الأمة : أكد مدير دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة الفلسطينية في غزة، الدكتور أيمن أبو رحمة، أن متلازمة “غيلان باريه” تُعد مرضًا مناعيًا بالدرجة الأولى، وتبدأ أعراضها بارتخاء حاد في الأطراف العلوية والسفلية، قبل أن تؤثر على أجهزة المصاب التنفسية والعصبية والهضمية.
وقال أبو رحمة في حديث لـ” وكالة قدس برس” إن “السبب الرئيس للإصابة بمتلازمة غيلان باريه هو دخول أحد أنواع الجراثيم عبر الفم، من خلال نزلة معوية، ما يؤدي إلى تأثير مباشر على الجهاز العصبي الطرفي، ويتسبب في ارتخاء الأطراف السفلية بشكل تصاعدي نحو العلوية”.
وأضاف: “تتفاقم المشكلة عندما تُصاب عضلات الجهاز التنفسي، فيحدث قصور حاد في التنفس، ما يستدعي وضع الطفل على جهاز تنفس صناعي لإنقاذ حياته. وفي هذه المرحلة، تكون نسبة الخطورة على حياته عالية للغاية، إذ لا يمكنه البقاء على قيد الحياة بدون دعم صناعي بسبب شلل العضلات التنفسية”.
وتابع أبو رحمة: “نحن في قطاع غزة نفتقر إلى وسائل التشخيص الضرورية لهذه المتلازمة، من أدوات مخبرية لرصد الجراثيم إلى أجهزة الرنين المغناطيسي، ولذلك نعتمد في التشخيص على الأعراض والمعطيات السريرية المتاحة، ومن ثم نبدأ العلاج”.
وأشار إلى أن تأثيرات المرض لا تقتصر على الجهاز التنفسي فقط، بل تمتد لتُحدث قصورًا في وظائف الكبد وقد تؤدي إلى الفشل الكلوي، في حال لم يُستخدم العلاج المناسب في الوقت المناسب.
وأوضح أن “المرض مناعي وغير معدٍ بشكل مباشر، إلا أن انتقال الجراثيم والبكتيريا المنتشرة بكثرة في القطاع يُسهّل الإصابة به، خصوصًا بين الأطفال وكبار السن”.
وشدد على أن “متلازمة غيلان باريه” تتشابه إلى حد كبير مع مرض شلل الأطفال، الأمر الذي يدفع الأطباء إلى تصنيف المصابين بحسب الفئات العمرية: أطفال أقل من 15 سنة، وفئة أكبر من ذلك، وكبار السن. وبيّن أن الأكثر عرضة للإصابة هم الأطفال دون سن الخامسة.
واعتبر أن تسجيل 45 حالة إصابة خلال الشهرين الماضيين، إلى جانب إعلان ثلاث وفيات، في حين كانت الحالات لا تتجاوز خمسًا سنويًا في السابق، يُشكل ناقوس خطر يتطلب تسريع إدخال العلاج الفوري للمصابين.
وأكد أبو رحمة أن قطاع غزة يعاني من نقص شديد في الأدوية الضرورية لعلاج المرض، ومن أبرزها “بلازما فوريسس” والغلوبين المناعي الوريدي، وهو علاج يُستخدم لتعزيز الجهاز المناعي في حالات نقص المناعة أو الالتهابات الحادة.
وأضاف: “إذا لم تتحسن الظروف خلال وقت قريب، سنواجه تصاعدًا مقلقًا في عدد الحالات، سواء لهذه المتلازمة أو لأمراض أخرى”.
وأشار إلى أن الفيروسات المُصابة للجهاز التنفسي، والبكتيريا المُصابة للجهاز الهضمي والتي تُسبب الإسهال لدى الأطفال، تنتشر بكثرة بفعل التلوث، ما يجعل جميع الظروف في غزة مواتية لانتشار هذا المرض.
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت، أمس الاثنين 4 آب/ أغسطس، تسجيل ثلاث وفيات بين المصابين بمتلازمة “غيلان باريه”، بعد رصد 45 حالة شلل رخو حاد خلال الشهرين الماضيين.
وأوضحت الوزارة حينها أن هذه الحالات قد تكون ناتجة عن شلل أطفال أو المتلازمة نفسها، نظرًا لصعوبة التشخيص الدقيق بسبب غياب الأدوات التشخيصية اللازمة.