مقالات

عمر بلقاضي يكتب: قوّة الكلمة

الحق كلمة، والباطل كلمة

الخير كلمة، والشّرّ كلمة

الإيمان كلمة، والكفر كلمة

فالكلمة بذرة المعاني، تُزْرَعُ في القلوب والعقول فتُثمر الصَّلاح والرَّشاد

والإسعاد، إذا كانت حقاًّ وخيرا، أو تُنبت أشواك المآسي والفساد، إذا كانت باطلا وشرًّا

قال عز وجل:

{أَلَمْ تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلا ًكَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طيِّبةٍ أصْلُها ثَابتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤتِي أُكُلَها كلَّ حينٍ بإذن ربِّها ويضربُ اللهُ الأمثالَ للنَّاسِ لعلَّهم يتذكَّرونَ * ومَثَلُ كلمةٍ خبيثةٍ كشجرةٍ خبيثةٍ اجْتُثَّتْ من فوقِ الأرضِ مالَها من قرارٍ * يُثَبِّتُ اللهُ الذينَ آمنُوا بالقولِ الثاَّبت في الحياةِ الدُّنيا وفي الآخرةِ ويُضلُّ اللهُ الظَّالمينَ ويفعلُ الله ما يشاء}

(24-25-26) إبراهيم

والكلمة كالذرة في انطوائها على قوى هائلة رغم صغر حجمها، فهي تؤثِّر في المعاني

والمباني، وقد تؤدِّي إلى تغيير معالم الحياة في الزّمان، فكم رفعت ناسا ووضعت ناسا، وصانت نفوسا وقطعت رؤوسا، وجلبت ثروات وسببت إفلاسا، فالكلمة تملك قوة التَّغيير و التّدمير… تدمير الباطل إذا كانت حقا، أو تدمير الحقّ إذا كانت باطلا، فالصّراع الأزلي بين الحقّ والباطل هو نزال مستمر بين كلمات الحقّ وكلمات الباطل، وأقوى قوى الكلام قوى كلمات القرآن الكريم قال عز وجل: {لَوْ أنزلنا هذا القرآنَ على جَبَلٍ لرأيتَهُ خاشعًا مُتصدِّعا من خَشيةِ الله وتلكَ الأمثالُ نَضربُها للنَّاسِ لعلَّهم يَتفكَّرُونَ} 21 الحشر

وكلّ كلام يتبنى معاني كلمات القرآن من مقال أو قصيد، فهو ينطوي على نسبة من تلك القوة، حسب مقدار القرب من المعاني القرآنية

والمطلوب منّا نحن المسلمين أن نُكثر ونُحسن زرع كلمة الحقّ المستوحاة من كلمات

القرآن بكلّ الفنون والمنابر، كالشّعر، النّثر، المسرح، السينما، التّعليم، الوعظ….

ألا فلنَدَعْ كلمات الحق تنتشر وتمر، ولو كانت ذات طعم مر، فسيتولَّى الله إنباتها في العقول والقلوب ولو بعد حين لتنتج ثمرا حلوا: يقينا دامغا أو خيرا سابغا

ولنُلقِ ما جعل الله في أيدينا من عِصِيِّ الكلام الحقّ على إفْكِ سحرة الزُّور والباطل فيحولها إلى حيَّات تلقفُ ما يأفكون، أو قنابل تدمِّر ما يحبكون

المطلوب منَّا أن نحرِّر كلمة الحقِّ ولا نحاصرها بخوفنا وتهاوننا وتردُّدنا وحساباتنا فنبطل

مفعولها، لأنَّنا إذا حاصرناها خلا المكان والزَّمان لكلمة الباطل، فتدمِّر وتُفسد وتُشقي

فلا تحاصروا كلمة الحقِّ يا مسلون، حرِّروها وانشروها… لكن بالحكمة والصّدق والرّفق.

في هذا الإطار ادعو الى توظيف الموهبة الشعرية وغيرها من المواهب الأدبية في إظهار الحق ونصرته، حق الايمان والأخلاق الذي غفل عنه اغلب شعراء اليوم، فمواضيع الشعر تكاد تكون محصورة في العشق والغرام والهيام، حتى صار اغلب الناس يستهينون بالشعر والشعراء ظنا منهم ان كلامهم مجرد طيش وهوى بل وبذاءة أحيانا، كما ادعو الى توظيفه في معالجة مواضيع تهم حاضر الامة ومستقبلها: كالإلحاد، التغريب، الحضارة الغربية الزائفة، واقع الامة العربية والإسلامية، فلسطين والقدس، المرأة، رسالة الكاتب والشاعر..

ان الشعر وسيلة من وسائل تنبيه وإرشاد وإصلاح الأمة وبعثها نحو التّحضر الحقيقي المبني على الفكر والعلم والقيم النبيلة والأخلاق الجليلة والإيمان الصادق الواعي، وكذلك الانتصار لقضاياها العادلة أمام امم الغرب المتسلّطة وامام الصهيونية الباغية.

عمر بلقاضي

كاتب وأديب جزائري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى