الأثنين سبتمبر 30, 2024
مقالات

عنتر فرحات يكتب: الـ«بريكس» ومحاولة تعطيل آلية بريطانيا في الاختراق والسيطرة

من غير مقدمة وندخل في الموضوع مباشرة.

لماذا الـ«بريكس» قبل الستة أعضاء جدد، أو ما هي الخلفية التي جعلت الـ«بريكس» ينتقي هذه اللدول الستة؟

-لا أريد التطرق إلى الجانب الاقتصادي والخلفيات الإيديولوجية لهذه الدول، ولكن لنتناول الموضع من ناحية أخرى.

-لا أحد يستطيع أن ينكر أن الإنجليز هم الحاكم الفعلي لكثير من الدول واللاعب الرئيس الدولي الأول، وهم المسئول الأول عن كثير من المشاكل التي تضرب المجتمعات، ولا أريد لتطرق لآليات الإنجليز في كيفية السيطرة، ولكن لنتناول الموضوع من جانب آخر.

مصر:

لا يستطع أحد أن ينكر دور مصر سواء التاريخي أو الحاضر، وأن مشروع أي عالمي خاصة بعد 1800م لا بد وأن تكون مصر حاضرة فيه، سواء كدولة أو كإقليم، وخير مثال على ذلك حرب الخليج، فلو أن مصر لم تسمح للقوات الغربية باجتياز قناة السويس، لكان احتمال الحرب ضد العراق تقلص لأكثر من 60%، فأنت هنا تسأل مستغربا، ولماذا مصر سمحت للقوات الغربية بالعبور عبر القناة؟

-لكن لما تعرف الوضع الاقتصادي الذي كانت تعيشه مصر، ستعرف الأسباب (الحتمية) من وراء موقفها.

-والآن ومع تبلور محاور الصراع العالمي، إلا أن ظرف مصر الحالي، لا يختلف عنه إبان حرب الخليج الأولى، أضف إلى ذلك طوق آخر، استطاع الغرب أن يقيد به مصر، وهو سد النهضة الإثيوبي، فأي محور عالمي يتشكل لمقارعة المحور الغربي، فحيث كانت مصر (ومع موقعها الاستراتيجي) ستكون الكفة الراجحة.

-وكأن أعضاء الـ«بريكس» أدركوا هذا جيدا، فأرادوا أن يخلصوا مصر من الطوقين، الاقتصادي، والطوق الثاني وهو سد النهضة، وهذا ما يفسر مباشرة سبب انضمام إثيوبيا إلى التكتل، وإن كانت كل قوتها في سد النهضة إلا أن اختراقات كبيرة تنخر جسدها، وهو ما يفسره تلك الحروب القبلة المحتدمة من فترات طويلة، فالذي يملك زمام تلك الجماعات التي تحرك تلك القبائل، لا محالة سيتخلى عن نخر دولة إثيوبيا بعد أن تتخلى عن تهديديها لمصر ولنهر النيل.

السعودية وإيران

منذ ظهرت السعودية وإيران وظهر معهم الصراع ذو الخلفية الدينية، وإن كان المفترض فيه أنه لا ينتهي باعتبار الخلفيات، لكن حقيقة الصراع ما هي إلا أجندت سياسية غربية، وكل دولة تريد أن تتخلص من الطوق الغربي، سواء السعودية أو إيران، فإن الطوق الديني جاهز وحروب لا تتوقف، على شاكلة حرب الخليج الأولى (العراق إيران)، ما يعني أن أداة الغرب لاستفزاز كل من السعودية وإيران بفزاعة دينية من الممكن أن يكسر هذا القيد لما لما يجتمع الطرفان في خيمة واحدة.

وقد يكون هذا سببا مقنعا لاستمالة الطرفين للمحور الشرقي، والمقابل كسر القيود الغربية عن الطرفين.

