هناك رواية شهيرة في العراق العريق اسمها جلجامش ويقال أنها أول رواية كتبت في تاريخ البشرية، وبإيجاز هي تحكي قصة البشر قبل الميلاد الذين كانوا يعبدون آلهة وثنية متعددة وفي كثير من الأحيان يصور لهم الشيطان أن هذه الآلهة تتحارب في السماء وبالتبعية كل فرقة تتحزب لإلهها ويتحاربون على الأرض لأماد بعيدة، ولأن عدو الإنسان اللدود منذ آدم هو الشيطان وهو من المنظرين وله ذرية، الكفار من الجن هم ذريته ومن الجن مؤمنون أيضا فهم أمم أمثالنا، والشيطان وذريته مازالوا يغوون بني آدم وقد بلغوا من الكبر أن جعلوا بني آدم الموغلين في المعاصي يعبدونهم وبذلك أصبح من بيننا شياطين للإنس يعبدون شياطين الجن وهؤلاء وتلكم لا يرضون أن يكونوا أقل من آلهة تعبد من دون الله، وهذه هي حكومة العالم الخفية فالذين يحكمون الأرض أناس آخرون غير الذين نراهم أو نعرفهم، وهؤلاء يتعاملون مع سكان هذا الكوكب على أنهم آلهة فعليا وليس مجازا وهم في الوقت نفسه عباد للشيطان وهذا الأخير لكي يرضى عنهم لابد أن يقدموا له قرابين بشرية يتقربون إليه زلفا بها خاصة الذين لم يقدر عليهم الشيطان ومازالوا عبادا لله، ومع كيدهم الذي لا يتوقف فإن الله هو الذي يدير هذا الكوكب وكل الأنوف راغمة.
{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)} الطارق
لذا فالحرب الدائرة الآن هي من صنع «الآلهة التي تتحارب» وتجعل من البشر وقود نيرانها، والآلهة لا تتحزب من أجل إيران والكيان الغاصب لفلسطين وإنما تريد نقل الثقل والقيادة من أمريكا إلى دولة أخرى وربما عدة دول، يريدون إطفاء قناديل الغرب ليوقدوها في الشرق، فيتحقق حلم الصين لتقف كتفا بكتف بجانب روسيا في الوقت نفسه تطفئ مشعل الهداية الوحيد على الأرض الآن «الإسلام» كما توعدنا الشيطان
{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16)} الأعراف
فيحدثوا فتنة بين المؤيدين للمقاومة في غزة لينقسموا على أنفسهم ما بين مؤيد ومعارض لإيران وتحرج غزة التي ولاها السنة ظهرهم لأنهم مقرنين في الأصفاد وتنضوي تحت راية إيران التي أمدتهم بما غلت به أيدي السنة، فلا يفوتهم وضعنا في مربع التنابذ بالألقاب بين الشيعة والسنة فلا نتطرق لما هو أبعد من ذلك.
وحتى لا أشارك في هذه البلبلة، نؤيد إيران أو لا نؤيدها فلا يغيب عنا قول ربنا عز وجل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} النساء
ردوه إلى الله ورسوله تعني أن تضع من تريد تقييمه على ميزان الإيمان بمعنى:
في ضوء كم الاغتيالات التي حدثت داخل الدولة الإيرانية بدءا من رئيسهم وإسماعيل هنية وغيرهم من القيادات وما قيل عن كونهم مخترقين من الموساد، والحقيقة أن هذه الأحداث تشير إلى أنهم ليسوا مخترقين وإنما ينامون مع الكيان الغاصب لفلسطين في سرير واحد،
في تسعينيات القرن الماضي نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت أنه يوجد استثمارات إسرائيلية داخل إيران بقيمة ثلاثين مليار دولار، وفي نفس الصحيفة ذكرت أنه يوجد علاقات تجارية بين مائتي شركة إسرائيلية وإيران في الوقت الذي يسب القادة السياسيون والدينيون إسرائيل ويتوعدونها بالويل والثبور في خطابهم الرسمي.
وماذا عن الحرب المستعرة الآن؟ نعود إلى «الآلهة التي تتحارب» فلكل منا دولا وأفراد مقامه وحجمه لديهم ومساحته التي لا ينبغي أن يتخطاها ويبدو أن إيران تخطت هذه المساحة فلابد من تقليم أظافرها لتعود إلى حجمها الطبيعي وإثارة نعرة الشيعة والسنة لإضعاف الكل بيد الكل تمهيدا للانقضاض علينا حتى يتم سحقنا تماما لإقامة مملكة داوود بقيادة الشرذمة القابضة على فلسطين فلا يكون هناك ذكر لأي دولة تحت أي مسمى سوى دولتهم.
وهذا الذي يظهر لنا من الصراع القائم من الحرب بين اليهود والإيرانيين ينبئ بأنه خلاف محتدم لأن إيران تخطت حدودها وبذلك فإن إيران ساعدت المقاومة في غزة لتقول للكيان الغاصب لفلسطين «نحن هنا» وقد صرح نائب الرئيس الإيراني بأنهم ساعدوا المقاومة في غزة من أجل مصالحهم الاستراتيجية.
وليس من أجل تحرير فلسطين ولا المسجد الأقصى (الذي هو عندهم في السماء الرابعة) ولا أي ثوابت دينية من تلك التي نعتقدها، بل إن عقيدتهم مختلفة تماما عنا ومناهضة لنا كسنة واقرأوا ما شئتم من مؤلفات الخميني لتفجعكم الأهوال خاصة كتابيه «تحرير الوسيلة، كشف الأسرار» وقد سبق أن تناولت العقيدة الباطنية في سلسلة مقالات فأزالوا بعضها من الشبكة العنكبوتية وبعضهم حظرني وبعضهم سبني.
كنائس اليهود في طهران مائتي معبد يهودي ولا يوجد مسجد واحد للسنة الذين يتخطى تعدادهم 25 مليون مسلم سني، وعدد اليهود ثلاثين ألف يهودي وهم على تواصل تام بأقاربهم في الكيان المغتصب لفلسطين، وكبار الحاخامات داخل الكيان هم إيرانيون ذوي الكلمة المسموعة في المؤسسات الدينية والسياسية داخل الكيان، وزير الدفاع الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز يحمل الجنسية الإيرانية من يهود أصفهان والرئيس الإسرائيلي موتشيه كاتساف إيراني الجنسية وكانت تربطه علاقات حميمية بالرئيس الإيراني أحمدي نجاد والخامنئي وقادة الحرس الثوري، وثلثي الجيش الإسرائيلي من يهود إيران ومازالوا يحملون الجنسية الإيرانية وإيران تتعامل معهم على أنهم مهاجرون، عندما ترشح أحمدي نجاد مرة أخرى رفض فصرح بأن رئيس مكافحة التجسس لصالح إسرائيل كان جاسوسا لإسرائيل، فلماذا نستغرب ما حدث لهم، ولا غرو فالذي سيتبع المسيخ الدجال هم سبعون ألفا من يهود أصفهان كما ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم، أما تصريح بول بريمر الحاكم العسكري الأمريكي للعراق قال نصا إن هدفنا إنهاء حكم الإسلام السني في العالم الإسلامي لصالح الشيعة.
وقد صرحت رابطة علماء المسلمين محذرة السنة من الاصطفاف مع أحد هذين العدويين (إسرائيل وإيران)
قد يقول قائل أنني عدت لمربع الشيعة والسنة التي وضعتنا فيه الآلهة المتحاربة، بالقطع لا حتى عندما تناولت عقيدتهم كان من باب (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) خاصة وأنهم في الأصل كانوا سنة، وليس مطلوب منا التحزب للكيان أو لإيران رغم سعادتي بالتنكيل بهذه الشرذمة القابضة على فلسطين ولكن ماذا لو انتصر الكيان فهذه هي الطامة الكبرى فإنهم سيسوقونا بالعصا، وماذا لو انتصرت إيران وهذه أيضا نائبة النوائب لأنهم سيشيعون بلدننا جبرا وقصرا بمشروعهم الصفوي القائم، وكل من لديه بصيرة يرى تسللهم الناعم لمصر وقد ناقشت روايات لكتاب مصريين يشيعون التشيع وأنا على يقين من أن من كتب ذلك هو شيعي حقا وحقيقة وقد واجهتهم بذلك وأنهم ينشرون التشيع من خلال التصوف وحب آل البيت والزهد.
