أقلام حرة

عبد الرزاق الزرزور يكتب: الانتفاضة الإيرانية من منظور قانوني وسياسي

تمثل الذكرى السنوية لالانتفاضة الإيرانية حدثاً مهماً في تاريخ البلاد الحديث، ويتناول هذا المقال التداعيات القانونية والسياسية للانتفاضة الإيرانية، ويسلط الضوء على فشل المجتمع الدولي في دعم الثورتين الإيرانية والسورية من خلال الخوض في تفاصيل هذه الأحداث، ونهدف بذلك إلى توفير فهم شامل للتعقيدات المحيطة بهاتين الانتفاضتين.

نظرة عامة على الانتفاضة الإيرانية: شهدت الانتفاضة الإيرانية، والتي بدأت في ديسمبر عام 2017 كاحتجاجات واسعة النطاق ضد الأوضاع السياسية والاقتصادية للحكومة والفساد والقمع السياسي، وقد خرج آلاف الإيرانيين إلى الشوارع مطالبين بالحقوق الأساسية والحرية وإنهاء الحكم الاستبدادي للنظام. اكتسبت الاحتجاجات زخما واسعا وانتشرت في جميع أنحاء البلاد، وقد طالب المواطنون بالمساءلة والعدالة الاجتماعية.

الآثار القانونية:

من وجهة نظر قانونية، تسلط الانتفاضة الإيرانية الضوء على الحق الأصيل للأفراد في التجمع السلمي وحرية التعبير وحرية الرأي وحرية العقيدة، وهذه الحقوق الأساسية مكرسة في القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وتعد الإجراءات القمعية للحكومة الإيرانية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والتعذيب والنفي والممارسات العنصرية والقيود المفروضة على الإنترنت ووسائل الإعلام، انتهاكا صارخا لهذه المبادئ المنصوص عليها دوليا.

الأبعاد السياسية:

تحمل الانتفاضة الإيرانية أيضا تعبيرا كبيراً وجلياً عن تداعيات سياسية كبيرة على الصعيدين المحلي والدولي، وعلى الصعيد المحلي هي تعبيراً عن استياءٍ متزايدٍ بين الإيرانيين تجاه سياسات حكومتهم وقيادتها مما دفع الشعب إلى المطالبة بإصلاحات ديمقراطية وإنهاء حكم الفرد المتمثلة بالولي الفقيه وعدم استغلال الدين لشرعنة الممارسات القمعية بحجة التدين، وعلى الساحة الدولية تسلط هذه الانتفاضات الضوء على الحاجةإلى مشاركة قوية ومبدئية من قبل المجتمع الدولي لدعم تطلعات الشعب الإيراني.

فشل المجتمع الدولي:

للأسف يمكن وصف استجابة المجتمع الدولي للثورتين الإيرانية والسورية بأنها فشلت في تقديم الدعم الفعال لأولئك الذين يسعون إلى التغيير الديمقراطي، وعلى الرغم من الدعوات الواسعة النطاق للمساعدة والتضامن ظلت القوى العالمية إلى حد كبير غير جادة وغير فاعلة ومترددة في نهجها، وقد سمح هذا التقاعس باتخاذ إجراءات حاسمة للسلطتين الإيرانية والسورية بمواصلة ممارساتهما القمعية مما قوض جهود أولئك الذين يسعون إلى إحقاق التغيير الديمقراطي المشروع.

أسباب فشل المجتمع الدولي في دعم الثورتين الإيرانية والسورية:

تساهم عوامل متعددة في فشل المجتمع الدولي في دعم الانتفاضة في كلا البلدين سوريا وإيران، وغالبا ما تلقي الاعتبارات الجيوسياسية والمصالح الإستراتيجية وسياسة الاسترضاء تحت عنوان وآخر بظلالها على قضية الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، بالإضافة إلى ذلك فإن التحالفات القوية بين الأنظمة الاستبدادية واللاعبين العالميين المؤثرين تزيد من تعقيد التدخل الدولي الهادف مما يقلل من فرص الدعم الفعال للثوار.

واللافت للنظر أن العالم بأسره بات يصدق أكذوبة النظامين الإيراني والسوري بأن جذوة الانتفاضتين قد انطفأت، وأن البلاد في حالة استقرار سياسي واجتماعي بفضل الآلة الإعلامية الضخمة الممولة من تلك الأنظمة، لكن واقع الحال يشير وبقوة إلى أن البلدين إيران وسورية أقرب مما مضى إلى الوصول للأهداف المرجوة المتمثلة بإسقاط النظام الاستبدادي في ايران والنظام الطائفي الاستبدادي في سورية.

توفر الذكرى السنوية لانتفاضة الشعب الإيراني كمناسبة هامة فرصة ومساحة للتفكير في الأبعاد القانونية والسياسية للحدث، فضلا عن أوجه قصور المجتمع الدولي في دعم نضاله من أجل الديمقراطية، ونظرا لخطورة انتهاكات حقوق الإنسان والتطلعات إلى التغيير الديمقراطي من الضروري أن يعيد المجتمع الدولي تقييم استراتيجياته ويجدد إلتزامه بدعم مبادئ الحرية والعدالة وحقوق الإنسان للجميع وحماية التشريعات الدولية الخاصة بذلك.

عبد الرزاق الزرزو

محام وناشط حقوقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى