كتاب “على السفود” للرافعي وهجومه على العقاد:
كتاب “على السفود” هو عمل أدبي ناقد لاذع من تأليف مصطفى صادق الرافعي، صَدَر سنة 1929، ويتناول فيه بالنقد والهجوم العنيف شخصية وأدب عباس محمود العقاد، أحد أبرز أعلام الأدب في العصر الحديث. الكتاب يتميّز بلغة هجائية ساخرة، وحجج فنية وأسلوبية، وصياغة أدبية بلغت حدّ السُّخرية الموجعة والتهكم الشديد.
الفكرة العامة للكتاب:
يتخذ الرافعي من كتاب العقاد “ساعات بين الكتب” مادة لنقده، ويهدف من خلال “على السفود” إلى فضح ما يراه من تهافت فكري وضعف أدبي وادّعاء ثقافي عند العقاد، متهماً إياه بالجهل، والتضخم الذاتي، والتناقض، والتمظهر بثقافة ليست له.
تلخيص فصول الكتاب:
مقدمة الكتاب:
يفتتح الرافعي كتابه بتعريف تهكّمي لـ”السفود” (وهو السيخ الذي يُشوى عليه اللحم)، ليجعل من العقاد “شِواءً أدبياً” يُقدَّم على سفود النقد. يؤكد أن الغرض من الكتاب ليس النقد الأدبي وحده، بل هو تأديب قلمٍ تمادى في الغرور والاستخفاف بالآخرين.
اقتباس: “هذا الرجل لا يكتب ليقول، وإنما يكتب ليقول إنه كاتب.”
الفصل الأول: العقاد الناثر
يهاجم فيه نثر العقاد، ويصفه بأنه نثر متكلف لا طعم له، يخلو من الروح الأدبية، ويتعثر في اللفظ والمعنى. يراه مجرد زَخرف لغوي، يفتقد إلى الجوهر والمضمون.
مقولة بارزة: “العقاد يكتب كما يكتب الحاوي على المسرح، لا كما يكتب الكاتب في محراب الحقيقة.”
الفصل الثاني: العقاد القارئ
ينتقد فيه ادعاء العقاد بالاطلاع الواسع والمعرفة المتبحّرة. يتّهمه بالسطحية في فهم الكتب، ويزعم أنه يسرق الأفكار من دون أن يهضمها، مستشهداً بمقاطع مزعومة سرقها من كتابات أجنبية.
الفصل الثالث: العقاد الناقد
يشنّع على نقد العقاد للكتّاب الآخرين، ويرى فيه تنمّراً لا نقداً، وتهكماً لا فهماً. ويسخر من طريقتِه في تحليل النصوص، ويصفها بالاضطراب والغموض.
الفصل الرابع: “ساعات بين الكتب”
يخصّص هذا الفصل لكتاب العقاد الذي استفزّه، وهو “ساعات بين الكتب”. يرى أن هذا الكتاب يعج بالتناقضات والفراغ المعرفي، ويفضح فيه العقاد بالاقتباس المباشر والتعليق الحاد على عباراته.
الفصل الخامس: العقاد واللغة
يُظهر فيه ضعف العقاد في استعمال اللغة العربية، ويتّهمه بتخريب الذوق الأدبي، وابتذال البلاغة، و”الانفلات من أسر البيان العربي”، على حد تعبيره.
الفصل السادس: صورة العقاد الإنسانية
يختم الرافعي الكتاب بتهكم شخصي على العقاد، يصفه فيه بالمغرور، والمتعالي، والمفتقر إلى التواضع الأدبي، ويدّعي أن العقاد لا يحبّ إلا نفسه، ويكتب ليعجب بنفسه لا ليعلّم غيره.
اقتباس لاذع: “إنك إذا قرأت العقاد، خرجت منه كما تدخل غرفةً امتلأت بالمرايا، فلا ترى فيها إلا صورة العقاد في كل اتجاه.”
أبرز سمات أسلوب الرافعي في الكتاب:
السخرية اللاذعة والمباشرة
التهكم بأسلوب بلاغي بارع
الاستشهاد بالنصوص للبرهنة
استخدام الصور الأدبية في الهجاء
التلاعب باللغة والتراكيب لإظهار العيب
أهمية الكتاب وجدله:
يُعد “على السفود” من أشرس كتب الهجاء الأدبي في الأدب العربي الحديث.
أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية بين مؤيد للرافعي وعدوٍّ له، ورأى البعض فيه تجاوزاً للحدود الأدبية للنقد، بينما عده آخرون دفاعاً عن الذوق العربي أمام دخيلٍ عليه.
خلاصة:
“على السفود” ليس مجرد كتاب هجاء، بل هو وثيقة من صراع فكري وأدبي بين مدرستين: مدرسة الرافعي التقليدية الكلاسيكية، ومدرسة العقاد التجديدية العقلانية. ورغم أن بعض عباراته بالغة القسوة، فإنها تُظهر صراعًا حادًّا على “قيادة الذوق العربي” في زمن التحوّل الثقافي.