ولا ننسى ما فعله الشيعة بالعراق التي سلموها لأمريكا فأقامت للسنة سجن أبو غريب بأهواله وما فعلوه بلبنان واليمن وأفغانستان وأخيرا سوريا فهم من ساعدوا بشار في إجرامه المعلن بالبراميل المتفجرة تجاه مسلمي السنة وتفريغ أحياء كاملة من السنة لإسكان شيعة من بلدان أخرى فيها وحشر السنة بإدلب، أما ما لن أنساه ما حييت فهو السؤال الذي وجه لشيخ بقناة صفا الفضائية عام 2017 كان السوريون يتصلون بالشيخ يسألونه نصا:
الآن داخل علينا بالحي شبيحة بشار مع شيعة من بلدان أخرى ويقومون باغتصاب النساء وقتل الرجال فماذا أفعل هل أقتلهن بيدي أم أدعهن يلقون بأنفسهم من على أسطح البيوت؟ وهل هذا يعد انتحار؟
أنا أوضح صورة ولا أحرض على أحد، قد يقول قائل جيراني من الشيعة ولا يسبون الصحابة ولا يبيحون زواج المتعة، بالطبع منهم أفاضل كثر ويعتقدون وهم ما هم عليه أنهم مسلمون ولكن أنا أوضح صميم عقيدتهم وقاداتهم الدينية والسياسية وما يفعلوه بنا لو تمكنوا منا، لكن العوام وفي إيران نفسها منهم من لا يرضيه ذلك بالقطع.
ما هو المطلوب منا؟
لا تسمحوا لأحد أن يمسكنا من يدنا التي توجعنا، القضية الفلسطينية قضية المسلمين أجمع، عودوا إلى دينكم وقرآنكم المهجور، نحن على أعتاب الحرب العالمية الثالثة والفتن ستلتهم كل متهاون، والوقوع في فتنة الميل إلى الكيان أو إيران لطمة إلهية لتنظيف الصف، وما النصر إلا من عند الله، ولكي نحظى بالنصر لابد أن نكون عبادا له، عباد ربانيون، فلا نميل إلى منافق أو عدو صريح، ربنا هو أغنى الشركاء عن الشرك كما قال في الحديث القدسي:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال الله تبارك وتعالى:
(أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)
رواه مسلم، وفي رواية ابن ماجه: (فأنا منه بريء وهو للذي أشرك)
في اشتداد الأزمات نقول يا رب منزهين إياه عن كل شريك فهو وحده في معتقدنا الضار والنافع بيده نواصي كل شيء ولا لبس ولا شك لدى مسلمي السنة في ذلك، والله إنها لفتنة أشد مما تفعله بنا أمريكا وإسرائيل، الفتنة في الدين عياذا بالله.
والشيعة يقولون يا علي ويا لثارات الحسين ولديهم مصحف فاطمة، لديهم عبادة المراقد والحسينيات وأقوال أئمتهم الإثنى عشر مقدمة على القرآن نفسه، العلويين في سوريا بعد حرب 1967 أرسلوا رسالة لوزير خارجية فرنسا وسبق وأن عرضتها يقولون فيها نحن من ساعدنا اليهود ليحتلوا الجولان لأننا لسنا مسلمين ولا علاقة لنا بالإسلام واليهود هم الأقرب إلينا.
الآلهة التي تتحارب تريد الانقضاض على إسلام السنة والمرحلة التي تلي “مربع الشيعة والسنة” هي مرحلة تصارع الأيدولوجيات داخل البلد الواحد للإلهاء عنهم والانشغال ببعضنا البعض فنتآكل من داخلنا دون تدخل مرئي منهم فيسهل عليهم فعل ما يريدون بنا دون مقاومة تذكر منا، الدين المهمل والمهمش والمسفه والمسبوب من كل تكويني مبدع لأنه “مبدع” الدين الذي نقضناه عروة عروة واتبعناهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، الإسلام الذي يذبح آلاف المرات على مدار الساعة في إعلام الرايات الحمر هو آخر حائط صد لنا يحمينا من السقوط والذلل لو سقط سقطنا جميعا إلى غير عودة وهو رهان الآلهة المتحاربة في الحرب العالمية الثالثة.
