أقلام حرة

عبد الله عثمان يكتب: القراءة وحدها لا تكسبك ملكات اللغة

وخاصة خيال اللغة الذي نتحدث عنه، يعتقد البعض أنه من خلال القراءة يستطيع أن يكتسب ملكات لغوية عبر التعرف على مزيد من الكلمات وطرق التعبير والصياغة، وهذا مجافي للواقع، فنحن نجد شخصًا قادرًا على اكتساب ملكات اللغة مع قلة قراءاته، وفي المقابل نجد شخصًا كثير القراءة لكنه عاجز عن اكتساب تلك الملكات، ما السر في ذلك؟

السر هو أن معرفة الأشياء حال، وامتلاكها حال أخرى، فقد تتعرف على كثير من المفردات والتعابير والطرق خلال قراءاتك لكنك تعجز عن أن تجعلها في كتابتك وكلامك، وهذا يرجع إلى فقدان ثلاثة عوامل:

العامل الأول: هو ما أسميه الحساسية للغة، أي الإحساس ليس فقط بجمالياتها ولكن بحيوتها وأثرها في النفس، والتفاعل بالحواس والخيال معها، ليتم تصورها وربطها مع الذاكرة والفضاء المعاش، وهذا يتم عبر بناء التذوق الذي يشمل التأمل وتحفيز الخيال والاتصال بسخاء الطبيعة وعذوبة الحياة وألمها، نجد أن الكتاب الذين يوظفون تعبيرات قرآنية في كتاباتهم يتمتعون بتلك الحساسية التي ترسخ تلك التعابير في وجدانهم فيظهر ذلك تلقائيًا في لغتهم.

العامل الثاني: هو التفكير في الثنائيات والمفارقات، ثنائيات الموت والحياة والتذكر والنسيان والمعايشة والاغتراب، ومفارقات اللغة والبشر والوجود، من خلال هذا التفكير نستطيع استنشاق خط السير في لغة كل الكتاب وتفصيلاته المدهشة، فلا يمكن لكاتب يريد إنتاج معنى أن يتجاوز اللعب على الثنائيات والضد، فهي التي تدفع اللغة إلى حدود الممكن، وتأتي بالمفردة الأقوى في المكان الأنسب.

العامل الثالث: هو الاستعانة بفكر الكاتب وفنه على استيعاب لغته واكتسابها، فاللغة تنشأ في عمليات خلفية خفية، يتدخل الفكر والاستعداد الفني الخاص والشخصية في صناعتها، فلو درسنا تلك الأمور وراقبنا بعدها لغة الكاتب، نستطيع حينها أن نرى المهارات الخفية التي تقف خلف صناعتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights