ألقي انطونيو غوتيريس الأمين العام للأمم المتحدة كلمة في القمة التي عقدتها جامعة الدول العربية في بغداد اليوم قال فيها :
السلام عليكم.
فخامة الرئيس رشيد، أشكركم على دعوتكم إياي وعلى كرم ضيافتكم.
أصحاب السمو الملكي،
أصحاب المعالي والسعادة،
الأمين العام السيد أحمد أبو الغيط،
السيدات والسادة،
يشرفني أن أكون معكم اليوم لمواصلة تعزيز شراكتنا مع جامعة الدول العربية.
إنّ المنطقة والعالم يواجهان مِحناً وشدائد على كافة الجبهات.
بدءاً بغزة..
ولا شيء يبرر العقاب الجماعي الذي يُمارَسُ على الشعب الفلسطيني.
إننا بحاجة إلى وقف دائم لإطلاق النار، الآن.
وإلى الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، الآن.
وإلى ضمان التدفق الحر للمعونة الإنسانية وإنهاء الحصار، الآن.
وإنني أشعر بالجزع إزاء التقارير التي تفيد باعتزام إسرائيل توسيع نطاق العمليات البرية وأكثر من ذلك.
وأؤكد أن الأمم المتحدة لن تشارك في ما يُسمّى بأيّ عمليةٍ لتقديم المعونة لا تمتثل للقانون الدولي ولمبادئ العمل الإنساني المتمثلة في الإنسانية، والنزاهة، والاستقلالية، والحياد.
وأكرر مناشدتي تقديم الدعم العاجل والكامل لعمل الأونروا، بما في ذلك الدعم المالي.
ونحن نرفض التهجير المتكرر لسكان غزة – وأي تفكير في تهجيرهم القسري خارج غزة.
وعلينا أيضاً ألا نحوّل تركيزنا عما تعيشه الضفة الغربية المحتلة من أوضاع رهيبة.
ولنكُن واضحين:
ضمّ الأراضي عملٌ غير قانوني. والمستوطنات غير قانونية.
وحلّ الدولتين هو السبيل الوحيد إلى تحقيق السلام المستدام:
أي أن تعيش إسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب في سلام وأمن وتتخذان القدس عاصمةً للدولتين، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة وما ينص عليه القانون الدولي والاتفاقات السابقة.
والمؤتمر الرفيع المستوى المقرر عقده في حزيران/يونيه، برئاسة مشتركة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية، فرصةٌ مهمة.
فالعالم والمنطقة – والأهم من ذلك، شعبا فلسطين وإسرائيل – لا يَسعهم أن يروا حلَّ الدولتين يتلاشى أمام أعيننا.
ولم يكن هذا الهدف أكثر إلحاحا – لكن للأسف يبدو أيضا أنه يبدو أبعد من أي وقت مضى.
ويتحمل المجتمع الدولي مسؤولية كبيرة في هذه اللحظة الحاسمة.
أصحاب المعالي والسعادة..
في لبنان، قرار مجلس الأمن 1701 واضحٌ لا لبس فيه: يجب احترام سيادة لبنان وسلامة أراضي لبنان، ويجب أن تكون لحكومة لبنان السيطرة على جميع الأراضي اللبنانية.
وإنني أرحب بالالتزام الذي أعلنه المسؤولون اللبنانيون بضمان أن يكون السلاح بيد الدولة فقط.
كما أشجع على مواصلة إحراز تقدم على طريق الإصلاحات – وأشجع كذلك الجهود المبذولة لنشر القوات المسلحة اللبنانية إلى جنوب لبنان، بدعم من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
وفي سوريا، يشكّل ضمان السيادة والاستقلال والوحدة وسلامة الأراضي أمرا حاسم الأهمية.
ويجب علينا أن ندعم بقوة عمليةً سياسية شاملة للجميع يقودها السوريون ويمسكون بزمامها، استناداً إلى المبادئ الرئيسية لقرار مجلس الأمن 2254 – عملية تصون حقوق جميع السوريين وتكفل مشاركتهم بغض النظر عن أصلهم العرقي أو ديانتهم وتضمن حمايتهم.
فهذا هو السبيل إلى مستقبل يعمه السلام وينعم فيه السوريون بالاستقلال والديمقراطية، وإلى انتعاش اقتصادي يتحقق بالتزامن مع رفع العقوبات.
ضرورة وقف المجاعة والنزوح الجماعي في السودان ..
في اليمن، ألحقت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر أضرارا كبيرة بالاقتصادات الإقليمية والعالمية.
يجب أن يتوقف مسار العنف – ونحن نعمل على التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية بقيادة يمنية.
أرحب بإعلان سلطنة عمان 6 أيار/مايو بأن الولايات المتحدة والحوثيين سيوقفون الأعمال العدائية.
لا بد أن يتوقف مسار العنف – بينما نعكف على التوصل إلى تسويةٍ سياسية تفاوضية بقيادة يمنية.
ويجب الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة وغيرهم ممن اعتُقلوا تعسفاً.
وفي السودان، يتسم التعاون متعدد الأطراف المتجدِد والمنسّق بأهميته البالغة من أجل المساعدة على وقف العنف المروع والمجاعة والنزوح الجماعي.
وأنا ممتن للغاية لجامعة الدول العربية وللاتحاد الأفريقي على الاجتماع التنسيقي الممتاز الذي تمكنا من عقده أمس.
وإنني أثني على الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية لتعزيز التنسيق المتعدد الأطراف.
وفي الصومال، لا مناص عن الوحدة والحوار الشامل للجميع.
وستكون المساعدة المقدّمة من شركاء الصومال حيويةً في محاربة حركة الشباب وتعزيز السلام والأمن في البلد.
ولهذا السبب تقدّمتُ بتوصية إلى مجلس الأمن لإتاحة تمويل مستدام يمكن التنبؤ به لبعثة الاتحاد الأفريقي للدعم وتحقيق الاستقرار في الصومال.
مطلوب السعي لاستقرار الاوضاع في ليبيا ..
وفي ليبيا، نعمل بنشاط مع الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لوضع حد للمواجهات بين المجموعات المسلحة، والحفاظ على استقلالية مؤسسات الرقابة الرئيسية، وتذليل العقبات التي تحول دون إجراء انتخابات وطنية، وتحديد المسار المؤدي إلى الاستقرار والازدهار على المدى الطويل – بما يلبي احتياجات الشعب الليبي وتطلعاته.
ومرة أخرى، تشكّل جامعة الدول العربية شريكاً حيوياً في هذه الجهود.
وأخيراً، أود هنا في بغداد أن أنوه وأشيد بالتقدم الذي أحرزه العراق منذ استعادته السيادة في عام 2004 – على صعيد تقوية المؤسسات، وحلّ المنازعات غير المحسومة عن طريق الحوار، وتقديم المساعدات الإنسانية، وتعزيز التنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
وآمل مخلصاً أن يتم التوصل إلى حلٍّ عادل لكافة المسائل العالقة عبر الحوار.
ولقد صاحبت العراق في مساره هذا بعثةُ الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى العراق، ونحن نعمل جاهدين على ضمان تنفيذ البعثة ما تبقى من ولايتها بنجاح وانسحابها المنظم بحلول 31 كانون الأول/ ديسمبر 2025.
وإننا ملتزمون بمواصلة دعم حكومة العراق وشعبه على الطريق نحو مستقبل يعمه السلام والديمقراطية والازدهار.
أصحاب المعالي والسعادة،
على الرغم من التحديات الهائلة، دعونا نستخلص العِبر ونستمد الأمل من هنا في بغداد.
فبالعمل في إطار من الوحدة والتضامن، يمكننا أن نساعد على حلّ النزاعات وأن نبني مستقبلاً يسوده السلام والازدهار.
هذا هو الهدف المشترك الذي تتقاسمه جامعة الدول العربية والأمم المتحدة – وإني أتطلع إلى مواصلة تعميق شراكتنا معاً.
شكراً.