عبد المنعم إسماعيل يكتب: قراءة في العقل الأندلسي.. «مقارنة مؤلمة مع واقع الأمة»
هل فكر العقلاء المعاصرون في بلاد العالم الإسلامي في البيئة العقلية للمجتمع الأندلسي قبل السقوط وهلاك الجميع؟
كان لجميع الدويلات الطائفية تصور ذهني لطبيعة الحق الخاص بكل دولة أو طائفة.
كان لكل دويلة في الأندلس جهاز إعلامي خاص متخصص في تلميع حاشية النظام القائم.
كان لكل الكيانات المعارضة نفس الأدوات التي يعتمد عليها الجميع في تسويق قضيتهم الخاصة فمن يتبناها يعتبر مجاهدًا ومن يبتعد عنها يعتبر خائنا وعميلاً حسب منظومة البلاء الفكري القائم.
كان لكل دويلة علماء متخصصون في شرعنة الاتجاهات الخاصة لولاة الأمر يومها وكان للمعارضة الداخلية العلماء المتخصصون في الطعن في كيان ولاة الأمر داخل الممالك الأندلسية.
كان المجتمع مليء بطائفة المطبلاتية خلف كل ساحر من سحرة الإعلام سواء المؤيد أو المعارض.
سؤالات:
هل تخيلت أن الدولة الأندلسية كانت تحمل تاريخ عمقه ثمانية قرون ويزيد وهي تحكم باسم الإسلام وكانوا في عزة ومنعة ورقي حضاري يوم كانت أوروبا في ظلام الجاهلية الشامل؟
لماذا كانت المعادلة صفرية بين المكونات الأندلسية الجامعة؟
تمام البلاء كان في الثاني من يناير 1492كان السقوط المدوي للجميع.
– لم يبق المؤيدون ولا المعارضون.
– لم ينجح العلماء المتخصصون في حراسة الرؤية الخاصة لكل دويلة
– لم تبق الفتاوى التي كانت تحرض أبناء الأمة في اتجاه الصدام مع إخوانهم لأن الجميع هلك بغباء الجميع.
لم يحدث إلا هلاك الجميع بعد أن فشلوا في كل شيء واشتركوا في هدم النواة الصلبة للأمة الأندلسية وسقطوا في فخ تحويل الأمة الأندلسية إلى دويلة طائفية ظننا وتوهما أنهم يعيشون من أجل قضية الإصلاح التي لم تتحقق بل تحقق الفشل العام للجميع وضاعت غرناطة وكل ممالك الأندلس وقامت محاكم التفتيش لقتل المسلمين الذين اختلفوا حول أبواب القصور فتم حريق كافة الأمصار الأندلسية ولا حول ولا قوه إلا بالله.
أليس هذا المخطط هو الذي ترجوه الصهيونية والصليبية والصفوية في بلاد العالم العربي والإسلامي؟
أليست الخطة الجهنمية الصهيونية تقوم على إشعال الدول العربية وحرق الأرض تحت أقدام المعارضة التي تسعى لإسقاط النظام والنظام يعتمد صفرية المعركة مع المعارضة لتكون النتيجة هلاك الجميع حفظ الله الأمة من الفتن؟
ماذا لو نطق العقل الأندلسي الذي اختلف مع إخوانه لمجرد هوى الولاء الطائفي لكل دولة؟
ماذا لو نطق دعاة التعصب المذهبي الذي فكك البنية المجتمعية للخلافة الأندلسية فكان الهلاك للجميع؟
واقعنا والمسؤولية:
هل نعتبر في واقعنا المعاصر أم أصابها مرض الحقد والحسد والغل والشوق للانتقام حتى لو سقطت الدولة حيث أصبحت هذه العقلية هي الحالة الشيطانية المزاجية المسيطرة على الجميع ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!
هل نعتبر أم نسعى للوقوع في فخ الهلاك حينها نكون عبرة ومن ثم لا ينفع الندم؟
لماذا يراهن دهماء العالم العربي والإسلامي على حراسة الغرب لهم وتبني الغرب قضاياهم؟ هل أسلم الشيطان ونحن لا ندري؟
هل تظنون أن بريطانيا تأوي المعارضين نصرة للحق وأن أمريكا تنادي بالحرية محبة في القسط وتقدم الشعوب؟
أليست الخطة الجهنمية محصورة في سعي الغرب نحو تفتيت البنية المجتمعية للبلاد العربية ليقطع شجرة العرب أحد فروعها ويهدم الإسلام أبناء المذاهب الإسلامية المتصارعة داخل الأمة إذا عجزت الخمينية الباطنية عن تحقيق الهدف؟
هل تتعلم الأجيال المعاصرة من التاريخ؟
هل تدرك الأجيال مخاطر تفكيك الكتل الصلبة في الأمة؟
متى تتخلص الأمة من تيه الذاتية الم تكفي التجارب الماضية؟
هل مازال تعداد التضحيات قليل على موائد الساعين لإشعال المنطقة ليكون الخراب؟
هل يفهم الشباب والشيوخ حقيقة اللعبة الصهيونية التي جعلت الأجيال عبارة عن أحجار على رقعة الشطرنج تحقق المخطط سواء في الموالاة بمكر أو في المعارضة بغباء؟!
إن حراسة العقول والجغرافيا العربية والإسلامية والكتل الصلبة سواء علمية أو ثقافية أو مجتمعية أحد مقومات البقاء من كارثة التحلل أمام المد الصهيوني أو الصفوي الذي احتل العراق ويسعى لتفكيك كل الكوادر العلمية وتمكين دهماء الجهل الصفوي ومن ثم الخراب.
يجب أن نفهم أننا بحاجة لحراسة كل مقومات الأمة بشكل عام حتى ولو كانت تختلف مع المكون الإسلامي في التوجهات لأن الغرب يسعى لصناعة الصراع لتحقيق خرائط الدم كما يريد شياطين النظام الدولي الجديد الصهيوصليبي أو البديل الباطني كما فعلوا في الهند المحتلة.
لله الأمر رب العالمين