مقالات

عبد المنعم إسماعيل يكتب: أمتنا الإسلامية بين التحديات والقائد المنتظر

بين موروث الأمة الإسلامية العقدي ومهمتها الربانية وتاريخها العظيم الذي بدأ بالنبوة ثم الخلافة الراشدة ثم فتوحات الفاتحين الأمويين والعباسيين والعثمانيين ومن كان معهم من السلاجقة والمماليك والايوبيين إلى حقبة عز الدين القسام والملا عمر وشامل باسييف وعمر المختار إلى تحديات الواقع المعاصر وما فيه من خصوم عقديين للأمة الإسلامية والجغرافيا العربية خاصة والاممية بشكل عام نجد الصهيونية على الرأس منها والخمينية أحد أخطر أدواتها والطائفية السياسية وسيلة من وسائل تفكيك الكتل الصلبة المكونة للأمة مرورا بحالة التيه الذي ضرب عشاق العمل الحزبي الذي أصله عمل جماعي مشروع ولكن نتيجة حالة التيه في الولاء والبراء تعرض إلى محاولات الشيطنة والهدم المتوالي حتى تفرقت الأمة العربية والإسلامية السنية بين جماعات إسلامية متشاكسة ومتصارعة حول النقير والقطمير حتى رأينا انقساما متواليا في كل منهج وجماعة إلى أن وصلنا انقسام بين جماعة الطيف الواحد إلى الحرس القديم والشباب الحماسي ودعاة أوروبا وشيوخ الخليج أو الرعيل الأول أو الشريك الداعم المؤثر ومن ثم التيه الشامل اكرر التيه الشامل للأسف الشديد.

في مثل هذا الواقع الأليم حيث فاشية العدو الصهيوني وتربص العدو الصفوي الخميني وظهور الخبث الصيني الملحد  وحالة الغثائية للمكون العام للأمة العربية والإسلامية تبحث الأمة العربية والإسلامية عن عقل رشيد يستطيع القيام بعملية إصلاح شامل لحالة التدافع الداخلي بين أطياف العقول المتعددة حول رؤية والمختلفة حول طبيعة العمل أو مقتضيات المرحلة أو ولاء القائد أو حزبية المتكلم ومردوده الثقافي حسب الراية الجزئية التي ينتسب إليها هل هو من السلفية الخليجية أم السلفية المصرية أم السلفية الشامية بل وفي داخل مصر هو هو من سلفية أنصار السنة ام من السلفية الاسكندرانية ام من السلفية القطبية أو هل هو من اخوان مصر ام إخوان الأردن ام إخوان العراق والخليج ام من اخوان مصر في الداخل ام الذين يعيشون في قصور قطر ام لندن ام هل هم من المتعاملين مع إيران العدو الذي قتل الملايين ام من الذين يعيشون حالة الغربة العقدية الشاملة داخل ولاءاتهم المحدثة ؟!

أمتنا العربية والإسلامية تعيش مرحلة من أخطر مراحلها في التاريخ لأننا وصلنا الى هوس الطعن والتشكيك لمجرد الخلاف في مسألة فقهية أو رؤية سياسية أو قضية فكرية تبحث عن أولويات العمل الإسلامي المعاصر.

أمتنا سقطت في تيه عشوائية ردود الأفعال حتى أصبح التكفير والتخوين والفسيق رهن إشارة الحماس المصاحب للعاطفة كنتيجة لحالة البطش والتنكيل والطغيان المصاحب لفاشية العلمانية أو ضلال الولاءات الباطنية أو الصهيونية المصنوعة لخدمة المخطط الجاهلي اليهودي الساعي لتفكيك القوى المتجمعة في جغرافيا البلاد العربية والإسلامية المجاورة للأرض المباركة فلسطين المقدسة لينتج عن حالة الصراع المدمر بين أبناء كل وطن حالة من السيولة المجتمعية الفاقدة لوجود القائد أو الزعيم أو الوطن بعد سيطرة الرؤية الصفرية على عقل اتباع كل جماعة فيصبح علاج الفساد بالتدمير الشامل للدول العربية وهذا ما يرفضه دعاة الإصلاح السني الرشيد المدركين لخطورة تجاهل شر الشرين وخير الخيرين .

الأمة العربية والإسلامية الآن تمتلك مقومات بقاء وأدوات إصلاح شامل محاطة بمخاطر مدمرة وغربان متربصين بتاريخ وواقع ومستقبل الأمة داخل كل وطن وعموم الأمة العربية والإسلامية.

بإنصاف نقول توجد أخطاء في مجريات الواقع المعاصر الذي تعيشه كل دولة من عموم الأمة الإسلامية عرب أو عجم لكننا لسنا ممن يعشقون الياس أو يمهدون الطريق لحالة الغثائية الفكرية نتيجة جلد الخصوم وعجز الأولياء والصالحين المصلحين لكننا لسنا ممن يعتقدون فكرة الصفرية والنزاع الداخلي بين أبناء الوطن والأمة تحت مفاهيم محدثة صنعها ماكر ووقع فيها عاطفي حماسي وسدد الفاتورة مسكين احسن الظن فلم يجد إلا فخ الاستهلاك في تحارب متكررة ونتيجة واحدة وهي زيادة البغي والفساد والتضحية بمئات الألوف من الشباب المسلم في غياهب فكر محرض أو متعجل أو ماكر احسن صناعة الحدث واحسن استخدامه وفقا لرؤيته العلمانية أو الباطنية أو حتى العميلة عند سدنة الصهيوصليبية ولله الامر .

القائد المنتظر الذي تبحث الأمة عنه

لسنا بحاجة إلى قائد صفري الرؤية ينجح في تفخيخ العقول بالعاطفة الحماسية أو يؤسس لرؤية انتكاسية تدور في فلك الحسابات الأرضية البعيدة عن ربانية الغاية عند المسلمين.

لسنا بحاجة لقائد عاشق لفكرة المظلومية التي تحسن البكاء ثم تقصي فكرة المراجعة الفاعلة على الأرض لإعادة ترتيب الصف الجامع للأمة.

لسنا بحاجة لقائد كل حديثة عن بكائيات أو طموح مفارق لحقيقة الوسع لمواجهة التحديات الداخلية لكل فرد أو كيان أو دولة أو أمة.

لسنا بحاجة لقائد يمكنه استدعاء الكوارث نتيجة لفهمه المحدود لموازين القوى العاملة على الساحة السياسية المعاصرة.

لسنا بحاجة لقائد اسير فكره المحدث الذي ورثه خلال القرن الأخير بعيدا عن موروث الأمة الشامل الجامع لها على تنوعها الفقهي والعلمي والاجتماعي والثقافي والعقدي والسياسي.

نحن بحاجة لقائد

الأمة العربية والإسلامية تبحث عن قائد يحسن قراءة التاريخ والواقع المعاصر ويستطيع استشراف المستقبل القريب والبعيد الخاص بالأفراد والجماعات والتجمعات البشرية المكونة لكل دولة ثم ينجح في تكوين رؤية جامعة للامة العربية والإسلامية على تنوعها الفكري وكثرة تجاربها ومن ثم يمكنه جمع خيوط التلاقي بين مكونات الامة العربية والإسلامية ويحسن إدراك الفروق الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين الأفراد والجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية المعاصرة ومن ثم يمكنه بناء تصور جامع للعقول والمفاهيم حول ثلاثية البناء الصلب وهي

الإسلام والصحابة والسنة النبوية فمن خلالهم تكونت الأمة الرشيدة التي مدحها القران الكريم والسنة النبوية ثم انطلقت فاتحة للشرق والغرب والشمال والجنوب مكونة الخلافة وما تبعها من دول أو دويلات أو ممالك ما هم إلا حسنة من حسنات جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى