سلايدرسير وشخصيات

عُمَر بن الخطاب.. معجزة الإسلام وأسطورة التاريخ البشري

– عُمَر.. الخليفةُ العادلُ الذي ظلَّ المسلمون ثلاثة أيام بعد موته لا يأكلون، وكانت المدينة ومكة ومدن الإسلام من شدة نحيب ونشيج الرجال والنساء عند وفاة (عمر) تدوّي بشدة وكأنه يوم الحشر…

إنه ملهم الشعراء، وأمل المستضعفين، وأيقونة العدل

عُــمــــر

– عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤَي، أمير المؤمنين، أبو حفص القرشي العدوي، الفاروق رضي الله عنه.

– أمه: حنتمة بنت هشام المخزومية (أخت أبي جهل)

– الميلاد: مكة.. بعد عام الفيل بـ 13 سنة -40 عام قبل الهجرة- الموافق 584م

– أسلم في السنة السادسة من النبوة وعمره 27 سنة .

– تاريخ وفاته: فجر يوم الأربعاء 26 ذو الحجة، سنة 23 هـ – الموافق 7 نوفمبر 644م، في المدينة المنورة

– مكان الدفن: بجانب قبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر

– مدة حُكمه: (من سنة 13هـ – 23هـ / الموافق 634م – 644م)

هكذا وصف عبد الله بن عمر والده

– يصف عبد الله بن عمر بن الخطاب، والده (رضي الله عنهما) فيقول:

كان أبي رجلا طوّالا (طويل جدا)، ممشوق القوام، ممسوح البطن، ناصع البياض، تعلوه حُمرة، حلو الملامح، أصلعًا، أعسرا، يستخدم يده اليسرى في كل شيء إلا الأكل، ولكنه كان يستخدم اليدين بنفس الإجادة، (يُطلق على من يستخدم اليدين؛ العبقري) وكان رضي الله عنه جادا، قليل الكلام، جهوري الصوت، لا يجرؤ أحدٌ أن ينظر في عينيه، من شدة هيبته،

كان شعر رأس ولحية وحاجبَيْ (عمر) ما بين اللون الأصفر  والبندقي (كستنائي فاتح)

كل هذه الصفات تنفي تماما، ما وعته ذاكرتنا وتخـيّـلته عن (عمر بن الخطاب) الحاد القوي، فقد تخيلناه غليظ الملامح، متجهما،

الإمام العادل

– قال المؤرخون: تغـيّرَ لون عمر بن الخطاب، بعد تولّي الخلافة، وانطفأ بياض وجهه، من تبعاتها الجسام، والمسؤولية الكبرى التي تقع على عاتقه، وفي عام الرمادة، حرّمَ على نفسه السمن واللبن حتى يخصب الناس، فتغيّرَ لونه للأسمر الشاحب..

– إنه أمير المؤمنين الذي حكمَ الدنيا وهو يرتدي ثوبًا به 12 رُقعة، كما قال أنس بن مالك.

– كان في وجهه خطان أسودان من البكاء، وكان يسمع الآية من القرآن فيغشى عليه، فيُحمل صريعا إلى منزله فيعاد أياما ليس به مرض إلا الخوف.(ابن كثير – البداية والنهاية)

مؤسس التقويم الهجري

– الفاروق عمر هو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسّع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق، ومصر، وليبيا، والشام، وفارس، وخراسان، وشرق الأناضول، وجنوب أرمينية، وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حُكم المسلمين لأول مرة، وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل (أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية)، وحوالي ثُلثَي (أراضي الإمبراطورية البيزنطية).

الفاتح عمر

– تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفُرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكّن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عَبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم، ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها.

العبقري المُلهَم

– كانت (كاريزما) شخصية عمر، حالة خاصة لا تتكرر في التاريخ البشري، فقد كان الشيطان يخاف من عمر، كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويصاب الولاة بالرعب عندما يطلبهم عمر، حتى إن معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) عندما طلب منه الفاروق أن يرسل لبيت مال المسلمين نصف ما يملك، أرسل معاوية (فردة) من كل حذاء يملكه، وهو يردد: إنه (الأعسر اليُسر) أي الذي يستخدم اليدين، ويقصد “عمر”.

– كان يجيد القراءة والكتابة، وعُـرف في الجاهلية بالفصاحة والشجاعة، والمصارعة، وركوب الخيل والفروسية، وكان سفير قريش عند قبائل العرب، وعُـرف في الإسلام بالقوة والهيبة، والزهد والتقشف، والعدل، والرحمة، والعِلم، والفقه، وكان مُسدد القول والفعل.

– روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) 537 حديثًا، وقد وافقه القرآن في عدة آراء اقترحها على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، منها اتخاذ مقام إبراهيم مُصلّى، وحجاب أمهات المؤمنين، ونصحه لأمهات المؤمنين قبل نزول آية التخيير.

وبشّره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وبالشهادة، وبما سيكون على يده من خير، ووصفه بالعبقري “لم أر عبقريًا يفري فريه” (البخاري).

وبيَّن النبي أنه إن كان في الأمة مُحدّث – بمعنى مُلهَم – فهو عمر (البخاري).

وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالاقتداء بأبي بكر وعمر.

الشهيد

– عن الأحنف بن قيس: قال: “لما طُعِنَ عمر أمرَ صهيبًا أن يصلي بالناس، ويطعمهم ثلاثة أيام حتى يجتمعوا على رجل، فلما وُضِعت الموائد كفَّ الناس عن الطعام، فقال العباس: يا أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد مات، فأكلنا بعده وشربنا، ومات أبو بكر (رضي الله عنه)، فأكلنا، وإنه لا بُد للناس من الأكل والشرب، فمد يده فأكل الناس.

– كان عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) عندما يُذكر له (عمر) يبكي حتى يبتل الحصى من دموعه، ثم يقول: إن عُمر كان حِصنًا للإسلام يدخلون فيه ولا يخرجون منه، فلما مات انثلم الحِصن، فالناس يخرجون من الإسلام.

وكان عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) يردد: (أكثِروا من ذِكر عمر بن الخطاب، فإنكم إذا ذكرتم عمر ذكرتم العدل، وإذا ذكرتم العدل، ذكرتم الله)

– وأما أبو عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه)، الذي رحل عن الدنيا في سنة 639م، فقد كان يقول: إن مات عمر رقَّ الإسلام، ما أُحب أن أبقى بعد عمر، فقيل له: لِـمَ؟ قال: سترون ما أقول إن بقيتم، فإن جاء بعد عمر، خليفة، وأخذهم بما كان عمر يأخذهم به لم يطع له الناس بذلك ولم يحملوه، وإن ضعف عنهم قتلوه.

يا سارية الجبل

– كان عمر قويًا في الحق رحيمًا بالفقراء والمساكين، ورغم شخصيته المهيبة، كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه، وصاحب فراسة نادرة وعجيبة، فذات مرة، كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه، إذ به ينادي بأعلى صوته: “يا سارية الجبل.. يا سارية الجبل (أي الزم الجبل وأعطِ ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك).. ومن استرعى الذئب ظلم”…وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس.

وبعد الصلاة سأله علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) :(سمعناك تنادي: “يا سارية الجبل” ؟). فقال عمر: (أو سمعتني يا علي؟) فقال علي بن أبي طالب (وكل من في المسجد سمعك).. فقال عمر (رضي الله عنه) : (لقد رأيتُ كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم، وهم يمرون بجبل، فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين، وإن تركوه هلكوا وانهزموا، فصِـحتُ بهم: “الجبل الجبل”).

ثم ما لبث أن تبيَّنت القصة فيما بعد، فقد عاد “سارية بن زنيم الكناني”، ودخل على (عمر) في المدينة فقال: “يا أمير المؤمنين، تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطرٍ عظيم، فسمعتُ صوتك تنادي: “يا سارية الجبل، الجبل، من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم”.

عندئذ التجأتُ بأصحابي إلى سفح جبلٍ لنحمي مؤخرة الجيش، وواجهنا الفُـرس من جهة واحدة، فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم”.

(سارية بن زنيم الدؤلي الكناني، أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد الفُرس، سنة 645 م/23هـ)

من أقوال الفاروق عمر بن الخطاب (رضي الله عنه):

1- لا يعجبكم من الرجل طنطنته، ولكن مَـن أدّى الأمانة، وكفَّ عن أعراضِ الناس، فهو الرجل.

