مقالات

عبد المنعم إسماعيل يكتب: فاشية الإفلاس الجاهلي وطريق الخلاص

فاشية الباطل هي أكبر دلالات عجزه وإفلاسه في الواقع والمستقبل أفلا ترون أن منتهى جاهلية قوم شعيب وصلت إلى قمة الردة في الحوار حين قال القرآن مبينا: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ۖ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (13)} سورة غافر.

انعدام الرؤية عند الجاهلية جعلها لا ترى الأمور الا من صفرية الرؤية الشركية الباغية وهكذا يفكر كل من ورث المنظومة المختلة نتيجة خلل البوصلة وفقد رؤية الإصلاح الرشيد أو الحوار العقلاني.

فاشية الجاهلية الفرعونية: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} سورة القصص.

ماذا جنى الأطفال والنساء لكي تنعقد قرارات المؤسسة الجاهلية بقتلهم جميعًا؟!

إنه الحق وكفى به قوة تضرب قلوب الجاهلية وعقولها فتخرج سلوكيات بلا عقل وكوراث بلا إنسانية وفاشية بلا رحمة ضد من؟!

يقتل النساء لأنهم مجمع الحياء الذي هو مادة تكوين الأسرة والمجتمع ومن ثم يفكك عرى الجاهلية من الداخل لذا كل جاهليات الأرض تسعى نحو ترسيخ فاشية الفجور والخلل الأخلاقي لأن من خلال فساد البيئة المجتمعية يتمكن كل الفراعنة من إعادة تشكيل العقول وفق منظومتهم التربوية المختلة خاصة في حياة الأطفال حيث مصنع المستقبل والنساء حيث محاضن العفاف وسلامة النسب واستقامة البيئة النفسية للفرد والأسرة والقرية والمدينة والدولة لذا تجد أن اللبنة الأولى في منهجية القران نحو إسقاط الفرعون بدأت بقول الله تعالى بعد الوعود الربانية : {وأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}  سورة القصص.

ومن عجيب التقدير الرباني رغم فاشية المد الجاهلي الفرعوني أنه اختار الام لتدرك الأمة الإسلامية أن المعركة مع جاهليات الأرض تبدأ من استقرار المرأة المسلمة وتوافقها مع العقيدة الإسلامية الصحيحة البعيدة عن هوس القبورية وضلال الخمينية ودجل العلمانية وخلل الطائفية.

ومن أعجب العجب بداية القران من عند رضاعة موسى عليه السلام وهو طفل وهنا ملمح رائع: لماذا لم يأتي الله بموسى رجلا يافعا ليكون الخلاص من فرعون سريعا.

والله اعلم لان قدوم موسى ابن أربعين عاما كان ربما يتغافل الناس عن النموذج الرباني لأم موسى رضي الله عنها. وربما ترتبط الأمة بعد ذلك بالحلول السريعة التي تحكمها العاطفة أكثر من الرؤية الشاملة.

وكان القرآن الكريم له رؤية ربانية شاملة حيث البداية بأم موسى ثم بالطفل الرضيع رغم القتل والتشريد والفساد والإفساد الشامل لجاهلية فرعون لتتعلم الأمة أن طريق الخلاص لا يخضع لعاطفة المستضعفين مهما كان الألم أو جاهلية البطش الفرعوني فهل يعتبر أهل العجلة أم مازالت التجارب الاستهلاكية قليلة التبعات؟!

ماذا ارتكب أطفال العراق لكي هدم الوطن فوق رؤوسهم غير أنهم كانوا نبلاء يسعون لخلاص أمتهم من الجهل والتبعية؟!

ماذا جنى أطفال الشام حين تم تفجير رؤوسهم بالبراميل المتفجرة غير انهم كانوا مسلمين موحدين لله رب العالمين؟!

ماذا جنت المرأة الفلسطينية لكي تقضي عقود خلف السجون الصهيونية وهي لا تملك إلا إنجاب الشهداء؟!

إذا رأيت فاشية البغي والظلم اصبر صبرا فاعلا ولا تتعجل والزم مرابض الوعي والرؤية القويمة خلف قاعدة التوحيد والسنة والإجماع الموروث عن الصحابة رضي الله عنهم وعلماء الأمة واسع نحو اليقظة والأمل ولا تلتفت لسعي الجاهلية نحو ترسيخ اليأس لتنتكس القلوب تباعا.

وفي النهاية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}. سورة الأنفال

عبد المنعم إسماعيل

كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى