عبد المنعم منيب يكتب: طوفان الأقصى من فلسطين.. وطوفان الكلام من ملياري مسلم
في فجر 7 أكتوبر 2023 اقتحمت قوات المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب عز الدين القسام العديد من المغتصبات (المستوطنات والبلدات المحتلة) في غلاف غزة وقصفت الكيان الصهيوني بأكثر من 5000 آلاف صاروخ وقذيفة، وتمكنت من قتل المئات من جنود الاحتلال وإصابة الآلاف كما أسرت المئات ونقلتهم إلى داخل غزة، وقد أطلقت حماس على هذه الحرب اسم طوفان الأقصى.
في حروب 1948 و 1956 و1967 لم يحارب العرب بشكل حقيقي لأسباب مختلفة، ولذلك لم ينتصروا وتغولت إسرائيل رغم أن الصهاينة لا يصمدون أبدا في حرب التحام ومواجهة حقيقية، وحروب: الاستنزاف 1967 وأكتوبر 1973 وطوفان الأقصى بأكتوبر 2023 مجرد أمثلة.
لقد أصبح لدينا في تاريخ العرب المعاصر الآن محطتان مهمتان في الصراع العربي الصهيوني هما:
6 أكتوبر 1973 و7 أكتوبر 2023
إن معركة طوفان الأقصى ستغير المعادلات الإقليمية والدولية بشأن العرب والمسلمين والقدس والمسجد الأقصى المبارك وفلسطين، إن طوفان الأقصى كشفت غطاء الأوهام الذي يحاول نتنياهو وحكومته أن يدخل العالم العربي في سياقه كي يلتهم المسجد الأقصى ومدينة القدس وما تبقى من فلسطين.
فهناك من سوف يتيقظ وهناك من سيظل سادرا في الغي.
وعندما نقول إن ما بعد معركة طوفان الأقصى لن يكون كما قبلها، إنما نقصد أن المعادلات الإقليمية والدولية تغيرت ولن يستفيد منها أو يتمكن من العيش معها إلا من فهمها وتعامل معها، أما من ظل مستكبرا عن الفهم ومصرا على المعادلات القديمة فمصيره الهزيمة والذل، لذلك أنا مستبشر من استمرار استكبار إسرائيل وأوروبا والولايات المتحدة، لأن هذا معناه أنهم سيلقون بأنفسهم في قلب مفرمة المعادلات الجديدة وستفرمهم إن شاء الله بحول الله وقدرته.
ومن هنا نقول للجميع مرحبا بكم في النظام الدولي الجديد والنظام الإقليمي الجديد.
وكل هذا لا ينسينا فضل الله ولا يلهينا عن شكر الله سبحانه وتعالى على إكرامه لنا بتنزيل نصره، قال الله العظيم: {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم} سورة الأنفال الآية 17، والمعنى: فلم تقتلوهم أنتم بقوتكم ولكن الله قتلهم بنصره إياكم وتقويته لكم.
أما الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل الآن ضد الفلسطينيين ضمن هذه المعركة بدعم أوروبي وأمريكي سافر وفاجر فيبقى واجب المسلمين في كل مكان تجاهها -وكلٌ حسب استطاعته- إذ قال الله العلي العظيم: {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير} التوبة آية 39، وقال الله عز وجل أيضا: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} محمد آية 38، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:”لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما، إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره” [رواه البخاري ومسلم في صحيحهما].
إن المسلمين نوعان عاجز وقادر، وهناك سؤال يدور في رأس كل مسلم وعربي وهو: ماذا فعل ويفعل كل القادرين من الأشخاص والحركات والأحزاب والجمعيات المعارضين والموالين والحكومات العربية والإسلامية التي تملك موارد اقتصادية وسياسية وبشرية؟ ماذا فعلوا ويفعلون وسيفعلون غير الكلام؟
أما كل مسلم عاجز عن فعل شيء للفلسطينيين مادي عملي على الأرض فينبغي ألا يعجز عن الدعاء لأهل فلسطين فالدعاء هو أقوى سلاح في الكون، فإن عجزنا عن تحريك حاملات الطائرات والدبابات لنصرتهم فلندعو لهم، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضعفائكم؟” [رواه البخاري في صحيحه]، والحديث هو إشارة لدعاء الضعفاء.
اللهم انصر الحق وأهله واجعلنا منهم واهزم الباطل وجنده ولا تجعلنا منهم.