شهدت منطقة جنوب البحر الأحمر قبالة اليمن، خلال الأيام الماضية تصعيدًا ملحوظًا من قبل جماعة الحوثي ، حيث نفذت هجمات على سفن تجارية ترفع أعلامًا مختلفة، منها سفن تابعة لدول اجنبية وبينها سفن مرتبطة بإسرائيل وفقًا للمصادر. مسؤول أميركي أكد أن التفاهم بين واشنطن والحوثيين حول حرية الملاحة لا يزال قائمًا، رغم تلك الهجمات، مشددًا على أن التفاهم يهدف إلى الحفاظ على مصالح سلاسل الامداد والتجارة الدولية في المنطقة الحرجة.
التصريحات الأميركية متوازنة
قال مسؤول أمن حربي أميركي لوسائل الإعلام، أن الهجمات الحوثية الأخيرة استهدفت سفنًا غير أميركية، وتحديدًا سفنًا مرتبطة بإسرائيل، ليبرهن على أن الجماعة تسعى لتوجيه رسائل سياسية ودبلوماسية ضمن سياق الصراع الإقليمي، ويأتي ذلك في سياق محاولة أميركية للحفاظ على استقرار المنطقة، مع استمرار وجود قوات البحرية الأميركية التي ستغادر المنطقة قريبًا، حيث ستبقى حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز” لضمان ردع أي تحركات مهددة للملاحة الدولية.
عدد من المحللين السياسيين قالوا ان واشنطن تحاول فرض التوازن بين دعم الحلفاء واحتواء التصعيد الحوثي، مؤكدين أن تصريحات المسؤول الأميركي تعكس رغبة في عدم التصعيد المفتوح، رغم أن هجمات الحوثيين تعكس تحولات ميدانية تهدف إلى تعزيز موقفهم التفاوضي وتحقيق مكاسب أمنية وسياسية.
مواقف الحوثيين وتأكيد التحدي
على الجانب الآخر، برزت تصريحات عبدالملك الحوثي، زعيم الجماعة، التي تؤكد استمرار إجراءات الحظر على الملاحة، خاصة على الممرات التي تتجه إلى ميناء إيلات، وذكر في خطاب بثته وسائل إعلام تابعة للجماعة أن قرار منع الملاحة تجاه الكيان يصب في سياق الرد المستمر على العدوان والحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وتُظهر المشاهد التي بثتها الجماعة استهداف السفينتين “إتيرنتي سي” و”ماجيك سيز”، والتي كانت ترفع أعلام ليبيريا وتديرها شركات يونانية، ليؤكد الحوثيون استمرارهم في فرض قيود على السفن المتوجهة إلى إسرائيل، ما يعكس رغبة الجماعة في ممارسة الضغط المستمر على التحالفات الإقليمية والدولية.
اهداف الحوثى
رأى خبراء ومحللون أن التصعيد الحوثي يعكس عدة أهداف، منها محاولة الجماعة إبراز حضورها كقوة لا يُستهان بها في المنطقة، خاصة في ظل تنامي التدخلات الإقليمية والدولية في اليمن، وتحول البحر الأحمر إلى ساحة لمناورات مختلفة من قِبل عدة أطراف.
وفي سياق التحليلات السياسية، أشار البعض إلى أن التصعيد يهدف إلى استعراض القوة أمام المجتمع الدولي، وإظهار أن الجماعة قادرة على تحدي النفوذ الخارجي وتحقيق مكاسب أمنية، ما يضع المنطقة في حالة من عدم الاستقرار المستمر. بينما رأى آخرون أن الحوثيين يطمحون إلى تعزيز موقفهم التفاوضي من خلال إرسال رسائل قوية حول قدرتهم على تعطيل الملاحة وفرض واقع سياسي وعسكري جديد.
التواجد العسكري الأميركي وأهمية البحر الأحمر
تبقى الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة دعمها الأمني للمنطقة، ويؤكد خبراء أن الوجود العسكري الأميركي، خاصة عبر حاملات الطائرات والقطع البحرية، يهدف إلى تنظيم عمليات نقل الأسلحة والدفاع عن المصالح الأميركية والإسرائيلية، وضمان حرية الملاحة في ممرات حيوية تكاد تكون شريانًا لاقتصاد العالم.
وبذلك، يظل البحر الأحمر ممراً استراتيجياً لا يمكن الاستغناء عنه، وهو مهدد باستمرار التوتر والصراع، ما يستدعي جهودًا دولية وإقليمية للحفاظ على توازن أمن المنطقة ومنع تصاعد التهديدات المنهجية من قِبل الحوثيين وجماعات أخرى.