“غُيومُ البَراءاتِ البَعيدَةِ”.. شعر: صالح أحمد كناعنة
الغَيمُ أَعلَقُ بِالدُّروبِ مِنَ الصَّدَى
واللَّيلُ أَحْضَنُ لِلجُروحِ مِنَ الأَنين
…….
في قَلبِ هَذا اللَّيلِ أَنفاسٌ وَنَبضٌ…
تَستَدِرُّ دُموعَ أَرواحٍ تَعانَقَ وُدُّها
وَتُسِرُّ لِلأَعماقِ: أَن كوني لِفَيضِ مَواجِعي بِئرًا
وَضُمّي لَوعَتي صَبرًا عَلى صَبرٍ لِيَذكُرَني الحَنين
…….
في لَيلِ مَنفانا الطّويلِ تُغافِلُ الأَحزانُ سَكرَتَها
ويَغدو الأُفْقُ أَضيَقَ مِن أَنينِ القَلبِ في البَردِ الأَليفِ،
وَصبرُهُ؛ ذاكَ القَريبُ مِنَ البَراءَاتِ؛
البَعيدُ على النِّداءاتِ التي…
كَم أَقفَرَت مِن بَعدِ ما؛ أَو مِثلَما؛ قَد أَزهَرَت
وَتَزاوَجَت فيها عَلى المَضضِ السِّنين
…….
تَصحو، ولا تَصحو المَواسِمُ، عُمرُها
صُوَرٌ تَداخَلَ طَيفُها ضوءً فعتمًا…
وَالصّدَى رَملٌ،
وَأُمنِيَةٌ تَنامُ،
فِراشُها كَتِفُ الزَّمانِ المُستَفيضُ تَراخِيًا وتَذابُلًا
والصَّوتُ أَنفاسٌ سَباها الوَعدُ فانطَلَقَت بِبَردِ جُنونِها
تَحمي الجُنونَ مِنَ الجُنون
…….
يَصحو النَّهارُ لِكَي يُفَسِّرَ مَوتَهُ فينا، وَيَمضي،
مِثلَما
نَمضي لِحِضنِ العَتمِ،
حِضنِ الصّمتِ،
سِرِّ المَوتِ…
لا…
لا شَيءَ يُشبِهُ ما نَرى!
أَو ما نُخَبِّئُ حُلمَنا خَوفَ الغُموضِ بِمُقلَتَيهِ،
وَنَلتَجي للصَّمتِ سِرًّا، كي نُفسِّرَ سِرّنا
صَمتًا، ولا يَلِدُ الغُموضُ سوى الظُّنون