حواراتسلايدر

علي الشوكي: قابلت 3 رؤساء جمهورية.. والصحافة الرقمية ليست تهديدًا

في حوار خاص مع الكاتب الصحفي الكبير علي الشوكي، يكشف لنا عن مسيرته الممتدة لأكثر من ثلاثين عامًا بين الصحافة الورقية والرقمية، ويروي تفاصيل نادرة عن لقائه برؤساء دول وشهرٍ كامل قضاه مع الأديب العالمي نجيب محفوظ، إلى جانب رؤيته لمستقبل الصحافة في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة.

حوار: محمود الشاذلي

في البداية.. من هو علي الشوكي؟

طبعا حابب أشكركم في البداية على هذه الفرصة الكريمة. أنا اسمي علي الشوكي، أعمل في مجال الصحافة والإعلام منذ أكثر من 30 عامًا، تنقلت خلالها بين الصحافة الورقية والتجربة الرقمية، من الوفد إلى العربي الناصري إلى الأسبوع، واستقر بي المقام في المصري اليوم منذ إنشائها وحتى الآن.
كنت شاهدًا على التحولات الكبرى التي طرأت على هذا المجال بفعل التكنولوجيا، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من صناعة المحتوى الإعلامي. كما أنني ساهمت في العمل بعدد لا بأس به من وكالات الأنباء العالمية التي أدين لها بالاحترام والتقدير مثل وكالة رويترز ووكالة أسوشيتد برس. وشرفت بالعمل في عدد من الجرائد العربية والخليجية والدولية مثل الشرق القطرية واليوم السعودية والعرب اللندنية والحياة اللندنية.
كما عملت بعدد من القنوات الفضائية الإخبارية المصرية والعربية والدولية مثل قناة الجزيرة، وقناة العربية، ومجموعة MBC، ومجموعة قنوات الحياة، وDMC، وإكسترا نيوز، والنهار، والحرة الأمريكية، وBBC.

ما الفرق بين الصحافة الورقية والإلكترونية؟

الصحافة الورقية تعتمد على النشر في نسخ مطبوعة يومية أو دورية، وتُنتج وفق جدول زمني محدد ومحتوى ثابت نسبيًا، بينما الصحافة الإلكترونية تتسم بالمرونة، والنشر اللحظي، والتحديث المستمر للمحتوى، بالإضافة إلى دعم الوسائط المتعددة كالصور والفيديو والبث المباشر.

هل الصحافة الإلكترونية قتلت الصحافة الورقية أم فتحت لها بابًا جديدًا للتطور؟

الصحافة الإلكترونية لم “تقتل” الصحافة الورقية، بل أرغمتها على التطور. المشكلة لم تكن في وجود بديل، بل في بطء استجابة بعض المؤسسات الورقية للتغيير. الرقمنة هي فرصة لا تهديد، لكن النجاح مرتبط بالقدرة على التكيف.

كيف ترى الفارق في المعالجة الصحفية بين الورقي والإلكتروني من حيث السرعة والمصداقية؟

الإلكتروني أسرع بلا شك، لكنه أحيانًا يقع في فخ التسرع على حساب الدقة. الورقي أكثر تحفظًا، ويمنح فرصة للتدقيق والتحرير العميق، لكن بطء النشر قد يُفقده السبق. التحدي هو تحقيق المعادلة بين السرعة والمصداقية.

هل ترى أن الصحافة الورقية فقدت قيمتها اليوم أم ما زال لها مكانة لا يمكن تعويضها؟

لا تزال للصحافة الورقية قيمة رمزية وثقافية ومهنية، خصوصًا في الأوساط الأكاديمية والرسمية. فقدت جزءًا من جمهورها، لكنها لم تفقد أهميتها بالكامل، خاصة في بعض الأسواق والشرائح التي لا تزال تفضل الورقي.

في ظل تراجع الإقبال على الصحف الورقية، هل تعتقد أنها ستختفي تمامًا خلال السنوات القادمة؟

ربما تختفي بعض الصحف التي لم تستطع التكيف، لكن الصحافة الورقية كفكرة لن تختفي تمامًا. ستظل موجودة لكن بأشكال محدودة أو تخصصية، كالمجلات الثقافية والدوريات المحكمة.

ما الذي تحتاجه الصحف الورقية اليوم لتبقى صامدة أمام زحف الرقمنة؟

تحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة: دمج بين الورقي والرقمي، استثمار في المحتوى النوعي، التخصص في تحليلات معمقة، وتبني نماذج اشتراك مدفوعة أو شراكات استراتيجية مع المنصات الرقمية.

هناك من يرى أن الصحافة الإلكترونية فتحت المجال لكل الناس سواء كانوا مؤهلين أو لا. كيف ترى هذه الظاهرة؟

هذا صحيح إلى حد بعيد. وفرة المنصات جعلت من السهل لأي شخص أن ينشر، مما زاد من فوضى المعلومات. لكن في الوقت ذاته، هذه الظاهرة فرضت تحديًا إيجابيًا للمؤسسات الجادة لتثبت مصداقيتها ومهنيتها أمام سيل من “المحتوى العشوائي”.

ما المعايير التي يجب أن تلتزم بها المؤسسات الإلكترونية للحفاظ على مهنية الصحافة؟

أهمها: التحقق من المصادر، التدقيق اللغوي والتحريري، احترام قواعد النشر، الالتزام بأخلاقيات المهنة، وتقديم محتوى ذي قيمة معرفية، وليس مجرد إثارة أو نقل سريع.

كيف كانت تجربتك الأولى مع الصحافة الإلكترونية؟

كانت مليئة بالتحديات. كنا بحاجة إلى تغيير نمط التفكير بالكامل، من “الخبر الورقي” إلى “الخبر التفاعلي”، ومن إنتاج مرة في اليوم إلى إنتاج مستمر. لكنها كانت تجربة ملهمة، وعلّمتني أن البقاء للأسرع تكيفًا، لا للأقدم خبرة فقط.

لكن دعني أحكي لك عن الأجمل في حياتي الصحفية الورقية وعن أهم الشخصيات التي قابلتها في عملي الصحفي… فيكفي أن أقول لك إنني قابلت 3 رؤساء دول، منهم الرئيس الراحل حسني مبارك والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وكثير من رؤساء الوزراء المصريين والعرب، وكتبت عنهم.
كما أنني كنت من سعداء الحظ الذين مكثوا مع نجيب محفوظ الكاتب العظيم الراحل شهرًا كاملاً، لكن دون عمل صحفي، وهذه حكاية نحكيها في وقت آخر فهي لها تفاصيلها المشوقة، حكيتها ذات مرة للكاتب الصحفي إبراهيم عيسى، فحبسني في مكتبه وقال لي: “لن تخرج من هنا قبل أن تكتب حكايتك مع نجيب محفوظ كما حكيتها لي”، وبالفعل قام بغلق مكتبه عليَّ حتى انتهيت من كتابة مقالي عن اللقاء الذي دام شهرًا مع نجيب محفوظ الرائع، وتم نشره في صحيفة الدستور وقتها.

كما كنت سعيد الحظ بإجراء أول حوار صحفي لي مع الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، وما زلت محتفظًا بالحوار في مكتبتي منذ عام 1991 وقت نشر الحوار، كما أفخر بحواري مع الرائع عمار الشريعي على صفحات جريدة الوفد.

والحكايات مع الكبار لا تنتهي.

لو عاد بك الزمن، هل كنت ستفضل العمل في الصحافة الإلكترونية أم الورقية؟

لكل منهما جماله، لكن لو خُيرت في بداياتي، لاخترت الورقية لأنها تُكسبك أدوات التحرير العميق والدقة، وهي أساس مهم حتى في العالم الرقمي. أما اليوم، فالرقمي هو المستقبل بلا شك.

ما نصيحتك للصحفيين الشباب الذين بدأوا حياتهم المهنية في ظل الصحافة الرقمية؟

نصيحتي لكل الأجيال القادمة من الصحفيين الآن وغدًا وفي كل وقت: القراءة والاطلاع الدائم، فالصحفي الذي لا يملك تحديث المعلومة يتأخر إلى ما وراء الصفوف. كما عليهم أن يتقنوا أدوات الصحافة الرقمية، لكن ألا ينسوا المبادئ الأساسية للمهنة: المصداقية، التحقق، اللغة السليمة، والبحث العميق. التكنولوجيا تتغير، لكن القيم الصحفية تبقى ثابتة.

كيف تتوقع شكل الصحافة خلال العشر سنوات القادمة؟

أتوقع أن تزداد التفاعلية، وأن يُدمج الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر في غرف الأخبار. سيكون هناك اعتماد أكبر على البيانات والتقارير التفسيرية، وستختفي المساحات الرمادية بين الصحفي والمستهلك، ليصبح الجمهور شريكًا في صناعة المحتوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى