في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة النظام الإيراني عن تعطيل الإدارات والبنوك في أكثر من 18 محافظة بحجة موجة الحر الشديد وأزمة الكهرباء والمياه، تتكشف أزمة أعمق تهدد بانفجار اجتماعي وشيك.
فبدلاً من معالجة الأزمات التي تخنق حياة المواطنين، يواصل الولي الفقيه خامنئي سياسة الهروب إلى الأمام عبر تصعيد الإعدامات والقمع، في محاولة يائسة لإسكات صوت الشعب الذي ضاق ذرعاً بانقطاع الخدمات والغلاء الفاحش، وخاصة بعد الارتفاع الجنوني في سعر الخبز.
لقد رفعت الحكومة السعر الرسمي للخبز في طهران بنسب صادمة وصلت إلى 39% للخبز من نوع “لواش”، و52% لنوع “تافتون”، و34% لنوع “سنكك”. هذه الزيادة، التي وصفتها وسائل الإعلام الحكومية نفسها بأنها “صدمة جديدة للموائد الفارغة”، تأتي في وقت أصبح فيه الخبز الوجبة الوحيدة للعديد من الأسر.
ونقلت وكالة “إيلنا” الحكومية عن عامل قوله: “لم أعد أستطيع تناول الأرز أكثر من مرة أو مرتين في الأسبوع. معظم طعامنا يعتمد على الخبز، وغلاء الخبز يجعل مائدتنا أصغر. هذا هو حالي، فتخيلوا ما يعانيه العامل المياوم!”.
ولا يقتصر تأثير الأزمة على المواطنين فحسب، بل يمتد ليشمل الخبازين أنفسهم الذين وصل بهم الضغط إلى حده الأقصى. فالحكومة لا تكتفي برفع سعر الطحين وقطع الدعم عن تأمينهم الصحي، بل هي مدينة لكل خباز بمبالغ طائلة، مما يضعهم على حافة الإفلاس.
ويكشف هذا القرار عن حقيقة النظام المفلس الذي بعد أن أهدر ثروات الشعب في سعير الحروب والإرهاب الذي يقوده حرس النظام الإيراني وبرامجه النووية والصاروخية، لم يجد سبيلاً لملء عجزه الهائل في الميزانية سوى أن يمد يده مباشرة إلى جيوب الناس ويسرق خبزهم الذي هو قوت يومهم. لكن لهذه السرقة ثمناً باهظاً: وهو غضب الجياع أنفسهم، الذين سرقوا خبزهم لكنهم لن يتمكنوا من إسكات أصواتهم.
وحيثما يُباع الخبز بسعر الرصاص، فإن صرخة الجوع لن تبقى بلا جواب. وهذه هي اللحظة التي يخشاها النظام، حين يرى من قلب المخابز، شبح مسيرة “جيش الجياع” تزحف نحوه. وكما قال زعيم المقاومة الإيرانية: “يجب تحويل خبز وماء الشعب المسلوب إلى طوب ونار يُصب على رأس هذا النظام”.