قالت جمعية علماء باكستان، إن منهج الراحل “ربيع المدخلي” كان بمثابة فتنة ووبال على الأمة ورواحلها والمجاهدين في سبيل الله، مؤكدة في الوقت نفسه إلى أن منهج المدخلي أصاب الدعوة والصحوة ووحدة الدعاة وصفهم في مقتل.
وأضاف البيان :” قد تابعت جمعية علماء الإسلام ما جرى من جدلٍ واسعٍ في الأوساط الإسلامية إثر وفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وما صاحب ذلك من شهادات وتعليقات، بين مادحٍ وقادح، ومترحّمٍ ومتوقف، وهو ما استدعى إصدار هذا البيان لتجلية الموقف العلمي والشرعي في مثل هذا المقام على النحو التالي:-
أولًا: سنة النبي ﷺ في جنازات الناس، فقد ثبت عن النبي ﷺ أنه أقرَّ شهادات الناس على موتاهم، فجعل من أثنى عليه الناس خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنوا عليه شرًا وجبت له النار، ثم علّق الحكم بقوله عليه الصلاة والسلام :”أنتم شهداء الله في الأرض”.
وتابع البيان :” إن هذه النصوص تشرِّع الحديث بالشر عن أهل الشر ولقد كان ربيع المدخلي رأس فتنة ولم يكن مستور الحال بل صاحب ضلال مستفحل وخراب مستطير”.
واستطرد البيان :” هذه الشهادة ليست عبثًا ولا غوغائية، بل هي قول أهل الدين والمعرفة والخبرة، الذين يعرفون الناس بأعمالهم ومواقفهم، ويشهدون بما علموه عنهم في حياتهم العامة، لا بالهوى ولا بالتحامل، بل بالعدل والورع والتقوى”.
ثانيًا: الضرر المنهجي الذي أحدثه خطاب الشيخ ربيع المدخلي، فلقد عُرف عن الشيخ ربيع بن هادي خطابٌ أنه شديد في خصومه من العلماء والدعاة وطلبة العلم، تجاوز فيه حدود الإنكار العلمي، إلى التخوين والطعن في النيات، ونشر الاتهام بالبدعة والضلال، وامتدت تبعات هذا الخطاب إلى تكوين تيارات منظمة في كثير من البلاد، سلكت سبيل العنف المعنوي والحسي، والإقصاء المنهجي، والتحريض السلطوي، ما أدى إلى سجن آلاف الدعاة والمصلحين في بلدان شتى، بالإضافة إلى قتل واغتيال العديد من العلماء وطلبة العلم، وإغلاق مراكز ومؤسسات خيرية ذات أثر مبارك، وتشويه صور علماء ربانيين، والتسبب في عزلهم وتهميشهم.
أيضا كان للمدخلي دور في تسويغ المظالم والانقلابات السياسية، وتسكين الشعوب عن المطالبة بحقوقها، بذريعة طاعة أولياء الأمور، وتسويغ الانخراط في صفوف الجيوش والميليشيات القمعية في اليمن وليبيا والسودان وغيرها، والدفع بطلابه في هذه الفتنة والإجرام، بدعوى نصرة الإسلام أو الدولة، وشرعنة المحتلين ومظاهرتهم على المسلمين وتأليف كتب الضلال في هذا وغيره، والتأصيل ضمنًا للخروج على الأمة بذريعة منع الخروج على الحاكم، وعمل هالة كبيرة حول الحاكم أقرب إلى التأليه من الطاعة بالمعروف.
وختاما، فإننا نشهد بما علمناه وعانيناه وسمعناه من شهادات العدول، في العالم الإسلامي كله، من أن منهج الشيخ ربيع، وفتاواه وخطاباته ومواقفه، كانت سببًا ظاهرًا في إيقاع الظلم على عباد الله، وأن أتباعه وأشياعه ما زالوا يستندون إلى تلك المقولات والكتب، لتسويغ الطعن والإقصاء، بل والقتل والتعذيب في بعض المواضع.
دعوة للتوبة والمراجعة
نحن في جمعية علماء الإسلام ندعو عموم المسلمين، وأتباع الشيخ ربيع خاصة، إلى مراجعة هذا المسار، ورد المظالم إلى أهلها، واستدراك ما يمكن استدراكه، فالموت واعظٌ صامت، والمواقف الصادقة تبدأ من بعده، وكم من مخالف مات على خير، وكم من صالح زلت قدمه في فتنة، وربيع لم يزل فحسب بل مارس الفتنة نفسها ودعا إليها ودفع بها لأوساط العلماء والمصلحين والأمة كلها.
نسأل الله أن يحاسبه بعدله، وأن يعصم الأمة من منهج الغلو في التجريح،واستعذاب الفتنة أو الغفلة عن العدل والحق، ونسأله أن ينصر المظلومين، ويكشف كربهم، ويخزي كل من سعى في إيقاع الأذى على الدعاة والمصلحين،أو شارك في تشظي الأمة وانقسامها، وأن يجعل هذا البيان حجةً لنا يوم نلقاه، لا علينا.