“عِدَّةٌ مِن أيامٍ أُخَر”.. شعر: سيد يوسف

لَحْنٌ خُرَافِي..
يُرَاوِدُهُ وَتَرْ
وَرِوَايَةٌ عَنْ أَمْسِ..
يَقْرَؤُهَا حَجَرْ
وَرُؤَى نَبَاتٍ..
قَالَ يُثْمِرُ فِي الشِّتَا..
وَرُؤَى جَرَادٍ..
قَالَ يَفْتِكُ بِالثَّمَرْ
وَبَريِقُ مُعْجِزَةٍ..
تُمَارِسُ وَأْدَهَا قِطَعٌ مِنَ اللاشَيْءَ..
أَبْدَعَهَا ضَجَرْ
وَمُسَافِرُونَ.. وَعَائِدُونَ..
وَآخَرُونَ الرُّوحُ عَادَتْ..
وَالْعِظَامُ عَلَى سَفَرْ
يَا صُبْحُ..
لا شَيْءٌ عَلَى حَالٍ يَظَلُّ..
وَلا يُظِلُّ الأَنفُسَ الظَّمْأَى شَجْرْ
يَا لَيْلُ..
يَحْتَرِقُ الْفَرَاشُ صَبَابَةً..
يَا عَيْنُ..
لا يُبْقِي الْغَرَامُ وَلا يَذَرْ
*****
مَدَّتْ يَدَيْهَا البِنتُ مِن بَيْنِ الْغُيُومِ..
اسَّاقَطَتْ مِنْ حُزْنِ عَيْنَيْهَا الدُّرَرْ
مَدَّتْ يَدَيْهَا الْبِنتُ..
قَالَ الْوَاقِفُونَ:
الْحُزْنُ فِي وَجْهِ ابْنَةِ النَّاسِ اخْتَمَر
: مَن يَخْطِبُ الْحَسْنَاءَ؟
أَلْقَى بِالسُّؤَالِ مُسَافِرٌ..
فِي لَيْلِ شِدَّتِهَا عَبَرْ
صَاحُوا الْعِيَالُ المُرْدُ:
نَحْنُ..
– تَوَافَدَت زُمَرٌ مِنَ الرَّائِينَ..
مَاجُوا فِي الزُّمَرْ –
: مَن نَحْنُ؟!
نَحْنُ الْمَاءُ..
وَالصَّحْرَاءُ..
وَالْقَلَمُ الَّذِي بِهُدَاهُمَا نَقَشَ الفِكَرْ
: مَا الْمَهْرُ؟!
نَهْرُ دِمَائِنَا..
شَلاَّلُ ضَوْءِِ الْعَيْنِ إِن شَاءَتْ..
وَطَاوَعَهَا الْقَدَرْ
ضَحِكَتْ جَمَاعَةُ “لَن”..
وَصَكَّتْ وَجْهَهَا الإِسْفَنْجَ..
ثُمَّ تَسَرَّبَتْ بَيْنَ الْحُفَرْ
وَتَفَلَّتَ الرَّاؤُونَ..
بَيْتُ الرَّمْلِ فِيهِمْ..
ذَابَ حِينَ بِبَصْقَةِ الرِّيحِ انْغَمَرْ
لَمْ يَبْقَ إلاَّ الْبُندُقِيَّةُ وَالْعِيَالُ الْمُرْدُ..
يَقْتَسِمُونَ أَرْغِفَةَ الْخَطَرْ
****
: أَطْلِقْ..
هَوَى “وَلَدٌ”..
: أَعِدْ..
ذَا آخَرٌ يَمْشِي بِغَيْرِ هُدَاهُ..
قَدْ فَقَدَ الْبَصَرْ
: أَطْلِقْ..
هَوَتْ بِنتٌ..
فَأَلْقَتْ جِسْمَهَا أُخْرَى عَلَيْهَا..
دَمْعُ قَلْبَيْنِ انْهَمَرْ
يَحْمَى الْوَطِيسُ..
الْحَرْبُ تَسْتَعِرُ..
الْعِيَالُ عَلَى الْمَهَالِكِ يُقْبِلُونَ بِلا حَذَرْ
هُم مَحْضُ أَزْهَارٍ..
وَشَوْكٌ صَبْرُهُمْ..
وَالْعِشْقُ عِطْرٌ فِي الْمَيَادِينِ انتَشَرْ
وَالْمَوْتُ حَصَّادٌ خَبِيرٌ..
وَالنَّشِيدُ يَقُولُ:
لَسْعُ الشَّوْكِ لا يَحْمِي الزَّهَرْ
وَالْخَوْفُ شَيْطَانٌ..
يُوَسْوِسُ.. يَهْرُبُونَ..
يَلُمُّ فُرْقتَهُمْ صَبِيٌّ يُحْتَضَرْ
يَتَرَنَّمُونَ..
إِذِ الْغِيَابُ يَلُفُّهُ:
لا بَأْسَ يَا مَوْتُ..
الصَّلاةُ بِمَنْ حَضَرْ
*****
الْمَوْتُ يَسْرِقُ نَظْرَتَيْنِ إِلَى الْعِيَالِ..
يَشُدُّهُ وَلَدٌ..
يُبَادِلُهُ النَّظَرْ
الْمَوْتُ يُعْلِنُ قَلْبُهُ الْعِصْيَانَ..
يَعْبَثُ بِالْقَوَائِمِ..
يَسْتَبِدُّ بِهِ الْخَدَرْ
يُلْقِي مَنَاجِلَهُ..
وَيَرْقُصُ بَيْنَهُمْ..
يَنسَى وَظِيفَتَهُ..
وَيَضْحَكُ فِي الصُّوَرْ
فِي يَوْمِهاَ حَرَمًا غَدَا الْوَطَنُ الخَؤوفُ..
وهُم حمائمَ لا يُفَزِّعُها شَرَر
عن يومِهَا إن شِئْتَ قُلْ:
مَن كانَ فِي الميدانِ لم يُسأل:
أَحَجَّ أَمِ اعْتَمَر
****
اللهَ!!
مَاذَا بَعْدُ؟!
تَصْطَرِعُ الْخَوَاطِرُ..
يَلقَفُ الإِنشَاءُ مَا يُلْقِي الْخَبَرْ
مَا بَعْدُ قَاسِيَةٌ حَوَادِثُهُ..
وَتَائِهَةٌ خُطَى الإِيقَاعِ فِيهِ مِنَ الْوَتَرْ
كَسَرَ الْيَقِينُ الظَّنَّ..
لَكِنَّ الْحُرُوفَ..
كَأَمْسِ يُسْلِمُهَا الْحَمَاسُ إِلَى الضَّجَرْ
عَادَ الْوُقُوفُ إِلَى الْوُقُوفِ..
الرَّمْلُ..
عَادَ يَشِيدُ أَبْنِيَةً بِقُرْبِ المُنْحَدَرْ
عَادَ السُّؤَالُ يَرُجُّهُم..
: مَن يَخْطِبُ الْحَسْنَاءَ؟
سَادَ الصَّمْتُ..
وَانْخَسَفَ الْقَمَرْ
: مَاذَا عَنِ الأَوْلادِ؟!
يَا ولدَاهُ..
كَم مَاضٍ عَنِ الآتِي الَّذِي صَنَعَ اعْتَذَرْ
: مَن لَمْ يُرِحْهُ الْمَوْتُ..
عَاشَ بِحُلْمهِ وَجَعًا..
بِهِ مَن لَمْ يَرَ الْحُلْمَ اعْتَبَرْ
: أَكَذَا النِّهَايَةُ؟!..
: لا..
هُنَاكَ نِهَايَةٌ أُخْرَى..
مُخَبَّأَةٌ لأيَّامٍ أُخَرْ