بيد أن الأنظمة الديكتاتورية، بكافة أشكالها، معادية للمرأة، وجوهرُ ذلك، كان ولا يزال هو “الإكراه” وتبعيةُ المرأة للرجل.

لا للإكراه!

أعلنت السيدة مريم رجوي مرارًا وتكرارًا موقفها من الديكتاتوريات قائلة: “لا للحجاب الإجباري، ولا للدين الإجباري، ولا للحكم الإجباري”.

وعلى الرغم من أن المرأة الإيرانية دفعت ثمنًا باهظًا للوصول إلى هذه المكانة، إلا أن تحقيق ذلك لم يكن ممكنًا دون وجود رجال أحرار.

باختصار، “اليوم العالمي للمرأة” هو في الواقع “اليوم العالمي للرجل” أيضًا.

فالرجال الأحرار يكتشفون ذواتهم من جديد في “اليوم العالمي للمرأة”، فهم لا يستلهمون الدافع منه فحسب، بل يفتخرون به أيضًا.

وقد انعكس هذا التوجه الآن على المستوى العالمي!

تقول السيدة مريم رجوي: “إن مشاركة المرأة ودورها القيادي والحاسم في النضال ضد الاستبداد هو شرط أساسي لإسقاط هذا النظام الفاشي.

كما أن هذا الدور وهذه المسؤولية هما شرطان ضروريان لتحقيق ديمقراطية حقيقية وتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة في إيران الحرة”.

التحول العظيم

وتطرقت السيدة مريم رجوي إلى تاريخ حركة المرأة داخل المجتمع الإيراني؛ إلى موقعها الحالي في المقاومة،

وقالت: “تشكل المرأة أكثر من نصف أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.

إن هذا المجلس هو التحالف السياسي الوحيد في تاريخ إيران المعاصر، والذي أقر، بإجماع الآراء منذ 4 عقود، مشروعًا شاملًا حول الحريات وحقوق المرأة”.

وتابعت السيدة رجوي حديثها عن “تحول عظيم” داخل المقاومة بدأ منذ حوالي 40 عاماً، وأكدت على “ضرورة استمراره”،

مشيرة إلى أن ذلك يتطلب “رفض فكرة التمييز الجنسي من قبل النساء والرجال الأحرار” و”رفض فكرة الأنانية”.

أي رفض فكرة “الأنا أولاً” بكل أشكالها الرجعية، والتي تندمج مع عنصر “الصدق والتضحية”.

أي التضحية وإعطاء الأولوية للمجتمع والنضال وتحرير الآخرين.

تؤمن السيدة مريم رجوي بأن “كل شخص يمتلك قوة وقدرة لا حدود لهما على العطاء والتضحية”.

كما تعتقد أن “قدرة الإنسان تكمن في نهوضه للنضال عندما يعم الظلام بفعل الظلم والاستبداد كل مكان. ولا يجلس أبدًا منتظرًا القوى أو الحظ أو الصدف لتغيير الوضع.

فهو نفسه الذي يحدد مصيره ويغير الوضع. إن اللحظة التي ينهض فيها الإنسان لتغيير العالم هي اللحظة التي يؤمن فيها بتغيير نفسه ويبدأ في ذلك”.

إنّ السيدة رجوي تسعى إلى أن يصبح هذا النهج وهذه السيرة ثقافةً سائدةً في علاقات مناضلي الحرية، وأن يُنسَفَ ما ترسخ حتى الآن من تعريفات للرجل؛ لأن “الرجل” أيضًا، يمكنه تجسيد مثل هذه الثقافة في نفسه مثل “المرأة” ويجب أن يفعل ذلك.

رجالٌ كانوا أسرى لِجنسِهم، وينظرون إلى النساء على أنهن سلعة، ويتخذون “الأنانية” منهجًا لهم.”

 صرحت السيدة رجوي منذ 30 عاماً قائلةً:

“لن تتخلص البشرية من آفة الرجعية والأصولية المشؤومة إلا إذا اضطلعت المرأة بدورها الريادي في هذه الحملة العالمية”.

وقد وجهت خطابًا إلى الملالي قائلةً: “لقد استخدمتم كل ما لديكم من إذلال وظلم وقمع وتعذيب وقتل ضد المرأة الإيرانية، ولكن ستطوى سفحة ظلمكم على أيدي هذه المرأة الحرة الواعية. إن المرأة هي قوة التغيير.

والحقيقة هي أن نضال المرأة الإيرانية ليس فقط من أجل نيل الحق في حرية الملبس، بل هو يذهب إلى أبعد من ذلك، ليصل إلى حقها في التمرد من أجل الحرية الذي نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

الكلمة الأخيرة!

يمكن بناء كل شيء بسرعة، واستعادة ثقة الناس التي خُذلت، وإحياء المعتقدات المفقودة. ويمكن إسقاط الديكتاتورية في إيران وإنقاذ إيران والإيرانيين من براثنها. إن المرأة هي رائدة مثل هذا الثورة والتغيير العظيم. فليحيا عيد المرأة العالمي.

عبد الرحمن کورکی مهابادي

کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights