عنتر فرحات يكتب: لماذا فرح السوريون بسقوط الأسد؟
وتثنية على المقال الأول (حتى لا يتكرر سيناريو سوريا في الجزائر) وقبل ان نشرع في كيفية التشابه ما بين حزب الإدارة في الجزائر والطائفة العلوية في سوريا نجعل هذا المقال التوضيحي؛ لماذا الشعب السوري فرح بسقوط بشار، وهذه الجزئية تحديدا لن يستطيع أن يدرك ماهيتها إلا من كان له سابق عهد بالشام خاصة (وهنا لما نقول الشام فنحن نقصد العاصمة دمشق) وسوريا عامة.
من المستحيل (واسأل الشعب السوري الذي كانت له فرصة وخرج خارج سوريا) أن تجد شعبا عاني من القهر والذل ما عاناه الشعب السوري، ومن المستحيل أن تجد هذا إلا في فترات القرون الوسطى ومحاكم التفتيش، وليست هناك قصة بل مئات إن لم نقل الآلاف من القصص ترى، جعلت الشعب السوري يعيش أصعب حياة؛ حقيقة الظروف الاقتصادية كانت جيدة؛ لكن الغريب حتى اتباع النظام ازعجوا الشعب حتى في أرزاقهم، وهذا ما جعل أي داخل لدمشق يشعر بتلك الطريقة العنجهية التي كانت تعيش بها طائفة معينة ضد الغالبية من الشعب، فما حدث لشعب سوريا من المستحيل أن يتكرر؛ وإن حصل وكان استعمار (لا قدر الله) لدمشق؛ لأن كل أنواع الإجرام والإبادة قد حصلت لهم.
كنت ترى بأم عينيك كيف يأتي الإيراني الفارسي، ويذهب لمقبرة باب مصلى ويشوه قبر سيدنا معاوية بقاذوراته، ليس هذا فقط، بل تجد المراقد الشيعية عليها أهبة من القداسة جاوزت ما يمارسه الشرق آسيويين لتمثال بوذا وكونفوشيوس، أما الحسينيات فحدث ولا حرج قلاع حقيقية تنهب كل شيء، ويا لسوء حظك إن كان بيتك قريب منها فإنه لا محالة غنيمة لهم، لما ترى حوزة السيدة زينب في منطقة السيدة زينب أو حوزة السيدة رقية خلف الجامع الأموي في دمشق القديمة، تشعر وكأنها دوواين من العصر العباسي لشدة حصانتها ومهابة العمارة التي امتازت بها، لا أحدثك عن يوم عاشوراء والمجموعات التي تخترق سوق الحامدية مجموعات إيرانية ومجموعات باكستانية وغيرها وهي ملطخة بالدماء حزنا كما يزعمون على الشهيد حسبن.
شاءت الأقدار وكنت يوميا أمر عبر باب مصلى وقبر ابن عساكر وأعرج على ما يجري في تلك المقامات مما يقبله عقل.
الذي أريده تلك الحرية الدينية المطلقة التي كانت للجماعة الشيعية وغيرهم من الطوائف قُوبلت بتعنت شديد ضد الإسلام السني، وليست المشكلة مع الشيعة كمجموعة دينية أو العلوية كمجموعة مذهبية كما تزعم؛ بل من القهر الذي كانت تمارسه أتباع هذه الطوائف ضد السنة، كل مالك مستباح بيتك مستباح، تشعر وكأنك في العصر الروماني زمن العبيد، في أي لحظة يأتي السيد ويسحب منك كل شيء، وإذ حصل واعترضت فقط فالمصير المجهول الحتمي في انتظارك.
لدرجة أن الناس أصبحت تمرن نفسها في حالة الغضب
ألا تسب الرئيس أو النظام؛ لأنه لو حصل وتكلمت في الرئيس فالمصير حتمي في انتظارك.
-ذهبنا لجامع المنصور نصلي وإذا بشيخ يعتليه نور، وصوته ملائكي نازل من السماء في عقده الخامس تقريبان سألنا كيف فجأة هذ الملاك نزل من السماء؟ قالوا: لا لم ينزل من السماء بل خرج من سجون الظلام بعد تسعة عشر عاما قضاها في السجن.
-صديق يحكي لي (والقصة حقيقية) كان راكب في حافلة نقل صغيرة (ميكروباص)، والموقف عند جسر الرئيس والذي الآن تسمى باسم الساروت، قال السائق: جسر الرئيس جسر الرئيس لم ينزل أحد، وبعدما تحرك بأمتار، قال له أحد الركاب: نزلني زكاتك (أنزلني من فضلك)، انزعج السائق وقال في غضب: كنت واقف عند جسر.. (وقال لفظ غير مستحسن عند الشوام) (كنت أقول جسر خ ..)، ولما نزل السيد، السائق انتبه، أن تلك الكلمة قد تؤل أنها شتم في الرئيس فجعل يقول: أستغر الله العظيم الزملة (الرجل) كفرني أستغفر الله العظيم كفرني، وجعل كل الركاب يضحكون لكن في صمت.
الذي أريده من هذه القصة أن القهر الذي عاناه الشوام حتى إنه مجرد الخطأ في شتم الرئيس يعتبر كفرا بالنسبة للنظام.
-أما إذا جاء مشروع وصادف أن بيتك أو أرضك تكون ضمن ذلك المشروع فكبر على بيتك أو أرضك، بل إنه حصل وكانوا يأخذون بيوت أشخاص، ثم يعطونه تعويضا لا يزيد 10% من قيمة البيت، ثم يلزمونه بهدم البيت أو العقار ونقل المخلفات في فترة وجيزة، وإن لم يفعل تسلط عليه عقوبة عشرة أضعاف التعويض الذي أخذه، فيجعل الـ 10% التي أخذها كتعويض في نقل بقايا البيت بعد الهدم، هذه كأمثلة بسيطة جدا، لأنه والله لو نحكي ما نعرف عما حصل في السجون فإن ما ترونه اليوم يعتبر نزهة مما كان يحصل.
الذي أريده أن فرح الشعب السوري اليوم هو فرح الحر الأصيل الذي كان يستعبده عبد قن خالص، فلذلك رجاء لا تشوهوا فرحتهم، وتأكدوا يقينا أنهم يعلمون يقينا ما يجب عليهم، وما يجب عليهم فعله.
هذه كجزئية داخلة في الموضوع الذي أريد الكلام عنه.