الإمارات

تسأل مباشرة: إن كانت القيود التي طُوقت بها كل من مصر وإثيوبيا والسعودية وإيران غير متوفرة في الإمارات، فالجواب المباشر وهو أن الإمارات أصبحت بمثابة جهازا ينفذ أجندات بريطانيا مباشرة، وكل تصرفاتها لا تخرج عن مشروع قصر باكنغهام، وحتى نأخذ من بريطانيا أداتها المباشرة في التنفيذ فخير ما نقوم به ضم الإمارات، إضافة إلى التشاحن الشديد بين الإمارات والسعودية، فلن تقبل أبدا الإمارات أن تكون السعودية في تكتل بهذه القوة وهي غير موجود، ما يعني أن تحركاتها ستكون أشد سواء ضد السعودية أو إيران أو إثيوبيا أو مصر، وخاصة مع تواجدها في كل من الصومال وإريتريا وجيبوتي والسودان، فحتى نعطل أداة بريطانيا ونجعلها تخرج للعلن لا بد من استقطاب الإمارات.

الأرجنتين

أما الأرجنتين فيكفي العداء المصرح به ضد أمريكا.

-هذا كله لا ينفي الثقل الاقتصادي الذي تتمتع به هذه الدولف فدولة مثل  السعودية وناتجها الإجمالي أكثر من ألف مليار دولار، والإمارات خمسمائة مليار والأرجنتين ستمائة مليار، والثقل الاقتصاد والسكاني مثلما هو مصر مائة ملون نسمة وحوالي أربعمائة مليار، وأثيوبيا مائة مليون نسمة وأربعمائة مليار ناتج إجمالي.

-أما دول مثل الجزائر ونيجيريا تركيا لماذا لم يتم ضمها؟

دول مثل نيجيريا رغم أن ناتجها المحلي تجاز الترليون ومائتا مليار دولار، وكتلة سكانية الأولى إفريقيا (220مليون نسمة)، لكن القيود المكبلة بها خاصة من فرنسا وإنجلترا يجعلها عضوا غير فعال، وعنصر غير مؤثر في صراع المحاور العالمي اليوم، وخير مثال أحداث النيجرن حيث تريد فرنسا أن تجعل منها مجرد حارس لمصالحه وجندي ينفذ أجنداته، لذلك كان من المنتظر جدا عدم تواجدها ضمن قمة الأعضاء.

تركيا

تقريبا تركيا لا تختلف أبدا عن نيجيريا، إلا أن نيجيريا كلبت مرغمة وبقايا احتلال تريد أن تتخلص من أغلالها، إن أن تركيا ومع سياستها المتذبذبة، والتي لا تزيد على المصالح الشخصية، وهو ما جعلها عنصرا فعالا في كل الصراعات المحورية، مابين الشرق والغرب، إلا ان إخلاصها ووفاءها كان ومازال خالصا للغرب، ما يعني أن تواجدها الآن في المجموعة سيكون له نتائج عكسية، وتخدم المصالح الغربية، لذلك فعدم تسميتها مع المجموعة أمر منتظر جدا.

الجزائر

-الجزائر تقريبا مثل نيجيريا وتركيا ولكن باتجاه عكسيا، وإن كان موقف نيجيريا وتركيا معروف مقدما وأن كلا منهما عنصر غير فعال، ولا يزيد دورهما عن كونه جندي للمصالح الغربية؛ فإن الجزائر العكس تماما، عنصر أصيل في صراع المحاور، إلا أن الجزائر قد تبلور وتحدد موقفها منذ عشرين سنة وتأكد مع بداية الربيع العربي، ما يعني أنه لا توجد أي سبب يحث على عضوية الجزائر هذه السنة، لأن ولاءها وتوجهها معلوم مسبقا، ولأنها بمثابة صاحب الرهان الجالس في أعلى المنصة وينتظر فوز فريقه، هذا أولا.

-وإن حصل وكان انضمام للجزائر فسيكون من روسيا، وتكون بمثابة ردا للجميل من روسيا للجزائر؛ خاصة بعد مواقف الجزائر مع روسيا بعد الحرب، حيث كانت دائما تقف لجانبها، إضافة إلى صفقات السلاح الكبيرة التي تبرمها الجزائر مع روسيا رغم تحفظ الغرب منها.

أما موقف الصين فواضح وظاهر، وخير ما يعكسه الاستثمارات الصينية الضخمة في الجزائر (أكثر من خمسة وثلاثين مليار دولار)، ما يعني حتى لو كان انضمام الجزائر للمجموعة فلن تحصل ما حصلته مع الصين منفردة.

Please follow and like us:
عنتر فرحات
كاتب وباحث في الشئون الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب