الخميس أكتوبر 10, 2024
أقلام حرة

علي بركات يكتب: فلسطين قضية مركزية من منظور آخر (1)

مشاركة:

من الذاكرة التاريخية.!

استحضار ذاكره التاريخ جد مهم في إلهام الباحث خيوط المعرفة، والأجدر استدعاء أدق مفرداته ومناخاته التي تولدت وانصهرت في بوتقته، معيناً لفهم حدث الحاضر، مع التحييد الفكري للمصطلحات تارة، وأخرى نسف معناها الحرفي السياسي والأكاديمي، والتحرر الذي يكْمُن في وعيه احتلال العقول وطغيان التسطيح المجتمعي، فالهدم قائم، والمهاد والمساف قائمان له قبل بزوغ وعى الأمة، وما الصعوبات التي تلفنا في العَشِي والإبكار سوى حُجُبْ، للحؤول دون معالجة تلك التراكم المركب من الصعوبات المنسية على مشجب الذاكرة، لِنُسَلّم مفاتيح القضية ناتجاً معنوياً لعجزنا المُصنع محليًا ودوليًا للمؤسسات الرسمية، لذا وجب علينا أن نحطم ذلك الحجر الصلد الذى ينحتون عليه أزماتنا التاريخية.

مقدمات تاريخيه واجب التنويه عنها لفهم أعمق.!

ليس دائماً الرجوع خطوه للوراء تراجع، قد يكون مقدمه للأمام، أو وَثبه نحو الصعود، الخطوة المعنية هي الحرب العربية الإسرائيلية الأولى 1948، أو حرب الجولتين التي تخللهما هدنة الأربع أسابيع، إثر تدخل مجلس الأمن ليتسنّى للكيان الإسرائيلي الوليد من سفاح، تدفق أدوات الحرب العسكرية والبشرية، ليتفوق بذلك على الجيوش العربية مجتمعهً، لكسب المعركة، وقد كان، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من سحقه (عسكرياً)، أعقبت الهزيمة العسكرية هزائم سياسيه مؤثره على كافة المستويات، فكانت اتفاقية (رودس) 24 فبراير التي تمت بالتفاوض غير المباشر عن طريق وسيط الأمم المتحدة (الكونت برنادوت) والتي كانت تكريساً صريحاً للهزيمة العربية آنذاك.!

الهرولة نحو الاتفاقيات لأنظمة الطوق.!

ولإنعاش الذاكرة التاريخية العربية أكثر، فإن اتفاقية الهدنه الأولى بين مصر و(إسرائيل) 1948 يونيو، أعقبها اتفاقيات مماثله مع لبنان وسوريا وبالطبع الأردن في (رودس)، والملحوظة التاريخية تبدو هنا بقوه أن جميعهم (أي الأقطار العربية) المُعَاهِدة (دول الطوق)، أو بحسب تعبير الكاتب العراقي البارع محمد الجزائري (أنظمة الطوق والكيان المطوّق) بكسر الواو للمفارقة الضدية، ومن المخرجات الكاسرة للهزيمة العربية الأولى، اعتراف الأمم المتحدة بالكيان الإسرائيلي دولةً في مايو 1949.

رودس وسلسلة الهزائم.!

ومن (رودس) فرط العقد، ليتجاوز المعنى المجازي والضمني والحرفي وكل صيغ المبالغة في لغة العرب أدق لغات الدنيا لكلمة (عار)، لنرى عجز الأنظمة عبر الخيط الرفيع المتآكل من 48 النكبة إلى 56 العدوان الثلاثي إلى 67 النكسة إلى 73العبور ثم دفرسوار الثغرة التي أوصلت السادات إلى زيارة (تل الربيع) لتبدأ النكسة الحضارية الكبرى في مخيم داود و( معاهدة السلام ) 26 مارس 1979 التي مازالت ( يلفح جحيمها مضجع الأمه وكبريائها ) منذ ذلك الحين، تَبِعها ما تَبِعها من ( أوسلو ) ثم (وادى عربه)، كلها (رودس) رغم اختلاف الأسماء وتعاقب الأنظمة.!

القرار 242 ودلالات التتابع التأريخي.!

دلالات التتابع التأريخي الرصين، تُظهر لنا بجلاء أن تطبيع الأنظمة ولد منذ (رودس) رغم التفاوض الخجول غير المباشر، الذي (كان) يخشى ردود فعل الشارع العربي والإسلامي، ولذلك مارس فنون القمع برمجه استباقية لثائري المستقبل، وما سيكون في قابل الأيام من تعاون أو تنازلات مستقبليه مع الكيان (الإسرائيلي) على حساب القضية المركزية للأمة، منذ سقوط الخلافة الإسلامية، وأن معاهدة (السادات) (إن جازت لنا التسمية) 1979مع مناحم بيجين جاءت نتيجة التطبيع المستتر وليس كما يظن البعض أن التطبيع جاء نتيجة (المعاهدة الساداتية)، وأن التوصيف الدقيق لمراحل التطبيع اللاحقة، للمعاهدة، سالفة الذكر، هو الوثبة العنيفة، غير الرشيقة، من حالة (الخجل) إلى عين (الفجور) كالذي يمارسه (أولاد زايد) باسم الإمارات ومن تلحّف بغطائهم، والقبول بالقرار (242) الذي غالباً ما يتردد في الأوساط الدولية لمجلس الأمن، الذي ضربت به الحكومات المتعاقبة على (إسرائيل) كل الجدران طولاً وعرضاً منذ نوفمبر 1967، هذا القرار يُعد أحد المراتب التي وطدت للتطبيع مع الكيان، والقبول به، لا يقل جُرماً، عن الخطوة الساداتية 1979، ومن عقوق التاريخ، ألّا نذكر بالسوء، أوائل من أيدوا ما يُسمى (بحل الدولتين) في العالم العربي، يتقدمهم الملك عبد الله، وربيب فرنسا الحبيب بورقيبة، والحزب الشيوعي في العراق، والحزب الشيوعي الأردني الفلسطيني.

المعاهدات وفتح باب تجنيد العقول.!

أعقب الدوران مع طاحونة المعاهدات فتح الباب لتجنيد العقول والكفاءات التي كانت تعاني العوز الاقتصادي، أمام عين الأنظمة، ولم يَكُن تجنيد الطلبة استثناءً، كما فُتِح الباب رويداً رويداً للمعاهد والمراكز الإسرائيلية والصهيوأمريكية، التي كان من أخطرها على الإطلاق مؤسسة راند للدراسات الإسلامية والمركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة الذي أُنشئ عقب معاهدة مخيم داود1982، وهذا ما سنُعَرّج عليه لاحقاً وتقييمات أخرى في الجزء التالي إن شاء الله.

Please follow and like us:

1 Comment

  • Avatar
    غانم الأثنين فبراير 19, 2024

    فعلا صدقت
    كيان من سفاح
    اصدق تعبير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *