عبد الله سعيد الصامت يكتب: الإسلام لا ينتصر بالكثرة
الإسلام لا ينتصر بالكثرة، إنما ينتصر بالمؤمنين الصادقين ولو كانوا قلة.
تقول آخر التقديرات: التي أجريت أوائل هذا العام 2024 حول اليهود في العالم بأن عددهم يبلغ 7. 14 مليونًا، ينتشرون في اصقاع الأرض منهم 9.6 مليون، يحتلون فلسطين، وأجزاء شاسعة من دول عربية أخرى.. بينما يبلغ عدد المسلمين 1.9 مليار.
تؤكد هذه الأرقام بأن المسلمين، لا ينتصرون بكثرة العدد، إنما ينتصرون بالإيمان الصادق.
وإن ما وصلت إليه أحوالهم اليوم، ليس إلا بسبب ضعف الإيمان والوهن الذي اصابهم.
في سورة (البقرة)، يحدثنا القرآن الحكيم، عن قصة بني اسرائيل مع القتال.
حينما ظنوا بأن الكثرة، هي عامل النصر، وظنوا أنهم قادرون على هزيمة العدو بالكثرة، فكان أن طلبوا من نبي لهم، أن ينصب عليهم ملك يقاتلون تحت لوائه، بعد أن أهمهم حالهم الذي وصلوا إليه، فقد اخرجهم العدو، من ديارهم مع ابناؤهم.
قال المفسرون: كان عددهم يصل إلى ثمانين الفًا، حينما طلبوا القتال، لكنهم تناقصوا كثيرا، عندما تعرضوا للاختبارات في إيمانهم والتمحيص، حتى أنه لم يقاتل منهم في نهايته المطاف، إلا ثلاثمائة وبضع عشر رجلًا، كانوا يساوون عدد أهل بدر وهم الذين تحقق النصر على أيديهم، فقتلوا عدوهم اللدود جالوت، وهزموا جنوده.
الله عز وجل: يخبرنا، من خلال قصتهم أن النصر، لا يأتي بكثرة العدد والعتاد، إنما يأتي، بعد التمحيص والاختبار ليتأكد الإيمان الصادق واليقين والصبر.
يخبرنا القرآن الكريم، عن تلك الاختبارات، والعوائق والحواجز التي كان تعترضهم في طريقهم، فكان يجتازها، القليل منهم وإن كانت صعبة، بالنسبة للكثير منهم، فكأن ما يحصل، كان غربلة للكثرة المتمثلة بالغثائية.
في كل مرة من تعرضوهم للاختبار، كانت تتكشف الأمراض القلبية وتبرز، لتبين عدم تأهل الكثير منهم لتحيق النصر.
كان أول الاختبارات، الذي تعرضوا له وامتحنوا به، أنه كشف فيهم امراض القلب والنفس، والمتمثل بالحسد،
والكبر، والعصبية، والسلالية، وهي عوامل من عوامل الهزيمة، وذلك عندما أخبرهم، نبيهم، أن الله قد جعل عليهم (طالوت ملكًا).
الرجل الفقير، الذي ليس له حسب ولا نسب فيهم، والذي يمتهن «الدباغة»، وهو في نفس الوقت ليس من سلالة يهوذا، التي كانت تحتكر الملك في بني اسرائيل: (أنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيّنَا وَنَحنُ اَخقُ بِاْلمُلكِ مِنهُ).
بهذا الاختبار خرج من المقاتلين المرضى بهذه الأمراض الداعية إلى الهزيمة.
ثم لما تحركوا نحو العدو، تعرضوا في طريقهم، لاختبار أخر، لكي يخرج منهم، المنهزمون أمام أنفسهم، وأصحاب الشهوات والملذات، وعديمي الصبر والتحمل
كان ذلك عندما مر طالوت بالجنود على نهر، فطلب منهم الا يشرب، منه أحدً
إلا من اغترف غرفة بيده: (إنّْ اللهَ مُبْتَلِيِكُمْ بِنَهر).
لم يستطع الكثير منهم تحمل إغراء هذا النهر وعذوبته، فشرب الكثير ممن تبقى منهم، منه، ولم يستطع، حبس نفسه ومغالبتها، عن ذلك النهر.
عندما جاوز طالوت النهر هو والذين تغلبوا على أنفسهم، ولم يشربوا منه إلا من اغترف غرفة بيده، وقفوا أمام اختبارًا آخر، والذي سيتم فيه اختبار جديد، لتنقية البقية الباقية، من الأمرض النفسية والقلبية التي هي داع للهزيمة، والضعف، أمام العدو.
وقف طالوت بجنوده، ليجد في الطرف المقابل، جيشًا كثيرا مدربًا، يفوق عدد جيشه، بالعتاد ايضًا،
هناك كان اختبارًا اخيرًا، لمن تبقى من أصحابه ليختبرفيهم، قوة اليقين، وبأن النصر لا يكون الا من عند الله،
هناك فشل في هذا الإخبار وخرج الذين قالوا: (لا طَاَقَةَ لَنَاَ اَلَيَوُمَ بِجَاْلُوُتَ وَجُنُوْدِهِ).
فكان النصر على يد الثلة المستخلصة النقية، ثلاثمائة وبضع عشر رجلًا، المستخلصة من غثائية الثمانين الفًا.
(وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
البقرة (250).