في خضمّ الأزمة الإنسانية الطاحنة التي يعيشها قطاع غزة، وبعد أكثر من عامين من الحرب التي أودت بحياة عشرات الآلاف وأدخلت القطاع في حالة مجاعة وانهيار شبه كامل للبنى التحتية، استضاف البيت الأبيض اجتماعًا وصفه رسميًا بأنه اجتماع سياسات روتيني.
لكنّ أهميته تكمن في حضور جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشاره السابق، إلى جانب توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق الذي لعب أدوارًا متعددة في ملفات الشرق الأوسط.
موضوعات النقاش
1. خطة “اليوم التالي” في غزة
تمحور الاجتماع حول تصورات “ما بعد الحرب”، حيث طرح المشاركون ملامح خطة لإعادة إعمار غزة.
الخطة تتضمن إعادة بناء البنية التحتية، لكن مع إبعاد حماس عن المشهد السياسي والعسكري.
الهدف هو صياغة وضع جديد يتيح تقديم المساعدات وإعادة الإعمار ضمن ترتيبات أمنية وإدارية دولية.
2. الأزمة الإنسانية والمساعدات
ركّز الحاضرون على تسريع تدفق المساعدات الغذائية والطبية للقطاع الذي يواجه أسوأ كارثة إنسانية منذ عقود.
جرى بحث آليات تضمن وصول المساعدات بشكل مباشر إلى المدنيين، بعيدًا عن أي عراقيل سياسية.
3. قضية الرهائن
أحد الملفات الساخنة التي نوقشت هو ملف الرهائن المحتجزين في غزة.
الاجتماع بحث إمكانيات إدراج هذا الملف ضمن تسوية شاملة لما بعد الحرب، بما يربط الإفراج عنهم بترتيبات سياسية وأمنية.
4. الرؤية الاقتصادية المستقبلية
وفق ما تسرب من بعض الصحف الغربية، تضمنت الخطة تحويل غزة إلى منطقة اقتصادية مزدهرة، شبيهة بـ”ريفيرا الشرق الأوسط”.
الفكرة تعتمد على الاستثمار في شواطئ غزة وموقعها الجغرافي، وجعلها منطقة تجارية وسياحية تحت إشراف دولي.
موقف البيت الأبيض
رغم كثرة التسريبات، شدد مسؤولون أمريكيون على أن الاجتماع روتيني وجزء من متابعة السياسة اليومية، ولم يصدر عنه بيان رسمي تفصيلي.
لكنّ مجرد حضور شخصيات مثل كوشنر وبلير يكشف أن هناك جهودًا غير رسمية لإعداد تصورات لما بعد الحرب، قد يتم تسويقها في المرحلة المقبلة.
دلالات الاجتماع
1. عودة كوشنر إلى المشهد بعد سنوات من الغياب، ما يعيد إلى الأذهان دوره في صياغة “صفقة القرن”.
2. محاولة ترامب تقديم نفسه كصاحب رؤية لإنهاء الصراع في غزة إذا ما عاد إلى الحكم بشكل رسمي.
3. مشاركة بلير تبرز البُعد الأوروبي في صياغة التصورات الغربية حول مستقبل القطاع.
4. الحديث عن تحويل غزة إلى مشروع اقتصادي يعكس محاولة لإعادة إنتاج رؤية قديمة تربط الاستقرار بالتنمية.
الاجتماع في البيت الأبيض، رغم وصفه بالروتيني، هو في الحقيقة اختبار أولي للأفكار المطروحة حول مستقبل غزة.
النقاش تركز على الإعمار، المساعدات، الرهائن، والتنمية الاقتصادية.
واشنطن تُبقي التفاصيل في الظل، بينما تُسرّب الصحف رؤى طموحة وربما مثيرة للجدل مثل “غزة الاقتصادية الجديدة”.
يبقى السؤال الأبرز: من سيدير غزة بعد الحرب؟ وهل تقبل الأطراف الفلسطينية والإقليمية بهذه التصورات الغربية؟