2- استعيذوا بالله من شرار النساء، وكونوا من خيارهن على حَذَر.

3- عليك بالصدق وإن قتلك.

4- كلُ عملٍ كرهت من أجله الموت فاتركه، ثمّ لا يضرك متى مت.

5- إذا كان الشغل مجهدة، فإنّ الفراغ مفسدة.

6- من عَـرّضَ نفسه للتهمة، فلا يلومنّ من أساء الظن به.

7- لا تنظروا إلى صيام أَحدٍ، ولا إلى صلاته، ولكن انظروا مَن إذا حدّثَ صدق، وإذا اؤْتُمِنَ أدى، وإذا أشفى – أي هَمَّ بالمعصية – ورع.

8- ما وجد أحدٌ في نفسه كبرًا؛ إلّا من مهانة يجدها في نفسه.

9- أفضلُ الزهدِ إخفاء الزهد.

10- مَن كثرَ ضحكه قلّت هيبته.

11- لا تحكم على خُلق رجلٍ حتى تُجرّبه عند الغضب..

12- لكل صارمٍ نَبْوَة، ولكل جوادٍ كَبوَة، ولكل عالمٍ هَفوَة..

13- أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم.

14- من اتقى الله وقاه، ومن توكّلَ عليه كفاه.

15- ترْكَ الخطيئة خيرٌ من معالجة التوبة.

16- حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، أهون عليكم في الحساب غدا.

17- لا تتكلم فيما لايعنيك، واعتزل عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله عز وجل، ولا تمش مع الفاجر فيعلَّمك، ولا تطلعه على سرك، ولا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله عز وجل.

18- إن في العُزلةِ راحلة من أخلاق السوء.

19- لا خير في قومٍ ليسوا بناصحين، ولا خير في قومٍ لا يحبون الناصحين.

20- قال رجل لسيدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إن فلان رجل صدق. فقال له: هل سافرت معه؟ قال: لا. قال: فهل كانت بينك وبينه معاملة؟ قال: لا. قال: فهل ائتمنته على شيء؟ قال: لا. قال: فأنت الذي لا علم لك به، أراك رأيته يرفع رأسه ويخفضه في المسجد.

21- الأمور ثلاثة: أمرٌ استبان رشده فاتبعه. وأمرٌ استبان ضرّه فاجتنبه. وأمرٌ أشكل أمره عليك، فرُدّه إلى الله.

22- لا تتركوا أحدًا من الكفار يستخدم أحدًا من المسلمين. (أي يعمل عنده)

23- مَن كثر ضحكه قلّت هيبته، ومَن مزحَ استخف به، ومَن أكثر من شيءٍ عُرف به، ومَن كثر كلامه كثر سقطه، ومَن كثر سقطه قل حياؤه، ومَن قلَّ حياؤه قَل ورعه، ومَن قلَّ ورعه مات قلبه.

24- اخشوشنوا، وإياكم وَزِيّ العجم.

لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب

– وهكذا ظل عُمَر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش متقشفًا زاهدًا حتى كان ذات يومٍ يصلي بالناس، فاختبأ له غلام مـجوسي “من عبدة النار” اسمه “أبو لؤلؤة” وطعن عمر بخنجر، ولما قُبض عليه انتحر.

– قال عنه أبو بكر الصديق: (لولا عمر بن الخطاب؛ لـزُلزِلَ الإسلامُ وهلكَ المسلمون).

– عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ: (لَوْ كَانَ بَعْدِي نَبِيٌّ لَكَانَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ)

حسّنه الألباني في “صحيح الترمذي”.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أشد أمتي في دين الله عُمر».

وعن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إن لي وزيرين من أهل السماء، ووزيرين من أهل الأرض، فوزيراي من أهل السماء جبريل وميكائيل، ووزيراي من أهل الأرض أبو بكر وعمر، وإنهما السمع والبصر».

وعن عائشة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «إن الشيطانَ يُفْرَقُ من عُمر». أي يخاف ويهرب.

– رضي الله عن عمر بن الخطاب، معجزة الإسلام، وأسطورة التاريخ البشري، وعن صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعن التابعين.

———–

يسري الخطيب

يسري الخطيب

- شاعر وباحث ومترجم - مسؤول أقسام: الثقافة، وسير وشخصيات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى