“غزة.. العِقدُ الفريد”.. شعر: محمود مفلح
هُنَاكَ شَهِيْدَةٌ وَهُنَا شَهِيدُ
وَغَزَّةُ بِالَّذِي مَلَكَتْ تَجُودُ
يصب المجرمون النار صبا
فلا تلوي العنان ولاتحيدُ
يُحَاصِرُهَا الحِصَارُ فَلَا قَرِيبٌ
لِنَجْدَتِهَا يَهبُّ وَلَا بَعِيدُ !
ويملؤها اليقين بأن ربًّا
سينصرها ويملؤها الصمودُ
يقول المرجفون لقد تمادت
أليس بغزةٍ رجلٌ رشيدُ..؟؟
لقد بطرت قبائلنا جميعا
وكل بلادنا يمنٌ سعيدُ
تُغَرِدُ وَحْدَهَا وَبَنُو أَبِيهَا
كَأَنَّهُمُ الحِجَارَةُ وَالحَدِيدُ!
وَغَزَّةُ وَحدَهَا شَذَّتْ خُطَاهَا
مَضَتْ صُعُدَاً وَأَغْرَاهَا الصُّعُودُ
تَقُولُ لِكُلِّ مَنْ جَمَعُوا وَكَادُوا
أَلَا يَا أَيُّهَا الجُبَنَاءُ كِيْدُوا
إذَا مَادَتْ جِبَالُ الأَرضِ طُرَّاً
فَإنَّ جِبَالَ غَزَّةَ لَا تَمِيدُ
وَإنْ وَهَنَ الرِّجَالُ فإن فِيهَا
رِجَالَاً لَا يَفَلُّهُمُ الحَدِيدُ
هُمُ الآيَاتُ فَوقَ الأرضِ تَمْشِي
وَهُمْ فِيهَا الشَّهَادَةُ والشَّهِيدُ
وَمِلحُ الأَرضِ حِينَ تَخُونُ أَرضٌ
وَعَزْفُ الرَّعدِ إنْ سَكَتَتْ رُعُودُ
هُمُ التَّارِيخُ يَمْلَأنَا فِخَارَاً
هُمُ الأَقْمَارُ وَالأَيَّامُ سُودُ
رجالٌ لاتخدّرهم وعودُ
ولا يثني عزائمهم وعيدُ
إذا نفروا فكلهم نفيرٌ
وإن ركنوا فركنهمُ شديدُ
وَلُو أَلْقَى العَدُوُّ جِبَالَ نَارٍ
لَمَا رَجَفُوا وَلَا اخْتَلَجَ الوَرِيدُ !
وَغَزَّةُ أَشْرَقَتْ مِنْ بَعْدِ لَيلٍ
وَمِنْ وَجَعِ المَخَاضِ أَتَى الوَلِيْدُ
وَغَزَّةُ كُلَّمَا نَضَجَتْ جُلُودٌ
لِمَنْ غَدَرُوا بِهَا سَقَطَتْ جُلُودُ
تُعَلِّمُنَا القَرَاءَةَ كُلَّ يَوْمٍ
وَتُبْدِئُ فِي القَرَاءَةِ أوْ تُعِيْدُ
هُمُ الشُّهَدَاءُ يَنْتَظِمُونَ عِقْدَاً
وَلَيْسَ سِوَاهُمُ العِقْدُ الفَرِيدُ
وَغَزَّةُ تَمْنَحُ الأَحْجَارَ نَبْضَاً
وَفِيهَا يَرْكُضُ الرَّجُلُ القَعِيدُ
وحين يمسهم قرحٌ وقرحٌ
تقولُ مروءةُ الآباءِ جودوا
هُنَا القُرآنُ يُورُقُ كُلَّ يَومٍ
هُنَا تَحْلُو التِّلَاوَةُ والسُّجُودُ
وَغَزَّةُ تُرضِعُ الأَطْفَالَ عِزَّاً
وَغَزَّةُ جِيْلُهَا جِيلٌ فُريدُ
أَقُولُ لِكُلِّ مَنْ صَمَتُوا انْتِظَارَاً
عَلَى قَلَقٍ لَقَد وَصَلَ البَرِيدُ