انفرادات وترجمات

فايننشيال تايمز : هل ينهي اغتيال نصر الله نفوذ إيران في المنطقة ؟

قالت صحيفة “الفايننشيال تايمز ” أن اغتيال إسرائيل لنصر الله يوم الجمعة لم يكن مجرد ضربة كارثية لحزب الله، بل كان أيضًا ضربة مدمرة لراعيه الرئيسي: إيران. لثلاثة عقود، اعتمدت طهران على نصر الله وحركته كركيزة أساسية في استراتيجيتها للأمن الإقليمي والردع — الخط الأمامي في حرب الظل الطويلة مع إسرائيل.

قال مسئول إيراني وفقا للصحيفة البريطانية إن آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران وصانع القرار النهائي، اعتبر نصر الله «ابنًا له».

قال المسئول: “إنها ضربة كبيرة لإيران، سواء من الناحية التكتيكية أو الاستراتيجية – فقدان شخصية كانت تحظى بثقة مطلقة من المرشد الأعلى».

وأضاف: “هذا لا يعني أن حزب الله انتهى… ولكنه يعني أن استعادة الثقة ستستغرق وقتًا طويلاً. لم يكن قادة آخرون في حزب الله قريبين من المرشد الأعلى كما كان نصر الله. في المدى القصير، إنها ضربة كبيرة للمقاومة بأكملها”».

مأزق خامنئي

وقال محللون إيرانيون إن الجمهورية لن تتخلى عن استراتيجيتها باستخدام القوات الوكيلة في جميع أنحاء المنطقة، رغم هذه الانتكاسة حيث  اعتمدت إيران على الجماعات المسلحة الإقليمية منذ حربها في الثمانينيات مع العراق، بعد أن أدركت أنها تفتقر إلى القوة النارية التقليدية للدفاع عن نفسها ضد أعدائها، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة.

بعد أسوأ أسبوعين في تاريخ حزب الله، كان الاتجاه في طهران هو إعادة التنظيم بدلًا من التصعيد إذ  قال المسئول الإيراني إن إيران أرادت تهدئة أي تصور بأنها ضعفت، وأرادت بدلاً من ذلك إظهار أن «كل شيء تحت السيطرة».

وأضاف محمد علي أبطحي، نائب رئيس إصلاحي سابق “محمد خاتمي “: “تنظر طهران إلى هذا على أنه حلقة صعبة أخرى في صراع أوسع يجب أن يستمر».

وأضاف: «قد تتوقف إيران وحزب الله عن العمل في الوقت الحالي لتجنب تصعيد الصراع، لكن لا ينبغي النظر إلى هذا على أنه تراجع طويل الأمد أو تغيير في الاستراتيجية».

فيما أعرب المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، يوم الأحد، عن قلقه من رد إيراني محتمل، قائلاً إن الخطاب الصادر من إيران «يوحي بالتأكيد بأنهم سيحاولون القيام بشيء ما».

قال خامنئي: «لقد فقد حزب الله قائدًا فريدًا، لكن الأسس التي وضعها في لبنان وقدمها لمراكز المقاومة الأخرى لن تختفي بفقدانه، بل ستزداد قوة بفضل دمائه ودماء الشهداء الآخرين».

وعلى مدى العام الماضي، أوضحت طهران أنها لا ترغب في الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، حتى مع تصاعد الأعمال العدائية، خشية أن تنجر إلى ما وصفه المسؤولون الإيرانيون بـ«الفخ».

قال سياسي إصلاحي إيراني بارز: «لقد وصلنا إلى مرحلة لا يمكن فيها للصواريخ أو الطائرات المسيرة أو القوات الوكيلة أن تردع إسرائيل بشكل فعال، والتي تتمتع بتكنولوجيا متقدمة ودعم مالي ثابت من الولايات المتحدة».

وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية :يبدو أن تردد طهران قد يكون له تكلفة سياسية كبيرة. باعتبارها الزعيمة المعلنة للحركات المناهضة لإسرائيل في العالم الإسلامي، تواجه الحكومة الإيرانية ضغوطًا متزايدة للتحرك.

في لبنان، يتزايد الغضب تجاه إيران. وسائل التواصل الاجتماعي مليئة بالمنشورات التي تتهم النظام بالخيانة لعدم الرد بسرعة على مقتل نصر الله.

«بل أن إيران ستصبح رمزًا للخيانة في التاريخ، مثل يهوذا وبروتوس»، جاء في إحدى المنشورات التي انتشرت على نطاق واسع.

من بين التحديات التي تواجه إيران حقيقة أن بزشكيان، أول رئيس إصلاحي لإيران منذ عقدين، يسعى لتخفيف التوترات مع الولايات المتحدة والتفاوض بشأن برنامجها النووي من أجل تأمين تخفيف العقوبات.

ولكن من المهم الإشارة إلي أن أي تقارب مع الغرب، والذي من شأنه أن يخفف من الصعوبات الاقتصادية الكبيرة، يصبح أكثر تعقيدًا مع كل تصعيد.

قال أحد المحللين السياسيين في طهران: «إيران، التي أضعفتها العقوبات الأمريكية، لا تستطيع تحمل حرب مع إسرائيل». وأضاف: «هذا بالضبط ما تحاول إسرائيل فعله؛ جر إيران إلى الحرب».

يأتي هذا في الوقت الذي أثار خطر توجه إسرائيل بأنظارها إلى الجمهورية الإسلامية مخاوف في طهران. كما يخشى الإيرانيون من أن تكون استراتيجية نتنياهو هي تعطيل أي فرصة لواشنطن للتعامل مع إيران، بينما تسعى إلى جر الولايات المتحدة إلى حرب ضد الجمهورية الإسلامية.

من جانبه حذر محسن رضائي، القائد السابق في الحرس الثوري، يوم السبت قائلاً: «قد تهاجم عصابة نتنياهو الإجرامية والعنصرية إيران».

في الوقت الحالي، يبدو أن الجمهورية عازمة على اتباع سياسة ضبط النفس، وتجنب الاشتباكات المباشرة، مع احتمال استخدام جماعات مسلحة أخرى مثل الحوثيين لمهاجمة إسرائيل والولايات المتحدة. وأضاف السياسي الإصلاحي البارز: «لقد زعزع الحوثيون بالفعل طرق الشحن في البحر الأحمر».

وطرحت الصحيفة البريطانية تساؤلا مفاده كما يمكن توقع أن إيران ستساعد حزب الله بصبر في إعادة البناء، على أمل أن ترشده خلال أصعب فترة منذ تأسيسه. لكن فقدان قائد الجماعة وقادة كبار آخرين قد يؤدي إلى تطرف أكبر لحزب الله.

وأضاف أبطحي: «حزب الله بعد نصر الله قد لا يتبع نفس الحسابات والسياسات». وأضاف: «على العكس، يمكن أن يصبح أكثر تطرفًا». وزاد أيضًا: «هذا ليس نهاية لحزب الله أو نفوذ إيران في المنطقة»..

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى