-هذه الرسالة للإعلاميين بصفة عامة لأن طبيعة عملهم تسمح لهم بالتدخل وإن بطريقة غير مباشرة في شأن الدول التي يغطونها إخباريا (وإن كان 95% من الإعلام جوسسة)، ولهم الحق المطلق في كتابة ما يريدون باسم حرية التعبير، الرأي والرّأي الآخر كما تزعم بعض القنوات.
-والأمر نفسه مع المعارضة بصفة عامة والتي تعتبر كل معارضة في دولة أخرى أخت لها وكأنها من أم واحدة؛ فتعطي لنفسها الشرعية للتدخل في حراك أو ثورة مُتحَجِّجِين بأنهم معارضون وأن كل حراك أو ثورة خرجت من أجل إسقاط الأنظمة الوظيفة؛ فهي من وحي أفكارهم وامتداد طبيعي لهم.
-لا يهمنا هذا، لأنه أصبح من نافلة القول، ولكن الغريب حجم الأقلام التي تسيل في أي حراك مثلما حصل في بداية الربيع العربي (2011) في كل البلاد التي وصلتها تلك الريح ، حيث وجدنا العشرات بل المئات من الأقلام تسيل سيلا جارفا حيث أصبحت تلك الأقلام تعيش المناخ الاستوائي في وصف البلاد وثورتها.
الجزائر وقحط الأقلام العربية:
-والأكثر غرابة كيف أن تلك الأقلام التي كانت تعيش المناخ الاستوائي قد تصحرت، وكأنها في لحظة واحدة غيرت مناخها من الاستوائي إلى الصحراوي الجاف، حيث لم تجد ما تجود به على قرائها إلا إذا استثنينا بعض الإسلاميين الذين وجدوا الفرصة سانحة وأصبحوا يهرفون كالرجل السكران وقت السحر، الناس خرجت للصلاة وهو يتغنى ببقايا كلمات راسخة في ذهنه منذ أيام الطفولة، ذلك هو حال المحللين الإسلاميين الذين أظهروا جهلا مركبا وخاصة لما ادعوا الإحاطة بما يجري في الجزائر، ووجدنا عَمَى ألوان حقيقي يضرب أبصارهم كما ضرب بصيرتهم، وفعلا جعلوا من أنفسهم ضحكة للمواطن العادي قبل للتيار العلماني المعادي.
-وجدنا تلك الأرقام التي كانت تعيش عصرها الزاهي في ربيع مصر وليبيا وسوريا واليمن قد أصابتها سِنِيُّ قوم يوسف العجاف، ولم يَر مَلكَهم أي حلم حتى يستطيع الخروج من هذا القحط الحقيقي، وكيفية الوصول إلى معلومة من أرض الجزائر التي أثبتت فعلا أنها عَصيَّة ليس على الأعداء بسلاحهم فقط؛ بل حتى على الأقلام التي تبحث عن سبق تصنع به مجدا.
-لم تجد تلك الأقلام ما تكتب أو ما تظهر به خبرتها في الشأن الداخلي للجزائر، حيث كان فعلا أمرا غامضا، ولا يستطيع أي مفكر أو محلل أي يجعل من نفسه مرجعا لما يحدث في الجزائر، حتى كبار القنوات العالمية المحايدة لم تجد ما تقدمه في أمر الجزائر فاعتبرت ولم تشأ تشويه صيتها.
-وأما القنوات غير الحيادية والمعروفة باتجاهات معينة فراحت تعتمد على ما يقدمه الإعلام الفرنسي من قنوات وجرائد ومواقع، ولما نقول فرنسا فنحن نتكلم عن العدو التاريخي والأزلي للشعب الجزائري، نفتح هنا قوس، كيف لقناة محايدة كما تزعم مثل الجزيرة ثم تجعل مرجعيتها في حراك الجزائر عَدوًّا تاريخيا للجزائر، كما تجعل أمريكا وفرنسا مرجعية فلسطين من الإعلام الصهيوني (الإسرائيلي).
على خطى الثورة المضادة:
-الغريب في حراك الجزائر وإن كان متأخرا وكانت الشعوب والمعارضة العربية وإعلامها قد شبع ندما على الأخطاء الكارثية التي وقع فيها، إلا أن تلك الأرقام والإعلام المعارض والنخبة الإسلامية وبعد أن أصابها عمى ألوان للنخبة الإسلامية، وخيانة متجذرة في الإعلام المعارض، راح يملي ويفرض خطة طريق لا تجعل من الجزائر إلا سوريا أو يمن أو ليبيا جديدة، في إسرار شديد وتعنت مبالغ فيه، حيث سخر الإعلام وأعطى الفرصة لهذه النخبة التي كان يرى فيها التشدد والتطرف أصبح هؤلاء الإسلاميون النخبة ورجال الحكمة والتحليل في الاستوديوهات، وكل هذا فقط من أجل غاية واحدة ولا تخدم إلا طرفا واحد وهو محتل الأمس والعدو التاريخي للأمة الجزائرية.
-الغريب كذلك أن هؤلاء الإعلاميون والنخبة الإسلامية خارج الجزائر جعلوا من خونة، نعم خونة وبيادق الدولة العميقة مرجعية لهم، وهؤلاء الذين أصبحوا مرجعية للنخبة الإسلامية والإعلام المعارض في الوطن العربي لا يعلمون أن ما يقدمونه في برامجهم وما تجود به أقلامهم هو خيانة ليس للأمة الجزائرية فقط بل العربية والإسلامية.
جبهة إنقاذ فرنسا:
-طال الزمن أو قصر سيندم كل إسلامي يقف اليوم في خط الدفاع عن فرنسا، وسيجد نفسه عبارة عن جبهة إنقاذ فرنسا مثل جبهة إنقاذ مصر، وسيعلم حينها أنه لم يكن يوما نخبة؛ بل مجرد أغرار وإلا كيف لأغرار بيادق للدولة العميقة أن يخترقوهم.
ولو كانوا نخبة كيف لا يستطيعون تحليل الوضع الجزائري!
كيف لمن يجعل من نفسه نخبة ومفكرا وهو يخدم مصالح فرنسا الماسونية على حساب الجزائر العربية الإسلامية!
التاريخ لا يرحم الخونة.
-لم يبق كثير، وتتأكد النخبة والإعلاميون أنهم مجرد أغرار، وأن مرجعياتهم التي كانوا يعتمدون عليها في محاربة الجزائر لم تكن إلا سجاح مدعية النبوة ونافع بن الأزرق سيد الخوارج في تركيا، ومسيلمة الكذاب في بريطانيا.
-أما الجزائر فكما أن للكعبة رب يحميها فإن للجزائر رب أكبر من فرنسا وأعدل من النخبة والإعلاميين.